رئيس صندوق المواطنة: عزوف كبير من المواطن على التبرع لفائدة الصندوق وغياب واضح للدعم الحكومي

بلغت قيمة التبرعات لفائدة صندوق المواطنة منذ إعلان محافظ البنك المركزي التونسي عن إحداث هذه الآلية وإلى حد الآن حوالي 1مليون 38 ألف دينار ويترجم هذا المبلغ المتواضع العديد من الاستنتاجات لعلّ أبرزها أن التونسي لم …



رئيس صندوق المواطنة: عزوف كبير من المواطن على التبرع لفائدة الصندوق وغياب واضح للدعم الحكومي

 

بلغت قيمة التبرعات لفائدة صندوق المواطنة منذ إعلان محافظ البنك المركزي التونسي عن إحداث هذه الآلية وإلى حد الآن حوالي 1مليون 38 ألف دينار ويترجم هذا المبلغ المتواضع العديد من الاستنتاجات لعلّ أبرزها أن التونسي لم يعد له الثقة في مثل هذه الصناديق التي تُذكّره بالصندوق الوطني للتضامن 26/26 وما قام به النظام السابق من تحويل لموارده كما لم يقع تسجيل رغبة سياسية كبيرة من الحكومة الفارطة لدعم هذا الهيكل الجديد باعتبار أنه تمت المحافظة على صندوق التضامن الوطني.

 

كما أن الحكومة الجديدة تعتزم إحداث صندوق الزكاة مع تواضع الإطار البشري العامل بالصندوق الذي يضم سوى 4 شخصيات مستقلة وخبيران من دائرة المحاسبات وكاتبة تعمل بالمكتب الذي خصّصة البنك المركزي للنقر الاجتماعي لصندوق المواطنة.

 

كلها عوامل مباشرة وغير مباشرة من شانها أن تجعل مآل الصندوق الاضمحلال ويدخل طي النسيان بمرور الوقت وفق ما أكده الدكتور سعد الدين الزمرلي رئيس صندوق المواطنة الذي خصّ المصدر بحوار حول هذا الهيكل الذي غاب عن الساحة الإعلامية ولم نسمع عن أنشطته.

 

وفي الواقع أن الأمر الذي دفعنا لتسليط الأضواء على أعماله وإنجازاته ما تمر به ولايات الشمال الغربي من ظروف عصيبة جراء تهاطل الثلوج إذ أن صندوق المواطنة كان الغائب الحاضر الكبير عن  المدّ التضامني والمفروض أن يكون في طليعة القوى الحية والهياكل الفاعلة في مثل هذه الظروف والمحن.

 

الصندوق شارك في مساعدة المناطق المتضررة من موجة البرد

 

أوضح محدثنا ردّا عن سؤالنا بخصوص عدم ظهور صندوق المواطنة ومساهمته في المد التضامني ومساعدة المواطنين العالقين ببعض مناطق الشمال الغربي بالشكل المطلوب، أن الصندوق اختار أن تكون مشاركته من خلال توزيع أجهزة تدفئة إذ قام خلال الفترة الممتدة بين  6 و8 فيفري الجاري بتنظيم قافلات إعانة تتمثل في توزيع حوالي 600 جهاز تدفئة مجهز بقارورة غاز مع ضمان عناصر السلامة لهذه الأجهزة.

 

وأشار إلى أن هذه المساعدات توجهت نحو ولايات جندوبة والقصرين وزغوان والكاف وسليانة مؤكدا أن صندوق المواطنة اتخذ هذا القرار بطريقة استعجاليه لعدم إضاعة الوقت ملاحظا أن 600 عائلة تونسية في هذه المناطق انتفعت بأجهزة التدفئة بمعدل 120 جهاز لكل ولاية.

 

وبينّ أن المساعدات تمّ توزيعها عن طريق الجمعيات التنموية ومنظمات المجتمع المدني كما أن قيمة المساعدات بلغت 182 ألف دينار وشدد الدكتور الزمرلي من جهة أخرى على أن الصندوق سيتولى في مرحلة لاحقة بطرقه الخاصة متابعة وصول المساعدات إلى مستحقيها.

 

وأبرز أنه رغم الإمكانيات المتواضعة فقد حرص الصندوق على المشاركة في المد التضامني ومساعدة الجهات التي تعاني من موجة البرد ونزول الثلوج بكميات هامة. موضحا أنه في صورة تواصل موجة البرد فإن الصندوق يعتزم مواصلة التجربة.

 

عزوف عن التبرع للصندوق

 

في إجابة على تساؤلنا بخصوص تواضع قيمة التبرعات التي بلغت 1 مليون دينار و38 ألف دينار إلى حد الآن والأسباب المباشرة التي جعلت صندوق المواطنة لا يجمع تبرعات أرفع وأكبر من المبلغ المذكور، ذكّر الدكتور سعد الدين الزمرلي أنه تم إنشاء "صندوق المواطنة111"  طبقا للمرسوم عدد 12 لسنة 2011 المؤرخ في 12 مارس 2011 وتتمثل مهمة الصندوق في جمع التبرعات المقدمة من قبل كل شخص طبيعي أو معنوي بهدف استعمالها بصفة مباشرة أو عن طريق الجمعيات في تمويل مشاريع المصلحة العامة ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وذلك بالأساس في المناطق والجهات المحرومة.

 

وشدد على أن الصندوق لا ينتمي إلى أيّ صنف من المؤسسات الموجودة ولا يخضع إلى أي جهة إدارية فهو مستقل من الناحية القانونية ويتمتع بالشخصية المعنوية وتديره لجنة تصرف.

 

وبالرغم من كل الضمانات التي تؤمن الاستقلالية والحياد عن كل الأطراف السياسية والحكومية إلاّ أن ما عرفه صندوق التضامن الوطني 26/26 من فساد إداري ومالي في عهد الرئيس السابق جعل المواطنين يحترزون أكثر من مثل هذه الصناديق وتم تسجيل نوع من العزوف عن التبرع لفائدة الصندوق من منطلق الهاجس والحيطة اللذين طبعا سلوك المواطن.

 

وأفاد أنه تم إرسال أكثر من 300 بريد إلكتروني إلى أغلب المؤسسات الاقتصادية للمساهمة في التبرع لفائدة الصندوق غير أن النتيجة كانت سلبية ولم يحصل التجاوب المطلوب.

 

غياب الدعم الحكومي

 

وعن علاقة صندوق المواطنة بحكومة السبسي والجبالي من حيث الدعم والمساندة أبرز الدكتور الزمرلي أنه في ما يخص رئيس الحكومة السابق أوضح انه اتصل به شخصيا طالبا منه مساندة الصندوق خاصة على مستوى التعريف به وحفز المواطنين على التبرع لفائدته حتى يقوم بالمهمة التي أحدث لأجلها غير أنه لم يولي الموضوع أهمية كبرى مشيرا إلى انه عوض حلّ الصندوق التضامن الوطني ومحو الصورة السلبية التي علقت به تمت المحافظة عليه.

 

أما بالنسبة إلى حكومة الجبالي فهي تعتزم إحداث صندوق للزكاة وما سيرافقه من عمليات تبرع لهذا الصندوق وتوظيف أموال الزكاة في تونس لأغراض اجتماعية وإنسانية معتبرا أن هذه الصناديق إيجابية وعلى غاية من الأهمية غير أنها قد تعيق صندوق المواطنة على مواصلة عمله على الوجه الأكمل والأفضل.

 

برامج سنة 2012

 

وبخصوص برامج الصندوق في سنة 2012 قال محدثنا إنه سيعمل على مزيد التعريف به على أوسع نطاق من خلال تنظيم  لقاءات صحفية دورية للتعريف بإنجازاته وطبع نشريات ومطويات تحمل أهداف الصندوق وبرامجه.

 

كما يعتزم الصندوق مواصلة تنفيذ البرنامجين اللذين شرع في تجسيمهما منذ السنة الفارطة ويتمثل المشروع الأول في تجهيز 636 مركزا للصحة الأساسية (المستوصفات) في مناطق ريفية تنتمي لولايات القصرين وسيدي بوزيد وقفصة وقبلي وتطاوين وجندوبة والكاف وسليانة والقيروان حيث سيقع تجهيز هذه المراكز بالمعدات الصحية (ميزان الأطفال ومقياس القامة وثلاجات لحفظ التلاقيح ومقياس ضغط الدم…) بمعدل كلفة 700 دينار لكل مركز.

 

إلى جانب تجهير 132 مركز للصحة الأساسية بالمناطق الحضرية بمعدل 1025 دينار لكل مركز.

 

أمّا المشروع الثاني فيتمثل في المشاركة مع جمعية همزة وصل في إطار مبادرة "مدرستي" فقد قررت لجنة التصرف في الصندوق التكفل بتجهيز 18 مدرسة ابتدائية منها 7 في ولاية القصرين و4 في ولاية قفصة و3 في ولاية الكاف و4 في ولايات قابس وقبلي وسليانة.

 

ومن البرامج الأخرى التي يفكر الصندوق في إطلاقها خلال هذه السنة التفكير في تمويل عمليات تكوين لفائدة الفلاحين في جهة ماطر على الفلاحة البيولوجية والبيئية بالتركيز على تربية الأبقار بالطرق البيولوجية.

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.