ثورة تونس الخضراء: نور وماء فنماء ؟

كل خبراء البيئة يجمعون أن تونس ذات مناخ جاف يتهددها الجفاف.وهذا الوضع يزداد تفاقما بالنظر إلى التغيرات المناخية . وبالرجوع إلى الأرقام المتداولة في هذا الشأن فان المتوفر من الماء – من مصادر متجددة – للمواطن لا يتجاوز 500 متر



ثورة تونس الخضراء: نور وماء فنماء ؟

 

كل خبراء البيئة يجمعون  أن تونس ذات مناخ جاف يتهددها الجفاف.وهذا الوضع يزداد تفاقما بالنظر إلى التغيرات المناخية . وبالرجوع إلى الأرقام المتداولة في هذا الشأن فان المتوفر من الماء – من مصادر متجددة – للمواطن لا يتجاوز 500 متر مكعب للفرد   في السنة بينما المفترض أن لا يقل هذا الرقم عن 2000 م3 وذلك كحد أدنى لتغطية متطلبات العيش الكريم  حسبما حد د ته منظمة الاغذية و الزراعة التابعة للأمم المتحدة

   
    يتبين من ذلك أن فلاحتنا تحتاج – لتغطية حاجياتنا سنويا – إلى ضخ و إضافة ما لا يقل عن 18 مليار م 3 من الماء العذب من مصادر غير معهودة . وكان وزير الفلاحة تحدث ,عندما بلغ مخزون السدود ملياران ,اثر أمطار الشتاء , عن


أن ذلك يكفي لتغطية حاجيات ثلاث مواسم فلاحيه

 
   و بالرجوع إلى إنتاجية حقولنا للحبوب في الهكتار مثلا , نجدها لا تتعدى معدل الطن والنصف بينما تناهز في ألمانيا =5 أطنان و فرنسا=10 أطنان. لو عممنا الري التكميلي لبلغنا 3 أطنان -كحد أدنى-في الهكتار مما يوفر علينا ما يورد من حبوب وأعلاف. والأمر كذلك بالنسبة للزيتون حيث لا تفوق إنتاجية الشجرة 3 كغ من الزيت سنويا ويمكن مضاعفة  ذلك إلى 6 كغ مما يوفر علينا ما نورده من الزيوت النباتية…كما يمكننا تنمية زراعة اللفت السكري لتغطية حاجتنا في
هذا المجال

 

     هذا بالإضافة الى ندرة مياه الشرب وجودتها  – أليوم – في بعض مناطق من الجمهورية كما الشأن بجنوب البلاد والواحات .

 

     إذا كيف يمكن لنا توفير هذا الكم  الهائل من الماء الحيوي للبلاد والعباد ؟ هل ما توصل له العلم في مجال استعمال الطاقة الشمسية يمكن توظيفه للغرض ؟ مع العلم ان ما تبثه  الشمس من طاقة في الصحاري في 6 ساعات يكفي  لتوفير ما تستهلكه منها الانسانية في سنه! هل يمكن تحويل ثورة الكرامة الى ثورة خضراء  تصالحنا مع محيطنا وبيئتنا وتجعل تونسنا خضراء كما عرفها قاصدوها ألقدامى ؟  هل يمكننا انعاش مطمور روما وتحويله الى مطمور تونس؟

 

من ناحية اخرى نعلم ايضا ان جيراننا شمال المتوسط يحتاجون – اليوم وأكثر من اى وقت مضي – الى الطاقة وذلك بقدر حاجتنا الى الماء! كما ان الاعتماد على الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء أصبح ذا مخاطر واضحة وجلية سواء على البيئة أو على أمان السكان.وأيضا الاعتماد على مصادر الطاقة الاحفورية فى افول علاوة على اثارها على الانحباس الحراري المشؤوم!  ونعلم , على سبيل ألذكر أن ألمانيا جمدت استثماراتها في مجال الطاقة النووية وصارت رائدة في  البحث العلميي في مجال الطاقة المتجددة وخاصة الشمسية منها.

 

   يتبين إذا أن هناك فرص للتعاون على قدم المساواة – في هذا العالم ألقرية – وهذا يبدو جليا من حرص مسئولي هذه المنطقة وتوافدهم علينا وتركيزهم على الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية الواعدة والمتوفرة لدينا وذلك لتغطية حاجاتهم من الكهرباء . وكانت آخر زيارة  من هذا القبيل يوم 26  مارس الماضي حيث استقبل  رئيس الجمهورية في هذا الصدد وفدا عن مؤسسة " تُنور " الخاصة , يقوده  سفير بريطانيا العظمى  لأجل  إقامة مشروع لتوليد الكهربا ء للتصدير إلى أوروبا بتقنية تركيز الأشعة الشمسية وباعتماد  الدائرة المغلقة حيث يتم تبريد مولد الكهرباء اصطناعيا ( بدون اللجوء إلى ماء البحر)  مما يمكن انتصابه بعمق الصحراء التونسية : البرمة . قصر غيلان … . وسيوفر هذا المشروع ما يلزم من الكهرباء لسبع  مائة ألف عائلة أوروبية  

 

    أما  لبلوغ  ما نصبو إليه  من توفير الماء المحلى فعلينا ان نسعى لزواج ذلك الهدف بغاية طالب الكهرباء:وذلك  بالاعتماد على تبريد البخار الصادر عن مولدات الكهرباء بمياه البحر وتوظيف ذلك لتحلية نصيب منه عرضا. وهذا تقنيا متوفر وممكن كما الحال بجبل علي بالإمارات العربية المتحدة.

 

فعلى سبيل المثال في محطة توليد قائمة على كيلومتر مربع من المرآة  العاكسة لتركيز أشعة الشمس نحو قلب المحطة يمكن من إنتاج 250 مليون كيلو وات/ساعة/سنة مع 60 مليون م 3 من الماء العذب الصالح للشراب أي ما يعادل ربع ما توفره الشركة الوطنية لتوزيع المياه  ,سنويا , إلى الأسر المرتبطة . مع العلم أن هذه التقنية لم تركز على تحلية المياه بل على إنتاج الكهرباء مما يجعلها قابلة للتطوير لتحقيق هدفنا المنشود وهذا لبس بعزيز على مؤسسات بحث جامعاتنا في وقت لاحق

 

   يمكن أن نلاحظ هنا أن التقنية التي يقوم عليها المشروع  الأنف الذكر "تنور"   ( تونس نور) – إن كتب له أن يرى ألنور – يكرس مقولة : "نضوي كان على ألبرانى " حيث المستفيد من النور  هي الضفة الشمالية للمتوسط  
وكان من المفروض أن مثل هذه المقولات عهدها واللي وفات وجرفته أم الثورات. حيث ان اعتماد التقنية الثانية التي تحمل في طياتها  إنتاج 60 مليون  م3 من الماء محلى من مياه البحر , كافية   لتغطية حاجة  سبعة مائة ألف عائلة تونسية أي ما يناهز ربع سكان الجمهورية المتواجدين  بالجنوب ! ونكون كرسنا اعتماد مبدءا "الربح المتكافئ للجانبيين " وهو ما يليق بديمقراطيتنا الناشئة فى تعاملها مع مثيلاتها الاوروبية العريقة .

 

   يبدو أن 60 مليون م3 بالقياس إلى 18 مليار م3  المنشودة شيء زهيد – 3.5 في الألف من الحاجيات – ولكن أول الغيث قطر        

 

    من الواضح إذا أن أمامنا فتحة تاريخية – متسلحين بأهداف الثورة وطموحات شبابنا في الشغل والكرامة – للتعاون مع أصدقائنا – الند للند –  في مجال الطاقات المتجددة والنظيفة الصديقة للبيئة لتوفير حاجاتنا من المياه والطاقة الكهربائية مقابل تزويدهم بالكهرباء وذلك على سبيل المقايضة : لتر ماء مقابل وات كهرباء وما زاد على 18  مليار م3  يكون بالتناصف  وتكون مساهمة تونس في توفير مكان الانتصاب  لاستغلال بحرنا و شمسنا بدون استثمار أي دينار كما الشأن في  التعامل مع  الشركات العاملة في مجال التنقيب عن النفط  

 

    إن نجحنا في هذا المسار ووضعنا برنامجا جليا للغرض  نكون قد حولنا التدافع الثوري إلى عمق إستراتيجي يجعل فعلا من تونس الخضراء نور وماء تنمى نماء يوفر خيرا ورخاء لأبنائها و تصبح مروجنا برشاء كثيرة النبات مختلف الألوان الى تخوم   " برج ألخضراء " ونوقف بذلك زحف الصحراء بحلول الخمسينات من هذا القرن ونكون أيضا قد غيرنا  الخارطة الجغراسياسية للمتوسط ؛ كل ذلك صار ممكنا بفضل ثورتنا المجيدة.

شيخ خليفة محمد حبيب  

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.