كتلة النهضة في التأسيسي تسعى إلى تجريد المرأة من حقوقها

بعد الوعود التي قدّمها راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة قبل انتخابات 23 أكتوبر بأنّ حزبه لن يحرم نساء تونس حقوقهن ولن يفرض عليهن نظاما مجتمعيا مغايرا لما عاشته المرأة التونسية وتميزت به عن غيرها من النساء العربيات منذ عهود طويلة، تسعى كتلة النهضة اليوم في المجلس التأسيسي إلى ضرب حقوق …



كتلة النهضة في التأسيسي تسعى إلى تجريد المرأة من حقوقها

 

بعد الوعود التي قدّمها راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة قبل انتخابات 23 أكتوبر بأنّ حزبه لن يحرم نساء تونس حقوقهن ولن يفرض عليهن نظاما مجتمعيا مغايرا لما عاشته المرأة التونسية وتميزت به عن غيرها من النساء العربيات منذ عهود طويلة، تسعى كتلة النهضة اليوم في المجلس التأسيسي إلى ضرب حقوق المرأة والقضاء على النموذج التونسي.

 

فقد تقدمت الكتلة بلجنة الحقوق والحريات التابعة للمجلس التأسيسي بمقترح يشير إلى أن المرأة هي "المكمل  للرجل داخل العائلة"، في الوقت الذي تنادي فيه أصوات حقوقية ونقابية وطنية بتكريس المساواة التامّة بين الجنسين خاصة في بلد تعد المرأة فيه المحرّك الحقيقي لعجلة الاقتصاد في تونس وتضطلع بمسؤوليات لا تقل عن مسؤوليات الرجل  داخل العائلة.

 

ويقول  نص المقترح "حماية حقوق المرأة ودعم مكاسبها باعتبارها شريكاً حقيقيا للرجل في بناء الوطن، ويتكامل دورهما داخل الأسرة’"، وهو مقترح اعتبرته الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ولجنة المرأة العاملة للإتحاد العام التونسي للشغل، ومنظمة العفو الدولية فرع تونس، والمجلس الوطني للحريات بتونس "يستهدف ضرب مبدأ المساواة بين الجنسين".

 

كما عبرت هذه المنظمات عن استيائها من أن مناقشات داخل المجلس التأسيسي "تعبّر عن رفض تامّ للحقوق الإنسانية الكاملة للنساء وضرب لكرامتهن ومواطنتهن"، فيما تستعد تونس لإحياء الذكرى 56 لصدور قانون الأحوال الشخصية.

 

كما شدّدت على أنّ هذا المقترح يعد تنكرا لما صرّح ووعد به المترشحات والمترشحون من مختلف الاتجاهات السياسية في الحملة الانتخابية من تمسّك بحقوق النساء وتطوير مكاسب الشعب التونسي، معتبرة أن هذا الموقف يعد ضرباً للمكاسب، ومكرسّا لمنظومة أبوية تمنح السلطة المطلقة للرجل وتسلب المرأة حقوقها بوصفها مواطنة كاملة الحقوق وتتمتع بالشخصية القانونية، ولا تعترف بكيانها ومواطنتها واستقلاليتها كفرد من أفراد المجتمع يحقّ لها التمتّع بحريتها وحقوقها الإنسانية بالتساوي مع  الرجل.

 

وأضافت هذه المنظمات أن هذا الموقف لا يعرّف المرأة إلا بالتبعية للرجل أبا كان أو زوجا أو أخا، وطالبت بدسترة الحقوق الإنسانية للنساء دون تحفّظ.

 

وكانت فريدة العبيدي نائبة عن كتلة النهضة رئيسة لجنة الحقوق والحريات صرّحت لإحدى وسائل الإعلام أن المرأة لا تتساوى في الحقوق والواجبات مع الرجل وحقوقها تندرج في إطار التكامل مع الرجل وليس من خلال استقلالها بذاتها، معتبرة أنه ليس هناك وجود لمساواة تامة بين الجنسين.

يشار إلى أن المرأة التونسية هي الأكثر تمتعا بالحقوق الليبرالية في العالم العربي. فقد حصلت على حق التصويت في الانتخابات قبل المرأة السويسرية، واستخدمت حبوب منع الحمل قبل أن تستخدم في فرنسا.

 

ومنذ عام 1956 تعدد الزوجات ممنوع في تونس، ومنذ ذلك الحين هناك مساواة في الحقوق بين النساء والرجال، سواء في التعليم أو سوق العمل. كما لهنّ الحق في طلب الطلاق، ولا يجوز لأحد إجبارهن على الزواج.

 

ولكن بالرّغم من كم الحقوق التي وضعها المشرع التونسي لفائدة المرأة فإنه يتمّ تسجيل العديد من الانتهاكات في حقها من ذلك ارتفاع نسبة العنف المسلط على المرأة إلى قرابة 50 بالمائة حسب إحصائيات لدراسة حديثة أعدها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، علاوة على تراجع تشغيل المرأة مقارنة بالرجل.

 

كما يرتبط مصير المرأة على المستوى الاجتماعي والمهني بمصير الرجل سواء والدها أو زوجها أو أخاها، إلى جانب تقلص تمثيلية المرأة في المؤسسات القيادية في البلاد على غرار مجلس الشعب والمجالس البلدية وانعدام توليها المناصب العليا في البلاد.

 

وأمام هذه التحديات وآمال المرأة التونسية، التي ساهمت في بناء تونس بعد الاستقلال إلى جانب الرجل في تفعيل القوانين على أرض الواقع لصالحها والوصول إلى المساواة التامّة مع الرجل في الحقوق والواجبات، تتزايد المخاوف من تراجع وضعية المرأة التونسية في ظلّ حكم "الإسلاميين" الذين بدأت نواياهم الحقيقية تظهر بمقترح كتلة النهضة في التأسيسي والذي قد يكون ضربة البداية للعودة للوراء.

 

مريم التايب 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.