أحداث 9 أفريل 2012 قد تكون لها عواقب وخيمة على السياحة التونسية

رسمت وزارة السياحة هدفا باستقطاب حوالي 6 ملايين سائح في سنة 2012 بعد الوضع الكارثي الذي عرفه القطاع طيلة كامل سنة 2011 والذي أثّر بشكل سلبي على الاقتصاد التونسي برمته من خلال تراجع العملة الصعبة إلى أدنى …



أحداث 9 أفريل 2012 قد تكون لها عواقب وخيمة على السياحة التونسية

 

رسمت وزارة السياحة هدفا باستقطاب حوالي 6 ملايين سائح في سنة 2012 بعد الوضع الكارثي الذي عرفه القطاع طيلة كامل سنة 2011 والذي أثّر بشكل سلبي على الاقتصاد التونسي برمته من خلال تراجع العملة الصعبة إلى أدنى مستوياتها والصعوبات المالية التي يتخبط فيها القطاع وكل المجالات والميادين المرتبطة به.

 

وتؤكد المؤشرات الأولية المسجلة في شهري جانفي وفيفري من هذا العام، بداية استرجاع القطاع السياحي لعافيته تدريجيا عبر التدفق المحترم للعديد من الوفود إلى جانب تأكيد العديد من الحجوزات لهذه الصائفة فضلا عن المجهود المحترم والجدير بالذكر للوزارة وأهل المهنة خاصة على مستوى الترويج للوجهة التونسية في الخارج أعطت نتائج جد مشجعة.

 

غير أن تسارع وتيرة الأحداث السياسية وأعمال العنف والشغب في المدة الأخيرة يمكن يطيح بكل تلك الجهود. وقد بدأًت الحوادث بكلية المنوبة وواقعة إنزال العلم وما رافقها من تعنيف لطالبة ومرورا "بغزوة ساعة شارع الحبيب بورقيبة والتعدي بالعنف على الفنانين يوم الثلاثاء 27 مارس الفارط ووصولا إلى تهديد الأقليات في تونس وفي مقدمتهم الجالية اليهودية إلى جانب تدنيس الكنيسة الأورتودكسية بالعاصمة وما رافقها من جدل واسع النطاق.

 

ومن ثم الواقعة التي أفاضت الكأس تلك المتصلة بالأحداث التي شهدها شارع الحبيب بورقيبة يوم 9 أفريل 2012 من تعنيف الأمن الوطني للمتظاهرين وما خلّفت هذه الوقائع من ردود فعل أجمعت على "وحشية" القمع وتعمد قوات الأمن تعنيف المواطنين والتشدد في متعهم من التظاهر بصفة سلمية في يوم له من المعاني والدلالات العميقة الأبعاد والمغازي.

 

لقد نقلت مختلف وسائل الإعلام الوطنية وكذلك القنوات الفضائية الأجنبية بالصورة والصوت وتعاليق مكونات المجتمع المدني وردود فعلهم حول هذه الأحداث بما جعل كل دول العالم تشاهد مجمل تفاصيل أحداث شارع الحبيب بورقيبة وُتقيم الحوارات المباشرة ومعرفة ما جرى بالتفصيل في ذلك اليوم المشهود.

 

كل هذه الصور والأحداث لا يمكن بأيّ حال أن تخدم صورة تونس بالخارج ومن شأنها أن تكون لها عواقب وخيمة على بلد قام الثورة وأن الموقف الأجنبي ولو كان صديقا يشاهد انتكاس الثورة التونسية وهي بصدد الرجوع إلى نقطة الصفر أي عودة الدكتاتورية والاضطهاد وقمع حرية التظاهر.

 

الثابت والمتأكد أن الأحداث الأخير قد يكون لها عواقب وخيمة على العديد من الأصعدة والمستويات وفي مقدمتها إمكانية تأثر القطاع السياحي وتخوف أهل القرار في الخارج من هذه المشاهد بما يجعلهم قد يعيدون النظر في الوجهة التونسية والإبقاء على "الحظر" المؤقت على تونس باعتبار ان الأمور لم تستقر بعد.

 

نقطة أخرى على غاية من الأهمية بمكان تتمثل في أن أغلب وكالات الأسفار وصناع القرار في المجال يتحكم فيها اللوبي اليهودي في العالم وبإمكان أن يلعب هذا العنصر ضد الوجهة التونسية لا سيما وأنه تم تهديد الجالية اليهودية في العديد من المناسبات من طرف ما يُسمّون أنفسهم بالسلفيين بالرغم من التطمينات من قبل الحكومة.

 

أما على صعيد الاستثمار فإن عدم استقرار الأوضاع الأمنية وتواصل الحركات الاحتجاجية في العديد من المدن وخاصة الداخلية منها قد تؤثر أيضا سلبا على صورة البلاد بما يجعل أصحاب القرار الاقتصادي في تونس والخارج يؤجلون حتى نوايا استثماراتهم وهو ما من شأنه أن يعطل الانطلاقة الاقتصادية المنشودة.

 

ما يمكن التأكيد عليه أنه في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة المؤقتة مختلف مكونات المجتمع والأطياف السياسية بالوقوف إلى جانبها ومساعدتها على تجاوز المرحلة والتأسيس لواقع جديد بالبلاد، نجدها تقوم ببعض الممارسات التي تتضارب مع نداءها وتزيد من تشنج الوضع وهو ما يؤكد عدم حنكتها وإلمامها بدواليب العمل السياسي الرصين والهادئ!

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.