حالات الاحتقان الاجتماعي والحركات الاحتجاجية: السبسي أخمدها والجبالي تناساها وتجاهلها

تعيش البلاد في الفترة الأخيرة وبالتحديد منذ مطلع شهر ماي الجاري العديد من الأحداث المتسارعة والمتلاحقة شملت أغلب الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتمثلت هذه الأحداث أساسا بتردي الأوضاع الاجتماعية في العديد …



حالات الاحتقان الاجتماعي والحركات الاحتجاجية: السبسي أخمدها والجبالي تناساها وتجاهلها

 

تعيش البلاد في الفترة الأخيرة وبالتحديد منذ مطلع شهر ماي الجاري العديد من الأحداث المتسارعة والمتلاحقة شملت أغلب الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتمثلت هذه الأحداث أساسا بتردي الأوضاع الاجتماعية في العديد من مناطق البلاد ترجمتها حالات الاحتقان وتنامي الحركات الاحتجاجية وإعلان العصيان المدني في بعض المدن والتي لا تزال تعاني الإقصاء والتهميش.

 

المتابع للشأن الوطني في المدة الأخيرة يلاحظ بالتأكيد ارتفاع وتيرة الغضب وعدم الرضا عن الوضع المعيش لا سيما في الجهات والمدن التي يعتبر سكانها أنها ترزخ تحت عتبة الفقر ولم تجن ثمار الثورة بل زادت الأوضاع سوء على سوء، الأمر الذي جعل السكان يواصلون الاحتجاج على الحكومة ويطالبونها بالتنمية العادية والمنصفة.

 

بالتوازي مع الحركات الاحتجاجية تشهد العديد من مدن البلاد وضعا أمنيا متأزما من خلال تنماي ظاهرة المدّ السلفي مُخلّفا وراءه أسئلة مُحيّرة وحارقة عن صمت الحكومة وبالخصوص "تعمّد" عدم الإفصاح بكل شفافية عن هذا الوضع المقلق والذي صار يهدد أمن البلاد برمته ويسقط الموسم السياحي بالضربة القاضية وحتى يؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني الذي بدأ يتعافى نسبيا من حالة الركود.

 

حالة الاحتقان الاجتماعي تُرجمت بتعدد الإضرابات في العديد من الجهات والقطاعات للمطالبة بتحسين أوضاع العمال والموظفين ودفع الوزارات والهياكل بالاستجابة إلى المطالب ومن ضمنها تعميم المنحة الخصوصية.

 

إلى ذلك تعطّل الحوار بين الحكومة الحالية والاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص المفاوضات الاجتماعية حول الزيادة في الأجور وحركة "الكرّ والفرّ" بين الطرفين وما نتج عن هذا الوضع من تأجّج الإضرابات التي أضرت بمصالح المواطنين من ذلك إضراب المدرسين بالمدارس الإعدادية وهو ما تسبب في سخط وغضب الأولياء والتلاميذ من تعطيل لسير الدروس في وقت حسّاس من الموسم الدراسي.

 

ومن دون التغافل عن "الجرح العميق" لملف شهداء الثورة وجرحاها الذي لم يندمل وظلّ ينزف حتى بعد الثورة بأكثر من 16 شهرا في ظل تعطيل كبير للحسم في الملف في أسرع الأوقات وأحسن الظروف.

 

أمام هذا الظرف الحسّاس والمتأزم كان ينبغي على رئيس الحكومة المؤقت حمادي الجبالي التدخل لتخفيف من وطأة الوضع من خلال إلقاء كلمة يتوجه بها إلى الشعب التونسي يطرح فيها مقاربة الحكومة في تناول المواضيع الاجتماعية الحارقة كما بإمكانه إعطاء إشارات واضحة وبعث رسائل طمأنة مثلما فعل قبل توليه رئاسة الحكومة.

 

من المفروض على السياسي المُحنّك والعارف بخفايا الأمور اختيار التوقيت الملائم والظرف المناسب للتدخل وطمأنة الشعب حول مثل هذه المواضيع التي لا يجب التغافل عنها بل التعهد بحلها وفق ما جاء في برنامج الترويكا.

 

مرّة أخرى يجرنا الوضع إلى  الحديث عن أهمية الاتصال الحكومي الذي لم يرتق بعد إلى المستوى المطلوب بل ظلّ يعمل بطريقة كلاسيكية تفتقر إلى الحرفية وبالخصوص حسن ردة الفعل في مثل الأوضاع التي تمر بها البلاد حاليا بنصح رئيس الحكومة التدخل ومخاطبة الشعب والتعبير عن موقفه وموقف الحكومة الحالية مما يحدث في البلاد من تطورات إلى حدّ الآن ليست خطيرة بل تنذر بتأزم الأوضاع.

 

مقارنة بسيطة تستحق التطرق إليها تتمثل في الفرق في طريقة تعامل بين الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة السابق وحمادي الجبالي رئيس الحكومة الحالي، إذ أن الأول تدخل في العديد من المناسبات والأحداث التي مرّت بها البلاد وخاطب الشعب بأسلوبه الطريف والثري بالمعاني والدلالات بما أثرّ إيجابا على الوضع وخلف ارتياحا في جميع الأوساط.

 

أما حمادي الجبالي… صمت رهيب… وتجاهل لأمهات القضايا…

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.