مسؤول أمني يعترف: وزارة الداخلية لا تمتلك الشاحنات المُجهّزة بخراطيم الماء لتفرقة المتظاهرين

المعروف في نواميس التعاطي الأمني في كل الدول وخاصة منها الدول المتقدمة التي تراعي حرمة الجسد وتعرف كيف تتعامل مع المظاهرات وفكّ الاعتصامات وأعمال العنف والشغب، لا تلتجأ مباشرة إلى الغاز المشل للحركة أو الغاز المسيل للدموع وبخاصة استعمال الرصاص المطاطي أو ما يعرف برصاص “الرش” الخبيث وصولا لأقصى الحالات باستعمال “الكرطوش الحي”.



مسؤول أمني يعترف: وزارة الداخلية لا تمتلك الشاحنات المُجهّزة بخراطيم الماء لتفرقة المتظاهرين

 

 

 

المعروف في نواميس التعاطي الأمني في كل الدول وخاصة منها الدول المتقدمة التي تراعي حرمة الجسد وتعرف كيف تتعامل مع المظاهرات وفكّ الاعتصامات وأعمال العنف والشغب، لا تلتجأ مباشرة إلى الغاز المشل للحركة أو الغاز المسيل للدموع وبخاصة استعمال الرصاص المطاطي أو ما يعرف برصاص "الرش" الخبيث وصولا لأقصى الحالات باستعمال "الكرطوش الحي".

 

فهناك وسائل ردع تستبق الوصل إلى الرصاص المطاطي أو الرصاص الحي المؤدي إلى قتل أو جرح المتظاهرين، إذ أن مختلف قوات الأمن تستعمل قبل كل شيء شاحنات ومدرعات مُجهّزة بخراطيم الماء يتمّ إطلاقها على المتظاهرين لتفرقتهم ويكون الماء ساخنا أو باردا، وعادة ما يكون الماء المطلق من هذه المدرعات ذو قوة كبيرة لكي يبعد شخصا بأكمه ويزحزحه عن مكانه ويُبلله ويثنيه عن مواصلة الشغب.

 

أما في تونس يبدو أن استعمال الماء لتفريق المتظاهرين غير متواجد في قاموس وزارة الداخلية التي تتعمد استعمال وسائل أكثر ردعية وقوة والأمثلة في هذا الصدد عديدة ومتنوعة انطلاقا من أحداث 14 جانفي 2011 التي ذهب ضحيتها العديد من الأرواح مرورا إلى الأحداث التي تلت الثورة في العديد من الجهات والمناطق وقد نجم عنها حصول أضرار متفاوتة الخطورة في صفوف المحتجين والمتظاهرين ووصولا إلى أحداث السفارة ألأمريكية التي نتج عنها 4 ضحايا في صفوف المتظاهرين وعديد الجرحى والمصابين في صفوف أعوان الأمن والمواطنين المشاركين في الأحداث.

 

وأخيرا الأحداث الأخيرة التي شهدتها ولاية سليانة منذ أربعة أيام والتي أستعمل فيها لأول مرة رصاص الرش المحظور لتفرقة المحتجين وقد تسبّب هذا في الحصول لأضرار متفاوتة الخطورة للعديد من شباب ولاية سليانة في أجسادهم وهناك من تضرّر في عينيه حيث هناك أخبار عن إمكانية فقدان البعض لنعمة البصر للأسف الشديد.

 

ولسائل أن يسأل لماذا تعمد وزارة الداخلية اللجوء إلى الوسائل الردعية القاسية والقوية والمهددة مباشرة لحرمة الجسد والمتسببة في إصابات تكون في بعض الأحيان بليغة؟ وهل أن لوزارة الداخلية التجهيزات والمعدات اللازمة لاستعمال الماء ضد المتظاهرين؟ وهل هناك قانون ينظم الاستعمال التدريجي لوسائل تفريق المتظاهرين؟

الإجابة عن هذه الأسئلة وجدت ضالتها خلال برنامج "التاسعة مساء" بث على قناة التونسية لمّا اعترف الناطق الرسمي باسم قوات للأمن الداخلي محمد على العروي الذي أكد "أن وزارة الداخلية لا تمتلك في الوقت الراهن التجهيزات الضرورية ولا سيما الشاحنات المُجهّزة بخراطيم المياه لتفرقة المتظاهرين" وذلك لدى استعراضه التدرج في استعمال وسائل التفرقة وعند وصوله إلى نقطة استعمال خراطيم الماء قالها صراحة أمام الجميع بأن الوزارة ليس لديها هذه التجهيزات.

 

وفي اعتقادنا الراسخ أن كان لزاما على الحكومة وخاصة وزارة الداخلية تخصيص اعتمادات خصوصية  للحصول على هذه التجهيزات الضرورية لتفادي قدر الإمكان حصول أضرار بدنية في صفوف المتظاهرين.

 

جانب آخر في طرق استعمال الوسائل الردعية في مثل هذه المواقف هو على غرار ما نشاهده في العديد من الدول الغربية " الديمقراطية" ركوب قوات الأمن الخيول "لمطاردة" المحتجين بطريقة أقل ما تكون بالحضارية من دون استعمال العنف المفرط.

 

من خلال كل المظاهر والتحركات الاحتجاجية التي تم قمعها منذ أكثر من 22 شهرا سواء في حكومة السبسي أو حكومة الجبالي كانت من دون استعمال الماء بما يعني أن الداخلية وأجهزة الأمن تفتقر إلى امتلاك المعدات والتجهيزات الضرورية.

 

ما يمكن التأكيد عليه أنه يتعين على وزارة الداخلية توخي طرق أخرى أكثر حضارية وخاصة ذكية عند تفريق المتظاهرين و استعمال خراطيم الماء بدلا من الرصاص المطاطي أو الحي كما أنه يتعين تخصيص جزء من الاعتمادات في ميزانية 2013 لاقتناء مدرعات وشاحنات مجهزة بخراطيم الماء تجنبا لمآسي جديدة لا سيما وأن المظاهرات والحركات الاحتجاجية لن تنتهي قطعيا بحكم المرحلة الانتقالية لتي تمر بها البلاد.

 

مهدي الزغلامي

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.