هل تحسم الجلسة العامة للتاسيسي اختيار طبيعة النظام السياسي وماهى خصوصيات النظامين المقترحين

فشلت لجنة السلطة التنفيذية والتشريعية والعلاقة بينهما في التوصل الى اتفاق بشان طبيعة النظام السياسي لتونس وسط تشبث ممثلي حركة النهضة بالنظام البرلماني المطلق في حين يتفق اعضاء الكتل الاخرى بما فيها التكتل والمؤتمرعلى نظام برلماني معدل او رئاسي معدل…



هل تحسم الجلسة العامة للتاسيسي اختيار طبيعة النظام السياسي وماهى خصوصيات النظامين المقترحين

 

فشلت  لجنة السلطة التنفيذية والتشريعية والعلاقة بينهما في التوصل الى اتفاق بشان طبيعة النظام السياسي لتونس وسط تشبث ممثلي حركة النهضة بالنظام البرلماني المطلق  في حين يتفق اعضاء الكتل الاخرى بما فيها التكتل والمؤتمرعلى نظام برلماني معدل او رئاسي معدل

ومن غير المستبعد ان  ترفع اللجنة اذا لم تتوصل الى اتفاق خلال اجتماعها  القادم  ان ترفع الامر الى جلسة عامة للمجلس الوطني التاسيسي لحسم هذه المسالة الجوهرية التى سيتضمنها الدستور التونسي  
والتى تحظى باهتمام الشارع التونسي

والنظام  البرلماني  الذى اقترحته حركة النهضة هو نوع من أنظمة الحكم ينقسم فيه الحكم "السلطة" بين هيئتين احدهما الحكومة أو مجلس الوزراء "الوزارة" وثانيهما البرلمان الذي يتم انتخاب أعضاءه من قبل الشعب مباشرة ومنه تنبثق الحكومة .

ويجوز فيه البرلمان سحب الثقة عن الحكومة، كما يجوز للحكومة حل البرلمان، فهو إذاً نظام يعتمد التعاون والتوازن بين السلطات، وعلى مسؤولية الحكومة أمام البرلمان
ويقوم النظام البرلماني على مجموعة من الأسس والمتطلبات التي يتميز بها عن غيره من الأنظمة السياسية الأخرى ويمكن إيجاز هذه الأسس والمتطلبات وهى "  وجود ثنائية الجهاز التنفيذي"و" وجود تعاون وتوزان ما بين السلطات"و"وجود نوع من الصرامة الحزبية او الانضباط الحزبي "

ويعنى  ذلك وجود منصبي رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة، وتكون المسؤولية السياسية ملغاة على عاتق الحكومة، وتكون الوزارة مسؤوله مسؤولية تضامنية أمام البرلمان

وهذا يفضي بطبيعة الحال إلى وجود رئيس دولة بغض النظر سواء أكان ملكاً أم رئيساً للجمهورية، غير مسؤول سياسياً أي يسود ولا يحكم ويختص بأمور شكلية وفخرية

أما الجهاز التنفيذي الثاني فهو الحكومة أو الوزارة، حيث أنها هي التي تضطلع بأعباء الحكم بوصفها المحور الرئيس للسلطة التنفيذية في النظام البرلماني لذلك فالمسؤولية السياسية الكاملة تقع على عاتقها أمام الهيئة النيابية،
وللنظام البرلماني عيوب كما له مزايا على غرار الالتزام السياسي وواستحالة التهرب من الخطا السياسي .وتتمثل العيوب بالخصوص في انه قد يؤدى في دول عالم الجنوب الى ظاهرة عدم استقرار للحكومة وفي ظل الاتجاهات الحزبية المعارضة والمتضاربة من الصعوبة الحصول على تاييد قوي للحكومة

كما ان  رئيس الحكومة قد لا يتمتع بشعبية كبيرة كشخص مما قد لا يفضي عليه من الهيبة والرمزية العالية كرمز للامة فضلا عن ان الحكومة ستكون خاضعة  لتاثير مصالح مهمة وستكون الولاءات الضيقة حزبيا طافية على السطح
لذلك فعلى المجلس الوطني التاسيسي ان يحذر كل الحذر في مسالة اختيار طبيعة النظام السياسي التونسي وان يدرس السلبيات بقدر دراسته للايجابيات فاي نظام غير فعال فى الدول ذات التجربة السياسية الحدثة يحتاج الى وعي وادراك سياسيين عاليين اضافة الى تعمق التجربة الحزبية

اما  النظام البرلماني المعدل او الرئاسي المعدل فهو يعطى حق تشكيل الحكومة للحزب الفائز في الانتخابات مع الابقاء على مجلس الامة والثلث الرئاسي وذلك لحماية حق الاقلية ومنع الاغلبية من التعسف السياسي والحفاظ على التوازنات والتوافق السياسي

ويعرف  النظام شبه الرئاسي او ما يعرف بالنظام الرئاسي-البرلماني. بانه  نظام خليط بين النظام الرئاسي و البرلماني. يكون فيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء شريكان في تسيير شئون الدولة. وتوزيع هذه السلطات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء يختلف من بلد إلى آّخر .

 

 ويختلف هذا النظام عن النظام البرلماني في أن رئيس الجمهورية يتم اختياره من قبل الشعب. ويختلف عن النظام الرئاسي في أن رئيس الوزراء مسؤول  أمام البرلمان ويستطيع البرلمان محاسبته وعزله اذا أراد
ومن مزايا هذا النظام ان من  حق الحكومة إصدار قرارات لها فاعلية القوانين بشرط موافقة رئيس الجمهورية على ذلك. و الحق في اقتراح القضايا التي يجب مناقشتها في مجلس الشعب ويمكن أن تشترط على مجلس الشعب الكيفية التى يجب أن يتم بها مناقشة هذه القضايا كأن تشترط أن يتم مناقشتها بدون تعديل ولا إضافة أوان يتم التصويت عليها بنعم أو لا
هذا النظام يعطى لرئيس الجمهورية حق حل مجلس الشعب والمطالبة بانتخابات جديدة للمجلس بشرط ألا يسيء استخدام هذا الحق. بمعنى لا يجب على رئيس الجمهورية المطالبة بانتخابات جديدة للمجلس أكثر من مرة واحدة في كل سنة .

ومن جهة أخرى يمكن للجمعية الوطنية فصل رئيس الوزراء أو أي وزير آخر عن طريق سحب الثقة منهم. كما أن لرئيس الجمهورية الحق في فرض قانون الطوارئ. و الحق في استفتاء الشعب في قضايا يراها  هامة ونتائج هذا الاستفتاء لها قوة القانون

ولكن المشكلة الأساسية التى تواجه هذا النظام هى عندما تتصادم مصالح رئيس الجمهورية مع مصالح رئيس مجلس الوزراء الذى يمثل مصالح البرلمان. وهذه المشكلة عرفت في السياسة الفرنسية "بمشكلة التعايش المزدوج." وهى الحالة التى يتم فيها اختيار رئيس الجمهورية من إتجاة فكرى مناقض للاتجاه الذى يمثله رئيس الوزراء .

 

كما حدت للرئيس الفرنسى السابق ميتران "الاشتراكى" عندما فرضت عليه الجمعية العمومية ان يختار السيد شيراك "اليمينى الرأسمالى"   ليكون رئيسا للوزراء عام 1986. وعليه فمن الواجب على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ان يتعاونا وأن يتحدا لكي تنجح الحكومة وتحقق أهدافها

 

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.