فوز الاشتراكي هولاند هل يعجل باسترجاع الأملاك التونسية المهربة إلى فرنسا؟

بعد 17 عاما يعود اليسار الاشتراكي إلى قصر الإليزيه في شخص مرشح الحزب الاشتراكي الفرنسي فرنسوا هولاند الذي لم يكن الكثير من المتابعين يثقون في قدرته على زحزحة نيكولا ساركوزي وعودة الاشتراكيين للحكم، في أحد أكبر وأهم دول الاتحاد …



فوز الاشتراكي هولاند هل يعجل باسترجاع الأملاك التونسية المهربة إلى فرنسا؟

 

بعد 17 عاما يعود اليسار الاشتراكي إلى قصر الإليزيه في شخص مرشح الحزب الاشتراكي الفرنسي فرنسوا هولاند الذي لم يكن الكثير من المتابعين يثقون في قدرته على زحزحة نيكولا ساركوزي وعودة الاشتراكيين للحكم، في أحد أكبر وأهم دول الاتحاد الأوروبي لا تعني الفرنسيين فقط بل أنها تأتي أيضا تعبيرا من الشعوب على ضيقها بالحاكمين في مصائرها وبأزمة المنطقة الأوروبية وخاصة بالحلول الليبرالية التي تطرحها مختلف الحكومات اليمينية والهياكل الدولية الأكثر ليبرالية.

كان آخر عهد الاشتراكيين بقصر الإليزيه الرئاسي مع أيقونة اليسار الفرنسي ميتران الذي استطاع الانتصار على اليمين لأول مرة في 1981 كما استطاع المحافظة على الرئاسة لمرتين متتاليتين وهو ما لم يحققه قبله حتى باعث الجمهورية الخامسة الجنرال شارل ديغول.

وبالرغم من أن الاشتراكيين قد استطاعوا الفوز بأغلبية البرلمان في تشريعيات 1995، إلا أن زعيمهم آنذاك ليونال جوسبان اضطر إلى التعايش مع رئيس يميني وانهزم في 2002 أمام شيراك نفسه.

وهذه المرة كان المرشح الاشتراكي سباقا في إعلان ترشحه وسباقا في الهجوم على ساركوزي حتى قبل أن تبدآ الحملة الانتخابية، وكان واضحا في أطروحاته منذ فوزه في الانتخابات الداخلية للحزب الاشتراكي خاصة بعد أن اضطر دومينيك شتراوس كان (DSK) المرشح الاشتراكي الآخر للانسحاب جراء فضائحه الجنسية.

ولكن فوز فرنسوا هولاند، بالرغم من أهميته لأن نظام الحكم في الجمهورية الفرنسية الخامسة نظام رئاسي، فهو ليس إلا مرحلة وبعدها شوط آخر على نفس الدرجة من الأهمية ويتعلق بالانتخابات التشريعية التي سينعقد دورها الأول يوم 17 جوان القادم. وتلك التشريعية هي التي سوف تعطي لهولاند أو لا تعطيه الأغلبية الضرورية لكي ينفذ البرنامج الذي من أجله اختاره الناخبون.

وبالطبع فإن تحليل تقاليد الانتخابات الفرنسية لا تحمل مفاجئات كبيرة في مثل هذه الصور. إذ أن الناخبين وبكل انسجام مع أنفسهم عادة ما يصوتون بأغلبية لحزب الرئيس الجديد. وقد وقع هذا مع ميتران ومع شيراك ومع ساركوزي نفسه، حتى أن الخشية تصبح أن تكون الأغلبية أغلبية خانقة مثلما يخشى مع هولاند هذه المرة، إذ أن اليسار يسيطر حاليا بأغلبية مريحة على مجلس الشيوخ فإذا ما فاز بأغلبية مجلس النواب وهو يحكم الرئاسة أصبحت كل السلطات تقريبا في يد الحزب الاشتراكي أو في يد أنصاره من أحزاب اليسار.

وعلاوة على معركة الانتخابات التشريعية التي تنتظر الفائز الجديد بالرئاسة فإنه من المتوقع أيضا أن تقض مضجعه بجدية معضلة أخرى تتعلق بأنصاره من البيئيين وخاصة من جماعة حزب اليسار وزعيمه ميلنشون الذي جاء رابعا في الدور الأول للانتخابات الرئاسية ولم يبخل لحظة واحدة في مناصرة هولاند والدعوة للتصويت له. ولئن كانت التشكيلة الحكومية المرتقبة سوف تكون في أغلبها من الحزب الاشتراكي، إلا أن الحلفاء التقليديين من أحزاب اليسار ينتظرون ما سيقدمه لهم الرئيس الجديد من ترضيات.

ونذكر أن العلاقة التونسية الفرنسية وهي علاقة وطيدة مبنية على مصالح كثيرة مشتركة وعلى إرث تاريخي كبير،علاقة لا تتأثر بالطبع بالتغييرات الانتخابية إلا أنها تعيشها على كل الأحوال. ولكن اللافت أن فرنسوا هولاند رئيس الجمهورية الجديد قد زار تونس مباشرة إثر الثورة والتقى المسؤولين في تونس وأنه صرح في الحملة الانتخابية أنه سيعمل كل ما في جهده بعد انتخابه للمساعدة على أن تتمكن تونس من استرجاع كل الأملاك المشبوهة أو المسروقة من قبل عائلة بن علي والطرابلسية.

وهذا ولا شك موقف مطمئن على كل الأحوال في الظرف الحالي. كما أن انتخاب هولاند سيمكن ربما من تجاوز البرود الذي تعرفه العلاقة الثنائية إثر التصريحات غير الدبلوماسية للرئيس المؤقت منصف المرزوقي حول فرنسا والفرنسيين في بعض وسائل الإعلام العالمية في أول أيامه في قصر قرطاج.

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.