إلغاء عقوبة الإعدام: الضغوطات على تونس تتزايد والحكومة تطلب الإمهال

تتواصل الضغوطات من عدّة دول ومنظمات غير حكومية دولية ووطنية على تونس من أجل الغاء عقوبة الإعدام باعتبارها منافية لمبادئ حقوق الانسان أهمها الحق في الحياة

إلغاء عقوبة الإعدام: الضغوطات على تونس تتزايد والحكومة تطلب الإمهال

 
 

تتواصل الضغوطات من عدّة دول ومنظمات غير حكومية  دولية ووطنية على تونس من أجل الغاء عقوبة الإعدام باعتبارها منافية لمبادئ حقوق الانسان أهمها الحق في الحياة.

 

وطالبت عدة دول لدى تقديم تونس تقريرها الدوري حول حقوق الانسان بمجلس حقوق الانسان بجينيف منذ أسبوعين بإلغاء العمل بهذه العقوبة صلب المجلة الجزائية.

 

كما تطالب منظمات حقوقية ومن المجتمع المدني في تونس والخارج بإلغاء العمل بهذه العقوبة والتنصيص على ذلك بالدستور على غرار "الائتلاف الوطني التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام" والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب وغيرهما.

 

وتستمد المجلة الجنائية عقوبة الاعدام من الشريعة الاسلامية حيث ورد بالقرآن الكريم أن قاتل النفس بغير وجه حق يُقتل.

 

وتواجه الحكومة الحالية ضغوطات من نوع خاص بسبب المطالبة بالغاء عقوبة الاعدام باعتبارها حكومة ذات توجه اسلامي وقد يصعب عليها الغاء العمل بأحد أهم تنصيصات الشريعة الاسلامية في مجال الجريمة.

 

ويعاقب القانون التونسي على 21 جريمة بالإعدام تتعلق بأمن الدولة الداخلي والخارجي والاعتداء على موظف عمومي والاغتصاب المصاحب باستعمال العنف والاعتداء بالعنف المرفوق باستعمال السلاح أو التهديد به على قاض أثناء الجلسة، والخيانة المرتكبة من طرف العسكريين، والاستيلاء على سفينة بالعنف من كل ربان أو ضابط وتسليم السفينة إلى العدو من طرف أي عضو طاقم سفينة، وتخريب السكة الحديدية أو إحداث خلل بها أو وضع أشياء أو القيام بأي فعل من شأنه إخراج الارتال عن السكة، وتسبب ذلك بوفاة شخص…كما تنفذ أحكام الإعدام إما شنقا بالحبل (الفصل 7 مجلة جزائية) أو رميا بالرصاص (الفصل 45 مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية).

 

ومن بين هذه الجرائم جريمة واحدة تتطابق مع الشريعة الإسلامية وهي جريمة القتل العمد.

 

وبحسب الملاحظين فان آخر مرة تم فيها تنفيذ حكم الإعدام في تونس كانت سنة  1991 في حق سفاح نابل ناصر الدامرجي.

 

ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم بلغ عدد أحكام الإعدام الباتة حوالي 100 حكم أو أكثر بقليل لكن لم يقع تنفيذها و شملت جرائم مختلفة مثل القتل مع سابق الإصرار والترصد والاغتصاب وهتك العرض والسرقة باستعمال العنف التي تنتهي بجريمة قتل.

 

ولدى رد تونس على هذا المقترح قال وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية أن هذه العقوبة مرتبطة بواقع ديني اسلامي يجمع حوله كل الدول العربية الاسلامية و ان الغاء العمل بها يتطلب توافقا على نطاق واسع سواء داخل الدولة الواحدة أو بين الدول العربية المسلمة.

 

واعتبر أن تونس على وعي بأن الاعدام مناف لمبادئ حقوق الانسان لذلك أوقفت تنفيذه منذ أكثر من 20 عاما . كما أن الحكومة الحالية حسنت من ظروف إقامة المساجين المحكوم عليهم بالإعدام حيث أصبحت تسمح لأهاليهم بزيارتهم في السجن وبتمكينهم من " القفة " عكس ما كان عليه الوضع سابقا.

 

لكن بالنسبة لإلغائها من سلم العقوبات في المجلة الجنائية فان الامر سيكون من مشمولات حوار وطني سيقع اطلاقه قريبا  -حسب الوزير- للتشاور حول هذا الموضوع وسيكون هذا الحوار (أو الاستشارة الوطنية ) واسع النطاق ليشمل أكثر ما يمكن من آراء.

ويطالب كثيرون بالغاء عقوبة الاعدام لعدة اعتبارات وهي أنها عقوبة قاسية ولا أخلاقية وفيها انتهاك للحق في الحياة.

 

كما يرون أنها عقوبة نهائية ولا يمكن التراجع فيها وهو ما قد يخلق مشاكل خصوصا عندما تثبت فيما بعد براءة المجرم بعد أن يقع اعدامه، حيث يمكن أن يتضمن حكم الإعدام في قضية ما نسبة خطأ ولو بسيطة، وبالتالي يمكن أن تكون النتيجة إزهاق روح بريئة.

 

وبالتالي يجب إلغاء عقوبة الإعدام من خلال مراجعة القوانين بحيث لا يتمتع المحكوم عليه بالإعدام بالعفو مع الإبقاء على حكم المؤبد الذي يكون ضروريا في عدد من الجرائم.

 

ويرى آخرون أن الشخص الذي يرتكب جريمة تتطلب عقوبة الإعدام هو في الغالب ليس إنسانا سويا والحل لا يكمن في اعدامه بل في الإحاطة به وحمايته ورعايته.

 

ويرون من جهة أخرى أنه بالنسبة لبعض الجرائم لا تكون هناك ضرورة للاعدام بل ان السجن المؤبد كاف لوحده لردع المجرمين.

 

وهناك من يقول أنه يجب النظر إلى الجرائم حالة بحالة ، حيث هناك مجرمين يمكن الاحاطة بهم واعادة تأهيلهم وهناك آخرين يجب عزلهم في السجن لكن دون اعدامهم.

 

ويبقى الجدل قائما حول هذا الملف نظرا لحساسيته ونظرا لارتباطه بتعاليم الدين الاسلامي ولكن أيضا لارتباطه بهذا التوجه العالمي الجديد نحو توفير أقصى ما يمكن من صيانة لحقوق الانسان عبر ضغوطات أصبحت تمارسها الدول على بعضها البعض وكذلك المنظمات الدولية والوطنية على عدة بلدان.

 

و يمكن القول ان اختيار تونس مواجهة هذا الموضوع عبر اطلاق حوار وطني هو الحل الامثل حتى تكون الآراء متوافقة ولا تحصل سيطرة لموقف على حساب الآخر.

 

ويبقى الاهم في تونس هو أنها أوقفت تنفيذ هذه العقوبة منذ أكثر من 20 عاما وحسنت من ظروف إقامة المحكوم عليهم بالاعدام داخل السجون.

 

كما أنه يجب الاخذ بعين الاعتبار لمدى انتشار الجرائم البشعة في المجتمعات – منها التونسي – وما يتطلبه ذلك من ضرورة ردع للمجرمين عبر التنصيص على عقوبات صارمة في القانون.

 

وليد بالهادي

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.