الاستثمار بتونس في حاجة إلى إصلاحات تشريعية وهيكلية تخرجه من حالة الركود

تبيّن من خلال دراسة موضوعية أنجزتها وزارة الاستثمار والتعاون الدولي لواقع الاستثمار بتونس أن الاستثمار أصبح في حاجة ملحّة إلى إصلاحات تشريعية وهيكلية عميقة تخرجه ممّا تردى فيه من جمود وضيق أفق عطّلت نسق تطوره بالرغم مما توفّره الدولة من امتيازات وتشجيعات…



الاستثمار بتونس في حاجة إلى إصلاحات تشريعية وهيكلية تخرجه من حالة الركود

 

تبيّن من خلال دراسة موضوعية أنجزتها وزارة الاستثمار والتعاون الدولي لواقع الاستثمار بتونس أن الاستثمار أصبح في حاجة ملحّة إلى إصلاحات تشريعية وهيكلية عميقة تخرجه ممّا تردى فيه من جمود وضيق أفق عطّلت نسق تطوره بالرغم مما توفّره الدولة من امتيازات وتشجيعات.

وفي هذا الإطار تفيد المعطيات المستقاة من الوزارة أن سياق الخطة الإصلاحية التي ضبطتها الوزارة، واعتبارا لما يتطلبه تنشيط الاستثمار من أطر قانونية وتحفيزية تتلاءم مع مقتضيات المنافسة وتضمن للمستثمر حقه مع تمكينه من آفاق أرحب للنشاط والتوسع، انطلقت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي منذ الأشهر الأولى من هذه السنة في وضع تصوّر عام لمراجعة مجلة تشجيع الاستثمارات وذلك بتشريك مختلف المتدخلين في هذا المجال من وزارات وهياكل مساندة ومنظمات وطنية ومكونات المجتمع المدني والقطاع الخاص.

وقد تم في هذا الغرض إبرام اتفاقية مع المؤسسة الدولية للتمويل (SFI) ، التي تنتمي إلى مجموعة البنك الدولي، تمتد على 14 شهرا وتنصّ على تقديم المؤسسة المذكورة دعما ماليا لبلادنا قدره 625 ألف أورو، أي ما يعادل 1250 ألف دينار،على أن يبقى هذا المبلغ قابل للترفيع لاحقا إذا اقتضت الحاجة ذلك، هذا فضلا عن أن  المؤسسة الدولية للتمويل تتعهد بتقديم دعم فني يتمثل في المساعدة على حسن سير المشروع من خلال تسخير خبراء دائمين يتولون  مرافقة فرق العمل لدى إنجازهم لمختلف مراحل المشروع والمساهمة في تأطير أعمالهم لاحترام الرزنامة المحددة، مع القيام بعدد من المهمات من قبل خبراء ذات صيت عالمي في ميادين المالية والجباية وقانون الاستثمارات، ومتابعة تطبيق مقتضيات المجلة الجديدة كصدور النصوص التطبيقية لها وغيرها من آليات التنفيذ.

ويستفاد من ذات البيانات أنه تم تحديد خطة عمل تتمثل في تكوين فريق عمل تنفيذي يتولى يوميا الإشراف على الإعداد المادي للمجلة بالتنسيق مع خبراء المؤسسة ومكتب الاستشارة الذي يتم انتدابه للغرض.

وفي نفس السياق تم تشكيل فريق موسّع يعنى بالمتابعة يتكون من ممثلين عن مختلف الوزارات المعنية بالاستثمار وهياكل المساندة وفريق يضم مكونات المجتمع المدني وممثلي المنظمات الوطنية والهيئات المهنية وغيرها، ويجتمع هذين الفريقين بصفة دورية مع اللجنة التنفيذية لمناقشة المقترحات الصادرة عنها وتحديد مضمون العمل الذي سيقدّم لاحقا للحكومة من أجل المصادقة عليه. فيما سيتمّ تنظيم ملتقيات و ورشات عمل تجمع كل الأطراف المعنية بالاستثمار في إطار الاستشارة العامة التي ستتولى القيام بها الوزارة بخصوص مجلة الاستثمار.

هذا وقد وقع تحديد رزنامة مدققة لهذه المراجعة، ستنتهي في نهاية سنة 2012 بإعداد مشروع المجلة وعرضه على أنظار المجلس الوطني التأسيسي.

ولضمان مقوّمات النجاح للمجلة الجديدة، وفي إطار الاستئناس بتجارب أجنبية ناجحة، بادرت الوزارة بدعوة بعض الجهات والهيئات الإقليمية والدولية لتقديم المشورة الفنية والخبرة الضرورية.

وفي هذا التمشي، كان للوزارة تعاون مع البنك الأوروبي للاستثمار (BEI ) الذي أنجز دراسة في الغرض تبرز إيجابيات وسلبيات مناخ الاستثمار في تونس، وتقيّم الإطار القانوني ومنظومة الحوافز. الجاري بها العمل حاليا.

وتحقيقا لمزيد من النجاعة، تمّ الاتفاق مع منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OCDE )، على أن توفر لتونس خبراء في مجال الاستثمار وكذلك الشأن بالنسبة لهيئة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (CNUCED ) ووزارة التجارة الأمريكية.

وسيتشكّل في هذا الإطار فريق عمل من الخبراء الأجانب من هذه المؤسسات، سيعمل في تناغم مع لجان المشروع بهدف التوصّل إلى إعداد المجلة الجديدة بمضمون متطور يواكب متطلبات المنافسة ويستجيب في نفس الوقت لأولويات بلادنا التنموية على المدى المتوسط والبعيد وخاصة منها التشغيل ودفع التنمية بالجهات الداخليـة.

وفي نفس السياق، تساهم الوزارة ، تحت إشراف رئاسة الحكومة، في إعداد قانون إطاري يشمل مختلف صيغ الشراكة المتاحة لإنجاز المشاريع لاسيما الشراكة بين القطاع العام والخاص ويضبط صيغ التمويل والاستغلال وفضّ النزاعات لدعم المبادرة الخاصّة و تشجيع الخواص على مزيد الاستثمار.

كما تعمل مصالح الوزارة في الفترة الراهنة مع الجهات المعنية من أجل مراجعة إجراءات تغيير صبغة الأراضي الفلاحية المخصصة للمناطق الصناعية والسياحية، حيث تعدّ هذه المسألة  أحد أبرز معوقات الاستثمار. هذا مع المساهمة مع الإدارات ذات العلاقة في وضع تصور عملي لتبسيط إجراءات  الصفقات العمومية بما يمكّن من اختصار آجالها وإضفاء مزيد من الشفافية والنجاعة عليها.

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.