حيادكم محيّر سيدي الجنرال!

قبل يومين قال الناطق الرسمي للجيش الوطني العميد مختار بن نصر إن المؤسسة العسكرية ستأخذ على محمل الجد التهديدات التي تلوح بها كتائب القذافي لضرب تونس وتهديد امنها…



حيادكم محيّر سيدي الجنرال!

 

قبل يومين قال الناطق الرسمي للجيش الوطني العميد مختار بن نصر إن المؤسسة العسكرية ستأخذ على محمل الجد التهديدات التي تلوح بها كتائب القذافي لضرب تونس وتهديد امنها.

سيدي العميد نسيت ان تعلم الصحافيين ان الجيش سيأخذ على محمل الجد كذلك الهوجة السلفية المتطرفة التي تهدد كيان الدولة المدنية برمته إذا ما تواصل فلتانها على ما نراه اليوم. آمل ان يكون ذلك مجرد سهو وان الجيش فعلا متيقظ دائما للمهمة المقدسة لحماية التراب والعباد.

ولكن نحن نسأل سيدي العميد وسدي الجنرال عن المفهوم الشامل للمهمات المقدسة للجيش. فنحن في وضع استثنائي وتحت مظلة قانون الطوارئ ويتهددنا الإرهاب السلفي من كل حدب وصوب. وأمام مؤسسات أمنية متهاوية وغير فعالة يحق لنا أن نسأل عن آخر المطاف وإلى أين سيقودنا هذا الغموض وهذا التردد المريب.

لا شك ان حماية التراب الوطني أمر مقدس. ولكننا نعتقد أن لا معنى لهذه القداسة إن لم تقترن أولا بحماية أرواح وأمن العباد.

الحياد العسكري مطلوب في الحسابات السياسية. والاحترافية العسكرية ايضا مطلوبة في التعاطي مع الشأن المدني والسياسي والحكومي وهو سلوك عزز الثقة في الداخل والخارج بأن عملية الانتقال الديمقراطي سارت في وقت ما على نهج سليم، نسبيا.

ولكن حيادكم يصبح محيرا ومثيرا للحنق عندما يتعلق الأمر بأمن الناس.

علينا أن نقر منذ الآن وقبل فوات الأوان ان كل المقاربات التي تحدثت عنها رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية قد فشلت فشلا ذريعا في احتواء صعود السلفية المتطرفة التي أصبحت خارجة عن السيطرة في عدد كثير من الولايات.

لم ينفع الحوار ولا التحذيرات الأمنية ولا حتى التلويح بالتجريم والسجن من رئاسة الجمهورية في كبح الفلتان السلفي.

كما ان الواقع يشي بأن الأمور تزداد سوءا وان المواطنين بدأ ينفد صبرهم. فلا الدولة بدت متحمسة او حتى قادرة على اخذ المبادرة وفرض هيبتها ولا حتى انها اعترفت بضعفها وتركت الأهالي يعولون على انفسهم لحماية أبناءهم وبيوتهم وأرزاقهم كما فعلوا ذلك ونجحوا فيه أيما نجاح في تلك الليالي السوداء التي اعقبت يوم 14 جانفي 2011.

نحن نرى بأن كل ما يروج من مواقف حكومية تجاه الخطر الارهابي لا يعدو ان يكون سوى مادة للاستهلاك الاعلامي. إلى ان يثبت عكس ذلك فعليا.

لكن إلى ان يثبت العكس لا تنسوا سيدي العميد بأن تأخذوا على محمل الجد الغزوات المتكررة هنا وهناك قبل ان يفوت الأوان. فما ترونه مجرد فقاع اليوم قد يتحول في الغد إلى استنزاف مرهق والأمثلة ليست ببعيدة عنا.

طارق القيزاني

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.