تونس – أسئلة حارقة تسبق وحدة اليسار وتنتظرها؟

انتهى مؤتمر حركة التجديد بعد انتهاء مؤتمرين توحيديين للقوميين وللوطنيين الديمقراطيين وفي انتظار المؤتمر التأسيسي للحزب الوسطي الكبير الذي من المرشح أن يكون “بيت اليسار” الجديد والموحد في مواجهة المد اليميني الإسلامي الذي يبدو حاليا مسيطرا دون منازع على الساحة السياسية التعددية الوليدة في تونس. أسئلة عدة تطرح اليوم على اليسار الذاهب إلى آفاق …



تونس – أسئلة حارقة تسبق وحدة اليسار وتنتظرها؟

 

انتهى مؤتمر حركة التجديد بعد انتهاء مؤتمرين توحيديين للقوميين وللوطنيين الديمقراطيين وفي انتظار المؤتمر التأسيسي للحزب الوسطي الكبير الذي من المرشح أن يكون "بيت اليسار" الجديد والموحد في مواجهة المد اليميني الإسلامي الذي يبدو حاليا مسيطرا دون منازع على الساحة السياسية التعددية الوليدة في تونس. أسئلة عدة تطرح اليوم على اليسار الذاهب إلى آفاق جديدة تهم انتظارات البلاد والعباد نلخصها البعض منها في ما يلي:

• ماذا أعدت التنظيمات الحزبية اليسارية من أجوبة على مسألة الهوية؟ مع العلم أن مسألة الهوية كانت إحدى العقبات التي تفسر فشل جل الأحزاب اليسارية (بما في ذلك القوميون) التي تركت للنهضة ولحزب المؤتمر إمكانية احتكار مسألة الهوية لفائدتهما إضافة إلى توظيفها بكثافة في تقديم اليسار على أنه علماني وفرنكوفوني أي في ذهن عديد مواطنينا ملحدا وغير وطني.

• أي موقف يجب على اليسار التونسي اتخاذه اليوم في مسألة علمانية الدولة وبأي شكل من الأشكال يمكن تقديم مبدأ مدنية الدولة مع مراعاة الانتماء الديني الذي تطالب به شرائح اجتماعية عديدة ليست بالضرورة من الشق "الإسلامي" من المجتمع؟

• ماذا أعدت القيادات اليسارية التقليدية لتشبيب التنظيمات وهل اعتبرت التشبيب هدفا استراتيجيا حقيقيا اليوم؟ وهل هي مستعدة فعلا لدفع ثمن التشبيب الحقيقي الذي لا يمكن أن تكون نسبته أقل من 50 بالمائة من مجموع القيادات في الدرجة الأولى؟

• ماذا أعدت القيادات التقليدية أيضا للتأنيث الذي يجب أن يتجاوز في اليسار التونسي مجرد الإقرار بحق التناصف الذي لا جدال فيه ويجب أن يرتقي إلى مستوى التمييز الإيجابي خاصة على المستويات القيادية وهي التي تعطي الإشارات الحقيقة للمجتمع؟

• هل بلور اليسار الجديد الموحد موقفا واضحا وصريحا وغير سياسوي من التيار البورقيبي أو بالأحرى التيار الدستوري مع ما يستلزم ذلك من شجاعة ووضوح لتقديم الموقف للشعب الذي مارس عليه البورقيبيون ودساترة التجمع القمع الأشنع في تاريخه ولمدة أكثر من نصف قرن؟

• هل نظرت الأحزاب اليسارية في أدبياتها عما أعدت للتخاطب مع الفئات الجديدة الفاعلة صلب المجتمع اليوم والتي تستعمل أدوات التواصل الإلكتروني وتنتظم في الفضاءات الافتراضية بالعدد الذي ربما لا يمكن أن يجمعه قيادي حزبي مهما كانت (كاريزميته)؟

• ترث البلاد وضعا اقتصاديا كارثيا جراء استفحال الفساد في عهد بن علي وعائلته النهمة ولكنها ترث أيضا مخزونا من الطاقات لا يضاهيه شيء. فماذا سيفعل اليسار في هذا الوضع وهل أعد للبلاد وللعباد ماذا سيقول بصراحة حول

اعتماد اقتصاد السوق وحول دور الدولة الاقتصادي وحول الدفاع عن المبادرة الخاصة أو عدم الدفاع عنها وحول الإصلاح الجبائي بما في ذلك إعادة النظر كليا في نظام الجباية الجزافية الذي يشرعن للتهرب الجبائي لآلاف من الذين يجب عليهم المساهمة جليا في تمويل المجوعة الوطنية؟

• هل ابتدع اليسار أجوبته للتلاحم مع النفس المحافظ الذي أظهرت الانتخابات الأخيرة سيطرته على المجتمع التونسي لا في ظواهر التدين فحسب بل وبالخصوص في مسائل أخرى تهم العائلة ودور المرأة والانفتاح على الآخر؟ وهل

 

تهيأت القيادات اليسارية لطرح الأجوبة المنتظرة التي تراعي مقوماتنا التقليدية وتسمح في نفس الوقت بالإبداع والتجاوز؟

• التمييز الفض الذي عانت منه الجهات الداخلية لعقود طويلة أدى غلى تصحر حقيقي في أكثر من نصف البلاد، فماذا أعد اليسار في المجال وهل يستطيع اليوم الاكتفاء بالوصفات التقليدية للتنمية المدارة مركزيا للإسراع بتنمية الجهات الداخلية؟

• يعتمد اليسار في كل التجارب العالمية الناجحة بشكل كبير جدا على إحداث ثورة ثقافية تطال العقول لتنتج واقعا جديدا يسهل معه الإقدام على الإصلاحات حتى الموجع منها. ويضم اليسار التونسي بين أحضانه نخبة وطنية عالية التكوين والإنتاج والإبداع، فهل سوف يتمكن اليسار الموحد من دفع النخبة "الأنانية" و"الكسولة" تقليديا إلى القيام بالثورة الثقافية الضرورية للخروج بتونس من مرحلتها الانتقالية نحو أفضل المراتب؟

 

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.