تونس – محنة غزة تكشف رياء وتهاوي النظام العربي

كانت اسرائيل تنتظر الفرصة التي تتمكن من خلالها من اختبار جديد للنوايا إزاء التغيرات التي شهدتها المنطقة العربية في العامين الأخيرين بعد رحيل نظام مبارك الذي طالما أعانها على الفاسطينيين وبعد تهاوي نظام الأسد المشارك في كل المعارك بالغياب منذ ..



تونس – محنة غزة تكشف رياء وتهاوي النظام العربي

 

كانت اسرائيل تنتظر الفرصة التي تتمكن من خلالها من اختبار جديد للنوايا إزاء التغيرات التي شهدتها المنطقة العربية في العامين الأخيرين بعد رحيل نظام مبارك الذي طالما أعانها على الفاسطينيين وبعد تهاوي نظام الأسد المشارك في كل المعارك بالغياب منذ سنة 1967 وفقدان الجولان…كما أن الحرب الآن على غزة من شأنها وضع الأنظمة الإسلامية  الجديدة في كل من مصر وتونس على محك حقيقيهذا بالطبع إضافة إلى المزيد من إنهاك السلطتين الفلسطينيتين في غزة ورام الله وبالمناسية تحريك الجبهة المتقدة مع إيران وحزب الله…ويندرج الهجوم الإسرائيلي الأخير على المقاومة في غزة في إطار محلي إسرايلي آخر يتعلق بالطبع بالإستحقاقات الانتخابية القادمة التي ينوي بتيامين ناتنياهو النجاح فيها وإعادة الإئتلاف الحالي للحكم لمدة نيابية جديدة وهو بالتالي كان يريد "حربه" الخاصة على غزة حتى يبعد الملف الإجتماعي والإقتصادي من تصدر الحملة الانتخابية القادمة …

ويكون  أول المستهدفين من هذا الهجوم الجديد على قطاع غزة إمارة قطر التي تلعب الأدوار الأولى في الساحة السياسية العربية اليوم بمباركة أمريكية وبمنافسة شرسة من الشقيقة الكبرى السعودية. وها نحن سنرى الإمارة "الغازية" التي تنفق بسخاء على وصول الإخوان للحكم في تونس وقي مصر وفي سوريا , سترى مدى جديتها في القضية العربية المركزية وفي نصرة جماعة  حماس القريبة منها في الفترة الأخيرة حتى أن الأمير وزوجته موزة زارا غزة منذ بضعة أيام فقط؟ ولا يتوقع أحد أن تتقلب موازين الإمارة فجأة وتتنكر للدور الذي ما زالت تبرع في إتمامه في المنطقة والمتمثل في إعادة الحركات الإسلامية المعتدلة إلى الدائرة الأمريكية وتليين مواقفها حتى لا تواصل نهج المقاومة ولا تواصل التأثر بالنظام الإيراني الذي يجتهد من جهته في تجنيدها حسب أجنداته وحسب معطيات معركته مع الغرب في الآونة الأخيرة…

ويأتي المستهدف الثاني في الحرب الجديدة على القطاع متمثلا في النظامين المصري والتونسي اللذين تحكمها مباشرة أو عبر التحالفات حركة الإخوان المسلمين التي طالما زايدت على الجميع بمناصرتها للقضية الفلسطينية وخاصة المنظمات والتشكيلات الإسلامية منها وعلى رأسها الجهاد وحماس بالطبع..وها أن الرئيس مرسي قد سارع باستدعاء السفير المصري في تل أبيب وهذا بالطبع أضعف الإيمان ولكن لا ننسى أن مبارك لم يسحب سفيره في العدوان الأخير على غزة في  2008 ولا للحظة واحدة…وها أن الرئيس المصري يرسل رئيس الوزراء إلى القطاع في سابقة لها من الأهمية ما لسقوط صواريخ الفجر على عمارات تل أبيب وإجبار الإسرائيليين على الإختباء في الملاجئ ..ولا شك أن السؤال الذي يدور في أذهان الجميع يتعلق بمدى الرد المصري إن تواصلت الحرب وعن مدى تأثيره الممكن في إتفاقية السلام مع مصر برمتها…

وها أن تونس الشعبية تسبق الحكومة فتخرج في مظاهرة صاخبة واضعة على المحك من جديد الجدال العنيف بين النهضة واليسار التونسي من أجل تجريم التطبيع الذي ترفضه حركة راشد الغنوشي بعد أن زايدت به مطولا قبل وصولها للحكم…وها أن رئاسة الجمهورية التونسية تستغل الفرصة للدفع بالموقف التونسي قدما مع الإعلان عن إعتزام إرسال وفد رسمي فيه وزير الخارجية ومستشار رئيس الجمهورية إلى غزة وهذا ما يمن شأنه أن يحشر حركة النهضة في الزاوية من حيث فحوى مواقفها بين التزامتها المبدأية وإلتزامتها للقطريين والأمريكان …

وفي المقابل تتردى الجامعة العربية التي لم يتغير فيها شئ بعد الربيع العربي في وحلها المستديم وتتنادى أجهزتها إلى إجتماع لوزراء الخارجية إن شاء الله يوم السبت عندما يبلغ الموتى في غزة عددا آخرا يزداد في كل لحظة…وقد التأم أمس إجتماع عاجل لمجلس الأمن في نيويرك حول غزة ولكن أحدا من المشاركين العلرب أو من غيرهم لم يطالب بإصدار قرار ولذلك كان الإجتماع "إخباريا " كالعادة…

ولا ننسى أن هذه الحرب الجديدة على القطاع تصب قتابلها أيضا على بيت الرئيس الفلسطيني محمد علاس المتهاوي بنيانه في المدة الأخيرة مع عجزه عن تقديم أية بديل للإستفزازات الإسرائيلية المتواصلة وخاصة بعد تردي مبادرته في الأمم المتحدة في مستنقعات الدبلوماسية العميقة…

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.