المستشار “زيتون”.. حامى “الثورة” أم صانع “التغيير”؟

يثير الوزير المستشار المكلّف بالملّف السياسي لطفى زيتون الكثير من الجدل داخل الأوساط الإعلامية، فهو المتمرّد الذي لا يتردّد بلباقته المفقودة في استفزاز الصحفيين والإعلاميين من خلال تصريحاته النارية التي لا تخلو من التهديد والوعيد وكيل الاتّهامات دون تمييز بين الغث والسمين…



المستشار “زيتون”.. حامى “الثورة” أم صانع “التغيير”؟

 

يثير الوزير المستشار المكلّف بالملّف السياسي لطفى زيتون الكثير من الجدل داخل الأوساط  الإعلامية، فهو المتمرّد الذي لا يتردّد بلباقته المفقودة في استفزاز الصحفيين والإعلاميين من خلال تصريحاته النارية التي لا تخلو من التهديد والوعيد وكيل الاتّهامات دون تمييز بين الغث والسمين.

 

كما أنه وحسب تأكيدات لرؤساء تحرير عدد من وسائل الإعلام العمومية والخاصّة يمارس ضغوطات عليهم ويتّهم إعلام ما بعد الثورة بأنه في صف المعارضة ويسعى إلى إجهاض الثورة، علاوة على الشبهات التي تحوم حول علاقته بتدبير اعتصام التلفزة التونسية الشهير.

 

ويعدّ زيتون الشخصية الأكثر شراسة وعدوانية في حركة النهضة "الإسلامية"، وهو الملهم لمناصريه سيما في صفحات التواصل الاجتماعي من أجل مساندته في معركته ضدّ الإعلام كما وصفها مؤخرا في اجتماع نهضاوي بالمهدية.

 

فقد تهجّم خلال اللقاء على الإعلاميين، واصفا إياهم باليتامى بطريقة ساخرة، قائلا "هم يعيشون حالة من الحزن الشديد لغياب ولي نعمتهم بن علي، ونحن نتفهّمهم ونعزيهم، ولكن أنا أسألهم إلى متى سيظلون حزانى".

 

وأضاف أنّ الحكومة في مواجهة مع صعوبة ثالثة بعد الإدارة والقانون هي الإعلام "الفاسد"، الذي نسي دوره الحقيقي وهو الإعلام وتقديم خدمة للشعب وأصبح يلعب دور المعارض.

 

وفي تعليق ساخر قال زيتون إنّ من شبّهوه بعبد الوهاب عبد الله، مستشار بن علي السابق والذي كان مسؤولا عن تدجين الإعلام، إنّما أخذهم الحنين له (عبد الوهاب عبد الله)، حسب قول زيتون، داعيا إياهم للتأقلم مع الوضع الجديد.

 

كما أنّ عداء زيتون للإعلاميين والصحفيين بات أمرا واضحا بعد تهديده بنشر القائمة السوداء للصحفيين الذين تعاملوا مع النظام السابق والتي وضع شروطها ومعاييرها دون الاستناد إلى أيّ نص قانوني أو بالتشاور مع الهياكل المهنية للصحفيين وفي مقدمتهم النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي لا يكن لها الودّ بتاتا.

 

وليبدأ تصفية حساباته مع الحلقة الأضعف وهو الإعلامي سامي الفهرى الذي صدر في حقه بطاقة جلب في قضية فساد مالي رفعتها التلفزة الوطنية إبان الثورة ضدّ شركة كاكتوس التي يديرها في خطوة أثارت شكوكا في الوسط الإعلامي، بأنّ هناك توظيفا للقضاء للانتقام من صاحب قناة "التونسية"، التي أضحكت التونسيين بفضل بعض منوعاتها على شخصيات في الحكومة وفي حركة النهضة مثل راشد الغنوشي.

 

فجاءت مذكرة توقيف سامي الفهري مباشرة بعد  ارتفاع نسبة مشاهدة قناة التونسية خلال شهر رمضان بفضل نجاح برنامجي "اللوجيك السياسي" و"ديما لاباس" اللذين يتمّ خلالهما توجيه انتقادات حادة إلى الحكومة والترويكا والنهضة "الإسلامية".

 

واتهم سامي الفهرى المستشار زيتون بمحاولة الضغط عليه لوقف بث منوعة اللوجيك السياسي، فضلا عن اعتزامه تسمية مدير جديد لقناة "التونسية"، لاسيما وأن الدولة أصبحت تمتلك 51 بالمائة من رأس مال "كاكتوس برودكشن" بعد مصادرتها لأملاك بلحسن الطرابلسى شريك سامي الفهرى.

 

وقد نجح زيتون في تأليب جزء من الرأي العام على الصحفيين الذين كانوا المبادرين بنشر القائمات السوداء لكل من تورط مع النظام السابق واتهمت نقابة الصحفيين بأنها تساند الفاسدين بعد بيان انتقدت فيه توظيف القضاء في قضية سامي الفهري التي اعتبرت أنها كانت مسيسة.

 

وقد شن أنصاره حملة شعواء ضد الصحفيين ونشروا قائمات سوداء حشرت فيها بعض الأسماء البريئة كما غابت عنها أسماء عرفت بولائها التام لنظام بن على والتي دخلت  اليوم بيت الطاعة وأصبحت  تمثل بوق الدعاية  لحركة النهضة.

 

 ويعتقد صحفيون أن الحكومة ستستعمل قضية القائمة السوداء كورقة للمزايدة وللضغط على الصحفيين من أجل تركيع القطاع الذي يعد الوحيد الذي لم يدخل إلى حد الآن إلى بيت الطاعة وذلك بعد سيطرتها على الوزارات السيادية والولايات.

 

فهل سينجح لطفي زيتون في التوفيق بأن يكون حامي الثورة والمطهر الذي سيمحو الإعلاميين الفاسدين من المشهد برمته -رغم أن الحكومة التي ينتمي إليها قامت بتعيين مسؤولين تجمعيين على رأس عدد من المؤسسات الإعلامية- وأن يكون ساهرا في الوقت ذاته على حرية التعبير ويضمن الحريات ويدافع عن حق المواطن التونسي في المعلومة دون رتوش تجميلية؟؟؟

 

آم أنه سيكون صانع التغيير في شكله النهضاوي مستلهما تجربة صانع التغيير في شكله النوفمبرى مع اختلاف بسيط، الأخير يستمد شرعيته من انتخابات مزورة عام منذ 1989 والأول يستمد شرعيته من أول انتخابات حقيقية في تونس لم يشارك فيه سوى 50 بالمائة من جملة المقترعين تحصلت خلالها النهضة على مليون ونصف المليون من الأصوات، من بين 7 ملايين ناخب.

 

ولعل المفاجئة التي فجرت المشهد الإعلامي وقد تكون الإجابة عن السؤالين هو الوثائق التي نشرها موقع "بيزنس نيوز" التي تثبت أن لطفى زيتون هو المالك الحقيقي لقناة "الزيتونة"، التي زعم ابن وزير التعليم العالى والبحث العلمي المدعو أسامة بن سالم أنه يمتلكها متسترا بذلك على مالكها الحقيقي المستشار زيتون الذي بدوره قام بتسجيل هذه القناة باسم زوجته منجية عبيدي، وفق مالسجل التجاري المتحصل عليه من قبل موقع "بيزنيس نيوز" من لندن، حيث كان يقيم زيتون في المهجر مطرودا من تونس تحت نظام بن علي.

 

وتعد هذه القناة الآلة الدعائية للحكومة المؤقتة ولحركة النهضة والتي تذكر الناس بـ"قناة 7 تونس" والمساند الرسمي لحملة "زيتون" على الإعلام الوطني، الذي وجه انتقادات لاذعة للترويكا ولحركة النهضة بالخصوص في تعاملها مع أمهات القضايا في تونس منها التشغيل والسلفية والفساد والحريات والمرأة والدستور والانتخابات واستقلال القضاء…

 

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.