هل ينسحب “المؤتمر” من “الترويكا” بسبب موقفه من التحوير الوزاري؟

يبدو أن المفاوضات في صفوف الترويكا بخصوص التحوير الوزاري خلقت توترا واضحا في علاقة كل من حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية إذ يتمسك كل منهما برؤيته الخاصة لهذا التحوير. وتتمسك حركة النهضة بالوزارات السيادية في حين يصر المؤتمر على أن يشمل التحوير هذه الوزارات وهو ما يتطابق مع مواقف رئيس الجمهورية المؤقتة المنصف المرزوقى والأحزاب المعارضة …



هل ينسحب “المؤتمر” من “الترويكا” بسبب موقفه من التحوير الوزاري؟

 

يبدو أن المفاوضات في صفوف الترويكا بخصوص التحوير الوزاري خلقت توترا واضحا في علاقة كل من حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية إذ يتمسك كل منهما برؤيته الخاصة لهذا التحوير.

 

وتتمسك حركة النهضة بالوزارات السيادية في حين يصر المؤتمر على أن يشمل التحوير هذه الوزارات وهو ما يتطابق مع مواقف رئيس الجمهورية المؤقتة المنصف المرزوقى والأحزاب المعارضة .

 

وقد تعثرت المفاوضات وتأجلت أكثر من مرّة بسبب اختلاف وجهات نظر الحزبين في الوقت الذي تروج فيه أخبار من مصادر مقربة من حزب المؤتمر على نية الحزب الانسحاب من الترويكا الحاكمة في صورة عدم التجاوب مع مقترحاته.

 

وقد اعترف طارق الكحلاوى عضو المكتب السياسي للمؤتمر بوجود إشكالات في المفاوضات الجارية حول التحوير الوزاري مؤكدا مطالبة حزبه بضرورة أن يكون التحوير جديا وعميقا لا يستثنى وزارات السيادة.

 

وأكد هيثم بلقاسم رئيس كتلة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بالمجلس التأسيسي أنّه من المنتظر أن ينسحب الحزب من الترويكا في حالة عدم الاستجابة لشروطه في المفاوضات مع شركائهم بالتحالف وبالأخص حركة النهضة وأبرز هذه الشروط هي تغيير وزير الخارجية رفيق عبد السلام.

 

وبيّن بلقاسم أنّ المكتب السياسي سيرفع تقريرا للمجلس الوطني للحزب من أجل إعلامه بنتائج المفاوضات لحسم البقاء في الترويكا من عدمه، مشيرا إلى أن المؤتمر سيقوم قريبا بإعلان خارطة طريق كاملة للمرحلة المقبلة.

 

هذا وتعرف العلاقة بين الحزبين توترا ملحوظا سيما بعد أزمة تسليم الوزير الأول الليبي الأسبق البغدادي المحمودي إلى جانب الانتقادات الصريحة التي دائما ما يوجهها المرزوقى لحركة النهضة.

 

فقد اتهمها بالسعي للهيمنة على مفاصل الدولة الإدارية والسياسية عبر تسمية أنصارهم توفرت الكفاءة لم تتوفر مشبها ممارسات حركة النهضة بممارسات النظام البادئ وحذرها من استغلال شرعيتها الانتخابية لتركيز دكتاتورية جديدة في البلاد.

 

يشار إلى أن المرزوقي أصبح منذ فترة يوجه انتقادات حادة إلى الحكومة وطالب مؤخرا إلى ضرورة إحداث حكومة جديدة تكون مكونة من الكفاءات لا غير  مما تسبب في حالة من الامتعاض لدى قيادات حركة النهضة التي تمسكت بوزارات السيادة خلال مشاورات التحوير الوزاري.

حتى أن حركة النهضة لوحت بإمكانية سحب الثقة من المنصف المرزوقي وقال صحبي عتيق رئيس الكتلة النيابية للحركة في المجلس التأسيسي  بأنه من غير المستبعد سحب الثقة من رئيس الجمهورية إن كان هناك طرح لحكومة كفاءات مصغرة، كل المواقع ستطرح للمراجعة بما في ذلك رئاسة الجمهورية.

ولم يخف المرزوقي قلقه من الأزمات المتتالية في البلاد سواء على الصعيد الأمني والسياسي أو على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي وخاصة في ظل تفاقم أزمة البطالة والتضخم وغلاء الأسعار والحركات الاحتجاجية في المناطق الداخلية.

 

كما يشهد المجلس الوطني التأسيسي وخاصة في اجتماعات اللجان خلافات بين ممثلي الحزبين في المجلس وذلك بسبب حمل الحزبين لرؤيتين مختلفتين حول القضايا الدستورية في البلاد على غرار شكل النظام السياسي الذي ستنتهجه البلاد  ومسالة الحريات الكونية.

 

وقد كانت الخلافات على أشدها داخل لجنة السلطة التنفيذية والتشريعية والعلاقة بينهما أين يتم التباحث حول صلاحيات رئيس الجمهورية وكان الاجتماع الأخير ساخنا بين الجانبين إذ اتهم رئيس اللجنة عمر الشتوى، وهو من حزب المؤتمر نواب حركة النهضة "بتعمد تعطيل عمل اللجنة من خلال الإصرار على خرق النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي واعتماد التأويلات المصلحية".

 

وتعلق الخلاف بالمقترح الذي تقدمت به الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة الخاص بفصل من مشروع الدستور يتعلق بالصلاحيات الأمنية والعسكرية لرئيس الجمهورية والذي تم الحسم فيه سابقا داخل لجنة السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والعلاقة بينهما، من خلال التصويت.

 

فقد أصر نواب حركة النهضة على التصويت على مقترح الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة والذي يتطابق مع مقترح كانوا قدموه ولم يحظ بموافقة الأغلبية خلال التصويت. وهو مقترح ينص على أن يرأس رئيس الجمهورية القوات المسلحة، في حين يتمسك النواب المعارضون لهم بأن يرأس رئيس الجمهورية القوات المسلحة والأمن.

 

ولم يتمكن رئيس كتلة حركة النهضة، الصحبي عتيق، من التخفيف من حدة التوتر بين الجانبين رغم تأكيده على أن الخلافات داخل هذه اللجنة "لا يمكن أن تحل إلا بتوافق سياسي باعتبار أن المهام الموكولة إليها تتعلق باختيار النظام السياسي المقبل للبلاد"، وفق تقديره.

 

وأكد عتيق أن الترويكا "لم تتوصل إلى اتفاق حول طبيعة النظام السياسي للبلاد"، داعيا إلى حسم هذه المسألة داخل المجلس الوطني التأسيسي بين جميع الكتل النيابية وذلك لتجنب تعطيل المصادقة على الدستور.

 

وبعد أن “استبعد” أن تجرى الانتخابات المقبلة في صيف 2013 أكد رئيس كتلة حركة النهضة أن المجلس التأسيسي هو الجهة الوحيدة المخول لها وضع أجندا نهائية لإجراء المواعيد الانتخابية المقبلة.

 

ولاحظ عمر الشتوى، وهو من كتلة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أنّ "الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة قد تجاوزت صلاحياتها ونصبت نفسها محكمة تعقيب لقرارات صوتت عليها لجنة السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والعلاقة بينهما"، حسب تعبيره.

 

وقال إن "هذا التجاوز يعد مؤشرا لطغيان سياسي" مشيرا إلى أن النظام الداخلي يحصر مهمة الهيئة في تحسين الصياغة دون المس من مضمون فصول الدستور التي تعدها اللجان التأسيسية الست.

 

من جهتها وصفت النائبة عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية سامية عبو، موقف الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة، "بالانقلاب".

 

وتجدر الإشارة إلى أن تركيبة الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة لا تخضع إلى معيار التمثيلية النسبية كما هو الشأن بالنسبة للجان التأسيسية الست وهي تتكون من رؤساء ومقرري هذه اللجان مما يرجح كفة كتلة حركة النهضة فيها باعتبار أن أغلب رؤساء ومقرري اللجان الست ينتمون إلى الحركة.

 

كما لاحت بوادر التوتر بين الحزبين  على خلفية تمسك رئاسة الجمهورية بميزانيتها التي رفض المجلس الوطني التأسيسي  المصادقة عليها بحجة ارتفاعها مقارنة بالعام الماضي خلال مناقشات تتعلق بالمصادقة على ميزانية الدولة لسنة 2013.

 

وقد صوت نواب من حركة النهضة ضد هذه الميزانية مقابل قبولهم بكل من ميزانية المجلس التأسيسي ورئاسة الحكومة واللتين شهدتها ترفيعا بدورهما مقارنة بالسنة الماضية.

 

فقد أثار رفض  أعضاء المجلس التأسيسي في تونس المصادقة على مشروع ميزانية رئاسة الجمهورية ردود أفعال سياسية متباينة، بعد اتهامات وجهها أعضاء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية إلى حركة النهضة بمحاولة ممارسة ضغوط سياسية على الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي ومحاولة لتجريده من صلاحياته.

 

وقالت عضو كتلة المؤتمر من اجل الجمهورية سامية عبو  إن هناك توجها نحو تكريس مفهوم جديد لمؤسسة الرئاسة على أن تكون مؤسسة ضعيفة ليس لها وجود فاعل على الساحة السياسية خلال السنة التي ستشهد إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.

 

ويرى جلّ المراقبين أن تحالف المرزوقي مع حركة النهضة انتهى منذ  شهور وبأنه عاد لينضم إلى صفوف المعارضة، ليتحالف مع الأحزاب والتيارات العلمانية واليسارية واليبيرالية بعد أن تأكّد من فشل حلفائه الإسلاميين في تحقيق وعودهم الانتخابية للشعب وبعد اتّساع دائرة الجدل حول محاولات حركة النهضة للانقلاب على الدولة المدنية والنموذج المجتمعي وخاصة في ما يتعلّق بحقوق المرأة والحريات الخاصة والعامة والموقف من الإعلام والقضاء والميليشيات والعلاقة مع النقابات ومن التيارات السلفية الجهادية.

 

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.