شكوك حول مصداقية المؤشرات الجديدة للفقر في تونس

احتفلت المجموعة الدولية الأربعاء باليوم العالمي للقضاء على الفقر في الوقت الذي تثير به المؤشرات الخاصة بالفقر في تونس الجدل. إذ انتقد الاتحاد العام التونسي للشغل والعديد من الخبراء والمختصين طريقة احتساب مؤشر الفقر في نتائج المسح الوطني الخماسي حول الاتفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر التونسية لسنة 2010…



شكوك حول مصداقية المؤشرات الجديدة للفقر في تونس

 

احتفلت المجموعة الدولية الأربعاء باليوم العالمي للقضاء على الفقر في الوقت الذي تثير به المؤشرات الخاصة بالفقر في تونس الجدل. إذ انتقد الاتحاد العام التونسي للشغل والعديد من الخبراء والمختصين طريقة احتساب مؤشر الفقر في نتائج المسح الوطني الخماسي حول الاتفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر التونسية لسنة 2010.

 

وقد كشفت  نتائج هذا المسح تراجعا كبيرا لنسب الفقر مقارنة بمسح سنة 2005. فقد بلغت نسبة الفقر 15.5بالمائة مقابل 23.3 بالمائة في 2005 و32.4 بالمائة سنة 2000.

 

واعتمد المعهد في احتساب هذه النسب خط فقر في حدود 1277 دينارا للفرد في المدن الكبرى و820 دينارا بالمناطق غير البلدية.

 

وفيما يتعلق بالفقر المدقع فقد كانت في حدود 4.6 بالمائة خلال سنة 2010 مقابل 7.6 بالمائة سنة 2005، فيما حدّد خطّ الفقر المدقع بقيمة 757 دينارا بالمدن الكبرى و571 دينارا بالمناطق غير البلدية.

 

وشمل المسح عينة متكونة من 13 ألف أسرة موزعة على كل جهات البلاد وكل الفئات الاجتماعية.

 

وأكد المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء جلال الدين بن رجب أنّ "انخفاض نسب الفقر تم بصفة متفاوتة بين الجهات حيث لم تشهد الجهات الداخلية نفس وتيرة الانخفاض التي شهدتها المناطق الساحلية".

 

وأضاف "أنه رغم تراجع مؤشر قياس التفاوت الاجتماعي (مؤشر جيني) على المستوى الوطني حيث قدر بـ35.8 بالمائة سنة 2010 مقابل 37.7 بالمائة سنة 2000، فإن مؤشر التفاوت بين الجهات يبرز عمق الفجوة الحاصلة بين مختلف جهات البلاد حيث بلغ 18.2 بالمائة عام 2010، مقابل 16.7 بالمائة سنة 2000.

 

وبخصوص توزيع الفقراء حسب الشرائح الاجتماعية لاحظ المسؤول أن العاطلين عن العمل يحتلون المرتبة الأولى (40.3 بالمائة) ثم العمال في القطاع الفلاحي (28.9 بالمائة).

 

كما تنتشر نسبة الفقر حسب المستوى التعليمي في الأميين (23.4 بالمائة) فالمستوى الابتدائي (18.1بالمائة) ثمّ المستوى الثانوي (7.2 بالمائة) في حين تنخفض نسبة الفقر في مستوى التعليم العالي 0.4 بالمائة.

 

وأبرز المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء صعوبة إجراء إسقاطات دقيقة ومضبوطة لتحديد نسبة الفقر في هذه السنة والسنوات القادمة بالاستئناس بنتاج مسح سنة 2010 مقرا في هذا الصدد "بصعوبة إنجاز المسوحات الخماسية التي تتطلب موارد بشرية وموارد مالية هامة "معدل 2 مليون دينار لكل مسح خماسي".

 

من جهته، أكد الاتحاد العام التونسي للشغل أن نتائج المسح الوطني الخماسي حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر التونسية لسنة 2010، التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء مؤخرا “تطرح أكثر من سؤال حول نجاعة هذه النتائج ومدى صحة الطريقة المعتمدة في احتسابها".

 

وأوضح قسم الدراسات والتوثيق بالمنظمة الشغيلة أن الأرقام التي أعلن عنها المعهد، بالاعتماد على طريقة جديدة لاحتساب مستوى الفقر في تونس، كشفت عن نسبة فقر في حدود 15.5 بالمائة (مليون و650 ألف شخص) وعن مؤشر تفاوت اجتماعي بنسبة 35.8 بالمائة.

 

وبين أن هذه النتائج تؤكد التفاوت الكبير بين الجهات وتواصل التباين بين الوسطين الريفي والحضري، إذ أن 840 ألف فقير يعيشون في الوسط الريفي.

 

وأوضح قسم الدراسات والتوثيق أن "هذا التراجع الهام في مستوى الفقر (لم يتم تسجيله في الاقتصاديات المشابهة للاقتصاد التونسي) يدعو إلى التشكيك في نجاعة مؤشر الأسعار عند الاستهلاك (العامل الأساسي في احتساب نسبة الفقر) والذي لا يعكس بصورة دقيقة تطور الأسعار خلال العشرية الأخيرة".

 

وأضاف أن "هذا الأمر يؤكد الشكوك المطروحة حول مدى نجاعة مؤشر الأسعار عند الاستهلاك، وهو ما يعني انه باعتماد الطريقة الجديدة للمعهد الوطني للإحصاء فان نسبة الفقر في سنة 1990 كانت في حدود 60 بالمائة".

 

ودعا الاتحاد المعهد الوطني للإحصاء إلى تقديم توضيحات مقنعة حول طريقة احتساب مؤشر الأسعار وجودته قبل نشر النتائج النهائية للمسح.

 

فالشكوك التي تحوم حول نجاعة مؤشر الأسعار سيكون لها انعكاسات سلبية على نجاعة الإجراءات التي يمكن اتخاذها على مستوى التوازنات الكبرى للاقتصاد والسياسات الاقتصادية وتعديل الأجور وجرايات التقاعد.

 

وبين مكتب الدراسات والتوثيق أن سياسة اقتصادية ناجعة ترتكز أساسا على مؤشرات دقيقة وصلبة وأنّ المرحلة الانتقالية التي تشهدها تونس مليئة بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية.

 

ودعا إلى ضمان النفاذ إلى المعلومة بالنسبة للجامعيين والمنظمات الوطنية حتى يساهموا بطريقة ناجعة في الحوار حول الإصلاحات الواجب اتخاذها.

 

يشار إلى أن جدلا مماثلا نشب إبان الثورة بعد نشر وزارة الشؤون الاجتماعية لمؤشرات مختلفة عن التي قدمها المعهد الوطني للإحصاء حول الفقر في تونس والتي أظهرت أن نسبة الفقر تتجاوز 24 بالمائة في الوقت الذي اتهم فيها المعهد بخضوعه إلى ضغوطات سياسية من قبل النظام السابق ويخشى أن يكون المعهد بعد تغيير مدير العام من قبل الحكومة المؤقتة  يتعرض حاليا إلى ضغوطات مماثلة.

 

ويطالب إطارات وأعوان المعهد الوطني للإحصاء بالتنصيص قانونا على استقلالية المعهد الإدارية والمالية وذلك لتجنب إقحامه في التجاذبات السياسية وعدم التلاعب بالأرقام والمؤشرات من قبل السلطة التنفيذية.

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.