حركة النهضة: ”إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”

فيما كان يحلم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي لمّا أخذته عينيه نائما وهو قاعد على كرسي المجلس الوطني التأسيسي أثناء القاء آحد الرؤساء الثلاثة خطبته بمناسبة الاحتفال بعيد الجمهورية؟ لن ندعي سوءا في هذا الرجل الوقور الذي قيل أن قطاع واسع من أتباع حركة الاخوان المسلمين تأثروا بأدبياته في الاسلام السياسي، غير أن …



حركة النهضة: ”إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”

 

فيما كان يحلم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي لمّا أخذته عينيه نائما وهو قاعد على كرسي المجلس الوطني التأسيسي أثناء القاء آحد الرؤساء الثلاثة خطبته بمناسبة الاحتفال بعيد الجمهورية؟ لن ندعي سوءا في هذا الرجل الوقور الذي قيل أن قطاع واسع من أتباع حركة الاخوان المسلمين تأثروا بأدبياته في الاسلام السياسي، غير أن شيخ اسلاميي تونس لا شك أنه يتلذذ الجلوس ذات المقعد الذي تناوب على الجلوس فوقه فيالق من "كلاب الحراسة" الذين والوا الأنظمة السابقة، وبفضل خدماتهم عمت الدكتاورية كامل أرجاء البلاد وانتشر الفساد بين مختلف مفاصل المجتمع .


طبعا ليس من بينهم الشاذلي العياري الذي عينته حركة النهضة محافظا للبنك المركزي لتعويض مصطفى النابلي المُقال. فعلاقته بالنظام الدكتاوري "خفيفة" وفق تقييم الغنوشي، وهي لم تلاصق دبر الفاشية. والواقي الذي استعمله مع السلطات السابقة حصّنه من داء الاستبداد عفانا وعافكم الله. والحكيم راشد الغنوشي الذي يفقه في شتى العلوم الفقهية بما فيها أحكام ارضاع الكبير لا بد أنه قاس عينة من المنية الفكرية لشاذلي العياري فاكتشف فيها عفته وقدرته الفائقة على القذف السريع، فمنحه صك مناكحة الشعب من جديد، وليس اسهل من استعمال فياغرا قوية وناجعة تثير لديه نشوة الاستمناء الفسادي فكان له البنك المركزي .


أول مؤتمر لحركة النهضة في العلنية أعلن صراحة الدعوة الى اقصاء التجمعيين السابقين، الذين حرموهم من تلك النعمة في السابق، من المشاركة مستقبلا في الحياة السياسية بشكل علني. طبعا فإن لنهضيوي تونس قدرات بارعة في النهل من معاجم مفردات الكلام البذيء كلما تعلق الأمر بتوصيف أنصار الحزب السابق أما عندما ينتقل الحديث الى قسم من هؤلاء انخرطوا في حركتهم وعزّز حكومتهم فإن رداء النقاوة والطهارة تلبس هؤلاء، بمجرد ان تبرز للعيان علامات طابع الصلاة .


يقول الله تعالى في كتابه الحكيم "انّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم من دون الله نصيرا" (النساء 145). هكذا قد اطمئنا على أمرين : أولهما، أن جزءا كبيرا من مريدي النهضة سيكون جنب إلى جنب مع "العلمانيين واليساريين والماسونيين والكفار"، مع ايماننا أن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم. وثانيهما، أن تلك الحركة التي ورد في برنامجها الانتخابي أنها تدافع عن "القيم الاسلامية لمجتمعنا" لم تكن تحمي سوى قيم النقاق والكذب والخديعة والمكر والغش، والاسلام منها براء .


هناك حديث غير صحيح عن حالة من التململ في صلب حزب النهضة بعد قرار التعيين الأخير. واذا سلمنا في صحة عنعنة هذا النبأ ومصداقيته، فإن أبناء تلك الحركة أصبحوا في وضع محرج أمام المليون ونيف تونسي الذين انتخبوها.

 

فهم الذين ادعوا تحقيقهم للقطيعة النهائية مع ماضي مظلم في حياة التونسيين، وهم الذين زعموا أن ما ناله قيادو الحركة الاسلامية من قمع وتشريد لا يضاهيه فيهما سوى ما وقع أثناء الهولوكوست المزعومة. والجلادون السابقون الذين أتقنوا فنون التعذيب والتنكيل جاوروا وزير الداخلية علي لعريض الصفوف الأمامية خلال الاحتفال بعيد الأمن الوطني. أما الحديث عن كشف الحقائق والمحاسبة والمصالحة، فيبدو عجلة النهضويين قفزت بهم إلى مرتبة مصالحة من والهم الطاعة وسكنوا إلى أهوائهم، فكان لحبيب صيدهم وظيفة تقديم الاستشارات، وأيما مشورة هذه !


يمكن الجزم أن الله بلى النهضويين ببلاء الحكم. وأشد في ابتلائهم في تمكينهم اياها لظرف وجيز. فظهر بالكاشف أن ميزات التقوى والورع والتزهد وغيرها من خصال المسلم الصافي لا تمت بصلة بقيادي ذلك الحزب بتاتا. وبان أن كلما تمّ جلب الدين الاسلامي إلى مستنقع السياسة إلا ووقع تدنيسه وتلطيخه بقاذوراتها، وهو ليس طبعا من مقاصد ديننا الحنيف .

بقلم سفيان الشورابي (صحفي)

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.