تونس- قرار غلق المحلات التجارية المخالفة يبقى حبرا على ورق

أصدرت وزارة التجارة والصناعات التقليدية 51 قرار غلق محلات تجارية تمّ تحرير محاضر في شأنها من طرف أعوان المراقبة الاقتصادية في عدّة ولايات تتعلق بعدم احترام التسعيرة القانونية وذلك في إطار تفعيل النصوص القانونية المنظمة لقطاع التجارة وخاصّة مقرر وزير التجارة عدد 251 بتاريخ 18 جويلية 2012 المتعلق بضبط أسعار المنتوجات الفلاحية والمقرر عدد 252 بتاريخ 18 جويلية 2012 المتعلق بضبط أسعار بيع اللحوم الحمراء…



تونس- قرار غلق المحلات التجارية المخالفة يبقى حبرا على ورق

 

أصدرت وزارة التجارة والصناعات التقليدية 51 قرار غلق محلات تجارية تمّ تحرير محاضر في شأنها من طرف أعوان المراقبة الاقتصادية في عدّة ولايات تتعلق بعدم احترام التسعيرة القانونية وذلك في إطار تفعيل النصوص القانونية المنظمة لقطاع التجارة وخاصّة مقرر وزير التجارة عدد 251 بتاريخ 18 جويلية 2012 المتعلق بضبط أسعار المنتوجات الفلاحية والمقرر عدد 252 بتاريخ 18 جويلية 2012 المتعلق بضبط أسعار بيع  اللحوم الحمراء والبيضاء وطبقا لأحكام القانون عدد64 المؤرخ في 29 جويلية 1991 المتعلق بالمنافسة والأسعار.

 

المتأمل في عدد قرارات الغلق يلاحظ أنها 51 قرارا محدودة جدا بالمقارنة مع الكمّ الهائل من المخالفات الاقتصادية. غير أنّ السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو هل أن قرارات الغلق كافية لكبح جماح المخالفين والمساهمة غير المباشرة في الضغط على الأسعار وردع المخالفين؟ وهل سيقع تطبيق قرارات الغلق هذه أم تبقى مجرد حبر على ورق وذر رماد على العيون؟

 

الإشكال الحقيقي ليس في إعلام الرأي العام باتخاذ قرارات الغلق بل في تطبيق هذه القرارات "بكل حزم" وجدية وتطبيق القانون الذي ظلّ للعديد من السنوات غير مُطبّق بالكامل من منطلق مراعاة الظروف الاجتماعية والحالات الإنسانية للمخالفين، كما أنه من الضروري عند تطبيق قرارات غلق المحلات التجارية التي تعمد أصحابها مغالطة المستهلكين وضع معلقة على واجهة المحل تعلم المواطنين بالغلق وأسبابه حتى يكون عبرة لغيره وكي يتعض بعض التجار الذين ينوون القيام بتجاوز في الترفيع في الأسعار أو عدم احترام التسعيرة.

 

أمر آخر وجب التأكيد عليه هو أنه عندما تتخذ السلطات المعنية قرارا بالغلق يتعين تطبيق القرار في غضون 24 ساعة على أقصى تقدير لإكساب العملية أكثر أبعاد زجرية وتتخذ أيضا أبعاد نفسية لدى التجار وترهبهم.

 

لكن شتان بين الواقع والمنشود باعتبار أن جلّ قرارت الغلق لم يقع تطبيقها بالكامل إذ لم نشاهد أو نسمع للعديد من السنوات عن غلق محل تجاري لعدم احترام صاحبه التسعيرة أو قام بمخالفة اقتصادية تستوجب الغلق، كما أن إحصائيات وزارة التجارة في هذا الصدد تكاد تكون معدومة باعتبار انه لم يقع نشر أو إعلام الرأي العام بالغلق الفعلي للمحلات التجارية.

 

المعضلة الحقيقة في اعتقادنا تتمثل حقا في الإسراع في تنقيح قانون المنافسة والأسعار لسنة 1991 وخاصة تطوير وتغيير الفصول الخاصة بالمخالفات الاقتصادية في اتجاه الترفيع في.

 

إذ أنّ المعمول به حاليا هو عون المراقبة الاقتصادية يرفع المخالفة ويُحرّر المحضر ثم إحالة المحضر على السلطات المختصة (إدارة النزاعات والشؤون القانونية بالوزارة) التي تتولى بدورها إحالة المخالفة الاقتصادية على الجهات القضائية ذات المرجع الترابي وهي عملية وفق المعطيات المتوفرة لدينا تتطلب إجراءات إدارية ما بين الستة أشهر والسنة وفي الأثناء ارتكب التاجر المخالف عشرات المخالفات الاقتصادية الأخرى، كما أن قيمة المخالفة الاقتصادية زهيد وبسيط ولن يؤثر على رقم معاملات التاجر المخالف.

 

كما يتعين على الوزارة عند اعتزامها الجدي في تغيير القانون اعتماد مبدأ التطبيق الفوري لقرار الغلق وعدم الانتظار.

 

هذا وسبق للسيد الحبيب الديماسي مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة والصناعات التقليدية أن أعلن في حديث سابق للمصدر أن الوزارة تعكف على مراجعة قانون المنافسة والأسعار لسنة 1991 وستشمل المراجعة العديد من الفصول ومن ضمنها أن المخافة المتصلة بعدم إشهار الأسعار.

 

ولاحظ في هذا الصدد أن هذه المخالفة وحسب المتابعة الميدانية والإحصائيات باتت تتكرر باستمرار وتسجل حضورها في أغلب محاضر المخالفات منذ إحداث القانون.

 

وبيّن أن قيمة خطية مخالفة عدم إشهار الأسعار تتراوح بين 20 دينار وألفي دينار، مشيرا إلى أن تحرير المخالفة من طرف عون المراقبة يتراوح حسب نوعية المخالفة ونوعية المنتوجات والمحل التجاري.

 

وأبرز أنه خلال السنوات الأخيرة تمّ التأكد من لامبالاة التجّار وعدم اكتراثهم ولأجل ذلك ستتجه النية نحو تعديل العقوبات المترتبة عن عدم إشهار الأسعار في اتجاه الترفيع فيها من خلال تشديد العقوبة، لأن العديد من التجار أصبحوا يتهاونون من عدم إشهار أسعار بضاعتهم وهو حق من حقوق المستهلك في إطّلاعه على الأسعار، علما أن عملية إشهار الأسعار تنطبق على كل القطاعات ولا تنحصر فقط على الخضر والغلال.

 

وعمّا إذا كان هناك توجه بمقتضى التحوير الجديد لغلق المحلات التجارية في حال ثبوت غش التجار أو قيامه بمخالفة اقتصادية، أوضح الديماسي أن مشروع القانون الجديد لا يُخوّل الغلق غير أن هناك النية لتشديد العقوبة، مُلمّحا إلى أن هذه المخالفة تعرّض التاجر إلى إمكانية الغلق في حال أن تكرار عدم إشهار الأسعار وتكون عملية مقصودة في حال منع المستهلك من التعرف على أسعار المنتوجات.

 

وبخصوص تقدّم إعداد هذا المشروع أجاب مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية أنه في طور الإنجاز وبصدد ضبط كل الفصول والنظر فيها من قبل اللجان والإدارات الفنية المعنية على مستوى الوزارة.

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.