القاضي أحمد الرحموني للمصدر: السلطة تنفرد بالملف القضائي وهذا له عواقب خطيرة

انتقد القاضي أحمد الرحموني رئيس المرصد الوطني لاستقلال القضاء في حوار مع المصدر الإعفاءات الأخيرة للقضاة من قبل السلطة التنفيذية أي وزارة العدل، منددا بانفراد السلطة في عملية إصلاح القضاء وتباطؤها في …



القاضي أحمد الرحموني للمصدر: السلطة تنفرد بالملف القضائي وهذا له عواقب خطيرة

 

انتقد القاضي أحمد الرحموني رئيس المرصد الوطني لاستقلال القضاء في حوار مع المصدر الإعفاءات الأخيرة للقضاة من قبل السلطة التنفيذية أي وزارة العدل، منددا بانفراد السلطة في عملية إصلاح القضاء وتباطؤها في إحداث هيئة وقتية مستقلة للقضاء رغم تعهدات الحكومة المؤقتة والمجلس التأسيسي.

 

وأعلنت وزارة العدل عن إعفاء 82 قاضيا ينضاف إليهم 6 قضاة تمّ عزلهم في فيفري 2011 ليصبح بذلك العدد 86 قاضيا. علما أن وزارة العدل لديها قائمة ثانية قد تتركب من 70 قاضيا، حسب بعض التسريبات، لتصل جملة القضاة المعفيين ربما إلى 150 قاضيا.

 

وفي السياق، يقول أحمد الرحموني للمصدر إنّ السلطة التنفيذية كان بإمكانها تطهير القضاء عن طريق هيئة منتخبة ومستقلة للقضاء طبق إجراءات قانونية وشفافة ووفق ما تقتضيه الضمانات القانونية والمعايير الدولية، "لكن السلطة لم تختر هذا"، وفق قوله.

 

ويضيف أنّ السلطة لم تختر أيضا أن تتم عملية التطهير عن طريق المجلس الأعلى للقضاء الذي مازال قائما من الناحية القانونية لكنه أصبح معطلا على أرض الواقع، بعد الثورة.

 

وأشار إلى إنّ السلطة اختارت استعمال القانون الموروث (قانون 14 جويلية عدد عدد 67) المتعلق بنظام القضاء والمجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساسي للقضاة طبق ما يقتضيه الفصل 44 من هذا القانون.

 

وينصص هذا الفصل –وفق قوله- على إنهاء عمل القاضي بصفة باتة والتي تفضي إلى التشطيب من الإطار القضائي وتفقد القاضي صفته وتكون إما بالإحالة على التقاعد أو الاستقالة أو الإعفاء أو العزل. واستعملت السلطة عملية الإعفاء كإجراء استثنائي لتطهير القضاء، وكإجراء مستقل عن التأديب.

 

ويقرّ القاضي أحمد الرحموني بوجود "تداعيات خطيرة" على الوضع القضائي بعد هذه الإعفاءات، ويقول للمصدر "لا أحد يمكن أن يقيّم الآن مدى استتباعات هذا القرار".

 

وشدّد على ضرورة أن تحاط الإجراءات المتعلقة بالإعفاء بجملة من الضمانات التي من الضروري أن تعطي للمعني بالإعفاء الحق في الاطلاع على التهم الموجهة ضدّه وحق الطعن أمام محكمة مستقلة.

 

وكانت مصادر بوزارة العدل تحدثت عن ضمانات لاحقة للقضاة المعفيين بالقيام بالتقاضي أمام المحكمة الإدارية إذا كان الأمر فيه إفراط في السلطة أولا يستند لمشروعية.

 

لكن نقابة القضاة ترى أنّ قرار الإعفاء أولا وتوجيه التهم للقضاة المعفيين والسماح لهم بالتقاضي يشوه من صورتهم حتى وإن كان بعضهم أبرياء من التهم الموجهة ضدهم.

 

ويقول الرحموني للمصدر إن عددا من القضاة الذين شملهم الإعفاء اتصلوا بالمرصد الوطني لاستقلال القضاء للتظلم وأنّ عددا منهم أكدوا وجود تهم منسوبة إليهم لا تستند لمشروعية، وأن بعضهم قال إنه لم يقع استجوابه في وقائع معيّنة،

 

وحذّر الرحموني من أنّ الانفراد بالوضع القضائي وعدم المشاورة وعدم إقرار ضمانات حقيقية للقضاة في هذا الوضع الانتقالي "ستكون لديه تداعياته كبيرة على استقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية".

 

ويقول "ما يمكن إبرازه هو أنه منذ ديسمبر الماضي إلى نهاية شهر ماي هو أن السلطة التنفيذية انفردت بالوضع القضائي من ناحية التسميات القضائية والإعفاءات وتصوراتها لعملية الإصلاح القضائي".

 

ويضيف "عبرنا سابقا عن خشتنا من أن يقع الالتفاف على الهيئة الوقتية للقضاء نفسها التي وقع إقرارها من قبل التأسيسي في ديسمبر، إمّا عن طريق تسميات جديدة أو عن طريق التعويم بحجة أنّ القضاء شأن عمومي واعتماد في تركيبة الهيئة الوقتية على غير القضاة والمسيسين منهم".

 

ويتابع الرحموني "هذا سيكون له تداعيات خطيرة على طبيعة الهيئة الوقتية للقضاء، التي من المفروض أن تكون هيئة مستقلة ومنتخبة للمساهمة في تدعيم الضمانات للقضاة".

 

وقال إنّ جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة قدمتا مشروعا عن تصورها للهيئة الوقتية للقضاة، لكنه أشار إلى أن وزارة العدل شكلت "لجنة موازية" لإعداد مشروعها للهيئة الوقتية وفق تصورها الخاص.

 

وعبر الرحموني عن جملة من التحفظات إزاء مشروع الوزارة بخصوص الهيئة الوقتية للقضاء، مشيرا إلى أنّ مقترح الوزارة ينصص مثلا على أن تتكون الهيئة من هيئتان هيئة خاصة بالقضاة وهيئة موسعة لإصلاح القضاء تحت إشراف وزير العدل نفسه ولديها اختصاصات تخرج على الفصل 22 من القانون المنظم للسلط العمومية المؤقتة الذي يخص الهيئة الوقتية للقضاء.

 

كما ينصص مشروع الوزارة على أن يتكون مجلس التأديب من 5 قضاة معيين من السلطة التنفيذية و5 قضاة معينيين من التأسيسي و6 منتخبين، وفق قوله.

 

ويقول "هيئة قضائية على هذه الشالكة لا تستجيب للمعايير الدولية"، مشددا على أنّ القضاة لن يتفاعلوا على مقترح كهذا إذا تمّت المصادقة عليه من قبل المجلس الـتأسيسي  حيث تتمتع "الترويكا" بالأغلبية داخله.

 

يشار إلى أن نقابة القضاة التونسيين دخلوا منذ يوم الثلاثاء في إضراب مفتوح احتجاجا على تعاطي السلطة التنفيذية مع الشأن القضائي واحتجاجا على إجراءات الإعفاء والتعيين المنتهجة، فيما نفت جمعية القضاة الدخول في إضراب.

 

علما أن بعض المراقبين يخشون من أن تتحول عملية التطهير إلى مظلة تسعى من خلالها السلطة إلى تعيين قضاة من معسكرها في الأماكن الشاغرة لتمسك بقضبتها دواليب القضاء.

 

خميس بن بريك

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.