النهضة ورابطات حماية الثورة: عندما ينقلب السحر على الساحر!!!

جدد اعتداء عناصر مما يعرف برابطات حماية الثورة على إتحاد الشغل يوم 4 ديسمبر طرح موضوع هذه المجموعات وعلاقتها بالحزب الحاكم ودورها المشبوه في المشهد السياسي التونسي مما يدعو إلى التوقف عندما يمكن أن ينجر عن بدايات خروج الذراع الشعبوي لحركة النهضة عن السيطرة السياسية والتنظيمية…



النهضة ورابطات حماية الثورة: عندما ينقلب السحر على الساحر!!!

 

جدد اعتداء عناصر مما يعرف برابطات حماية الثورة على إتحاد الشغل يوم 4 ديسمبر طرح موضوع هذه المجموعات وعلاقتها بالحزب الحاكم ودورها المشبوه في المشهد السياسي التونسي مما يدعو إلى التوقف عندما يمكن أن ينجر عن بدايات خروج الذراع الشعبوي لحركة النهضة عن السيطرة السياسية والتنظيمية…

 

لم تكن نذر رابطات حماية الثورة غائبة عن أذهان مسؤولي النهضة والمتابعين السياسيين منذ مدة وزادت حادثة وفاة المرحوم لطفي نقض في تطاوين هذا الشعور حدة بعد أن تتالت في الواقع عدة حوادث أخرى أقل خطورة وبعد تواصل تعمد هذه الرابطات استعمال العنف ضد كل من تسول له نفسه المجاهرة بمعارضة الحكومة في أي شأن. 

 

ولم يسلم من هذه "الحركات" العنيفة لا الصحافيون ولا السياسيون ولا أعضاء المجلس التأسيسي ولا أي أحد في الواقع…ومثلما كان الأمر في مواجهة الجماعات السلفية العنيفة كانت الحكومة وخاصة حركة النهضة تحاول في كل مرة تبرير هذا العنف والبحث له عن تفسيرات وإلقاء اللوم على "المحرضين"من المعارضة…

 

ولا تخفي النهضة علاقتها برابطات حماية الثورة التي ورثتها عن الحراك المجتمعي الذي عرفته البلاد بعد 14 جانفي مباشرة. وللتاريخ نشير إلى أن جل هذه الرابطات كانت في الأساس متكونة من عدة فصائل سياسية أكثرها ذات مرجعية يسارية ونقابية وكان الحضور "الإسلامي" فيها محتشما في البداية لعدم توفر العناصر النهضوية القادرة على التحرك بسرعة إبان أيام الثورة وكذلك لتفكك القيادة النهضوية التي لم يكتمل تنظيمها إلا بعد عودة المنفيين وإلتقائهم بالقيادات المسجونة سابقا عند بن علي ..

 

وبينما اعتبرت جل الفصائل اليسارية أن عودة المؤسسات خاصة بعد انتخابات التأسيسي هو الضامن للثورة واتجهت تدريجيا إلى الانسحاب من الرابطات الجهوية خططت حركة النهضة للعكس تماما إذ اندفعت عناصرها تحتل المكان الذي بقي شاغرا ورفعت مباشرة شعارات حماية الثورة في الوقت الذي تحصل فيه التيار الإسلامي على أغلبية كافية لحكم البلاد…

 

وبعد تصاعد العنف الممارس من قبل هذه الرابطات في مناسبات عدة دعت عدة أحزاب ومنظمات حقوقية إلى إعادة النظر في التراخيص التي تتحرك بموجبها وهي جميعا تخضع لقانون الجمعيات في صيغته الجديدة ما بعد الثورة. ولا يخول القانون في أي شكل من الأشكال استعمال العنف مهما كانت تعبيراته لا جسديا فقط بل ولفظيا ومعنويا أيضا .كما يتسائل المراقبون عن معنى حماية الثورة وكيف يمكن تفسيره قانونيا؟.

 

هذا مع العلم بأن الرابطات متهمة في عدة مناطق في البلاد بتحولها إلى ملجأ لعناصر مشبوهة يمكن أن تكون من البوليس السياسي السابق أو من التجمعيين الفاسدين أو من المجرمين من ذوي السوابق .. ولايفوتنا أن نسجل أن شبهة هذا الاختراق موجهة أيضا إلى الجمعيات والتنظيمات السلفية في نفس الوقت وهو ما لا يختلف فيه حتى أنصار حركة النهضة الواعين بخفايا مثل هذه الأوضاع…

 

وبعد حادثة الانفلات الذي أودى بحياة المرحوم لطفي نقض وتخبط النهضة في تبعاتها بالتبرير وبإنكار الحادثة وبتزوير التقارير الطبية الشرعية ها أن حادثة الاعتداء على مقر الاتحاد يوم الاحتفال بذكرى حشاد تلقي بظلالها على المشهد السياسي وتضع حركة النهضة في مأزق سياسي جديد. ونشير أولا إلى أن الناطق الرسمي باسم الرابطة الوطنية لحماية الثورة ينكر دعوة منظمته لأي تظاهرة أمام مقر الاتحاد يوم 4 ديسمبر 2012 ويعتبر أن العناصر التي تظاهرت واستعملت العنف لا تحسب إلا على نفسها…وبينما حاولت الحكومة جاهدة الدعوة إلى ظبط النفس وغلى عدم التصعيد يخرج راشد الغنوشي متهما الاتحاد بكونه مخترقا من "الستالينيين" المتطرفين وأن حزبه يدعو إلى إنشاء لجنة تحقيق محايدة في الأحداث ويطالب بتفتيش مقرات الاتحاد بحثا عما خزن بها من سلاح…

 

وبالطبع كما كان متوقعا يرد الاتحاد بالتصعيد داعيا إلى إضراب عام وطني يوم 13 ديسمبر مثلما قررت ذلك هيئته الإدارية وهذا يعني أن بعض العناصر غير المنضبطة يمكن أن تسوقنا إلى المواجهة الكلية في البلاد ويمكن أن تجر البلاد إلى الفوضى العارمة لا لشيء إلا لأنها تنقم على الاتحاد من وقوفه ضد الحكومة لأن الأساس هو الدفاع عن الحكومة ولو بالوصول للبلاد إلى أشنع ما يمكن تخيله…وهنا يأتي مأزق حركة النهضة التي تكابر قياداتها الآن وتصطف مع رابطاتها وهذا من حقها ولكن الموقف السياسي سيحملها المسؤولية في التصعيد لأن منع المحتجين على الحكومة من التعبير أو تعنيفهم ليس سوى اللبنة الأولى للديكتاتورية التي قامت الثورة ضدها.

 

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.