مجابهة تحيّل 27 ألف شركة تونسية مطالبة بدفع ديون جبائية بقيمة 300 مليون دينار

تضمّن مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2012 الذي أقرتها الحكومة مطلع هذا الأسبوع وفي انتظار عرضه على المجلس الوطني التأسيسي للنقاش والمصادقة، إجراءا جبائيا يهدف إلى مجابهة أعمال التحّيل في مادة استخلاص …



مجابهة تحيّل 27 ألف شركة تونسية مطالبة بدفع ديون جبائية بقيمة 300 مليون دينار

 

تضمّن مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2012 الذي أقرتها الحكومة مطلع هذا الأسبوع وفي انتظار عرضه على المجلس الوطني التأسيسي للنقاش والمصادقة، إجراءا جبائيا يهدف إلى مجابهة أعمال التحّيل في مادة استخلاص الديون الراجعة للدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية الخاضعة ميزانيتها وتصرفها المالي والمحاسبي إلى أحكام كل من القانون الأساسي للميزانية ومجلة المحاسبة العمومية.

 

وتعرض المشروع إلى بعض أنواع التحّيل التي تمارسها بعض المؤسسات والشركات التجارية كما كشفت وثيقة المشروع عن رقم مفزع حول التهرب من هذه العملية بالنسبة إلى الديـون الجبائيـة مثلا إذ  أن عددا هاما منها ينـاهز مبلغـه 300 مليون دينـار و مستوجبا على ما يقارب  27000شركة تجارية.

 

وبينت الوثيقة أن استقلالية الشركات عن شخصية مسيّريها أو مؤسّسيها و غيرهم من الأشخاص الذين ساهموا في إحداثها، غالبا ما تجعل من استخلاص الديون العمومية المُتخلّدة بذمتها أمرا صعبا، لأنه إذا ما تبين أن أصولها، أي الجانب الايجابي من ذمتها المالية، غير كافية لتغطية كلّ الديون المستحقة عليها لفــائدة الدولة أو جماعة محلية أو مؤسسة عمومية خاضعة لأحكام مجلة المحاسبة العمومية فإن استقلاليته تحول دون أن يواصل المحاسب العمومي إجراءات استخلاص تلك الديون ضدّ مسيّريها أو مؤسّسيها أو الشركاء فيها.

 

هذا وتبين أنه يتم في بعض الأحيان إحداث شركات بصفة صورية ليكونوا بمثابة ستارا يخفي إمّا مؤسسات فردية، يحرص مسيّروها، قبل كل شيء، على وضع مكاسبهم في منأى عن تتبعات دائنيهم، أو أنشطة تديرها شركات أخرى تمثل، بالرغم من الشكل الذي تتخذه، تجزئة للشركات المذكورة في المقام الأول  وتساهم في إنجاز نفس الأهداف.

 

هذا بالإضافة إلى الأعمال التي يلجأ إليها مسيّرو الشركات لتنظيم إعسارها أو الزيادة فيه، منها بالخصوص بيع مكاسب الشركات إلى الغير خلال فترة المراجعة الجبائية أو فور انطلاق التتبعات الأولى الرامية إلى استخلاص الدين الموظف عليها وذلك بسرعة.                                                                                                   

و بيع مال تسهل عقلته و استبداله بآخر يسهل إخفاؤه؛ أو هبة مال إلى أحد أقرباء مسيّر الشركة؛ إلى جانب حلّ الشركة أو تخفيف نشاطها (mise en veilleuse ) يليه إحداث شركة أخرى بين نفس الشركاء، أو البعض منهم، لها نفس الموضوع.

 

و في مثل هذه الحالات تصبح الشركة أداة ممتازة للتحيّّل بهدف التملّص من الوفاء بالتزاماتها تجاه الهيئات العمومية الخاضعة إلى مجلة المحاسبة العمومية، الأمر الذي يفسّر، بالنسبة إلى الديـون الجبائيـة مثلا، أن عددا هاما منها ينـاهز مبلغـه 300 مليون دينـار و مستوجبا على ما يقارب  27000شركة تجارية، بقي دون استخلاص منذ أكثر من خمس سنوات رغم التتبعات التي قام بها قُباّض المالية لتدارك هذه الوضعية.

 

ولا شكّ أنه في بعض الوضعيات الخاصة قد أقر التشريع الجاري به العمل، و خاصة منه التشريع التجاري، تحميل ديون الشخص المعنوي على الشركاء فيه أو مسيّره، وذلك إما بحكم القانون، كما هو الشأن بالنسبة للشركاء في شركات المفاوضة والشركاء المقارضين بالعمل في شركات المقارضة البسيطة أو في شركات المقارضة بالأسهم، أو قضائيا كما هو الحال بالنسبة إلى مسيّري الشركات إذا ما أبرز تفليسها أو تسويتها القضائية عجزا في أصولها.

 

غير أن تحميل الشركاء أو مسيّري الشركات مثل هذه المسؤولية يبقى منحصرا في صور خاصة، الأمر الذي يحول دون أن تتصدى الخزينة في جميع الحالات لأعمال التحيّل التي يقدم عليها مسيّرو الشركات تهربّا من الوفاء بالتزاماتها.         

 

لذلك واستئناسا بالتشريع المُقارن وخاصة منه الفرنسي والجزائري  والمغـربـي ، اقترح مشروع قانون المالية التكميلي لهذا العام و لمجابهة هذه الظاهرة، تحميل مسيّري الشركات المسؤولية التضامنية عن تسديد الديـون العمومية المستحقة عليها إذا مـا تعذر استخلاصها من مكاسبها من جرّاء أعمال تحيّل، و ذلك بمقتضى حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بناء على دعوى مرفوعة من قبل المحاسب العمومي المكلف بالاستخلاص مع إمكانية أخذ تدابير تحفظية على مكاسبهم في اتجاه ضمان استخلاص الديون. 

 

وفي ما يلي تفاصيل عن فحوى الفصول التي تعرضت إلى هذا الأجراء الجديد

الفصــل 47 :

 

يضاف إلى مجلة المحاسبة العمومية فصل 28 سابعا هذا نصه:

 

الفصل 28 سابعا :

 

إذا تعذّر استخـلاص الديــون الراجعة إلــى الهيئــات العمـوميــة الخاضعــة لأحكــام هـــذه المجلـة و المستحقة بذمة شخص معنوي تبعا لأعمال تحيّل قام بها مسيّره أو مسيّروه، فإنه يمكن تحميل هؤلاء المسؤولي
ة التضامنية في تسديد تلك الديــون.

 

ولهذا الغرض، يقوم المحاسب العمومي المكلف بالاستخلاص، وفقا لمقتضيات مجلة المرافعات المدنية والتجارية و دون ضرورة اللجوء إلى الاستعانة بمحام،  برفع دعوى ضد المسيّر أو المسيّرين المعنيين أمام المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرتها مركزه المحاسبي.

 

غير أنه و ضمانا لاستخلاص الديون المشار إليها أعلاه، يجوز للمحاسب العمومي اتخاذ تدابير تحفظية على مكاسب مسيّر أو مسيّري الشخص المعنوي. ولا تفقد هذه التدابير آثارها إلا إذا أصبح القرار القضائي القاضي برفض طلب المحاسب العمومي باتا أو خلاص الديون المستحقة في ذمة الشخص المعنوي.

 

وتطبق مقتضيات هذا الفصل على كل شخص يتعاطى التسيير الحقيقي لأعمال الشخص المعنوي بصفة قانونية أو فعلية، ظاهريا أو بشكل خفي، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بمقابل أو بدون مقابل. إلاّ أنها لا تسري علـى المسيّر أو المسيّريـن الملزميـن شخصيا و بحكم القانون طبقا للتشريع الجاري به العمل، أو بموجب قرار قضائي صادر ضدهم، بتأدية كلّ الديون المستحقة بذمة الشخص المعنوي.

 

الفصــل 48 :

 

تضاف إلى أحكام الفصل 29 من مجلة المحاسبة العمومية بعد عبارة "مع مراعاة الأحكام الخاصة المبينة بالفصول " عبارة "28 سابعا و".

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.