العربي عبيد النائب الثاني لرئيس المجلس التأسيسي في حوار مع المصدر: الدستور فيه نواقص كثيرة وسيقع تحسينه

تباينت ردود الأفعال بشأن تقييم مشروع الدستور الجديد لتونس الذي انطلق النقاش العام بشأنه الأسبوع الماضي بالمجلس التأسيسي، المنتخب في 23 أكتوبر 2011، للإشراف على صياغته.

..



العربي عبيد النائب الثاني لرئيس المجلس التأسيسي في حوار مع المصدر: الدستور فيه نواقص كثيرة وسيقع تحسينه

 

تباينت ردود الأفعال بشأن تقييم مشروع الدستور الجديد لتونس الذي انطلق النقاش العام بشأنه الأسبوع الماضي بالمجلس التأسيسي، المنتخب في 23 أكتوبر 2011، للإشراف على صياغته.

 

وأجمع نواب المجلس التأسيسي عن رضاهم من تضمين مشروع الدستور لأبرز أهداف الثورة ومبادئ الديمقراطية للقطع مع نظام الاستبداد، إلا أنهم أقرّوا بوجود مآخذ في بعض فصوله.

 

وأجرى المصدر حوارا مع النائب الثاني لرئيس المجلس التأسيسي الأستاذ العربي عبيد لمعرفة تقييمه للمسودة الدستور الجديد، الذي سيعوض دستور 1959 الذي وقع تعليق العمل به.

 

1- ماهي أهداف الدستور الجديد؟

 

من أهم أهدافه هو إرساء أسس نظام جمهوري مدني جديد يكرس مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ويكرس المفاهيم التي قامت عليها الثورة التونسية مثل استقلال القضاء وحرية التعبيرـ وهي من أبرز دعامات النظام الجمهوري الديمقراطي.

 

2- ماهي الضمانات التي يجب أن تتوفر في مشروع الدستور الجديد حتى يتم القطع مع الماضي؟

 

يجب ضمان كل الحقوق والحريات الأساسية في هذا الدستور وقد خصصنا لذلك بابا كاملا يتعلق بالحقوق والحريات للتنصيص على كل أوجه الحريات العامة والفردية والسياسية. كما كان للسلطة الاقضائية التي تعتبر داعمة النظام الجمهروي الديمقراطي بابا آخر في الدستور أمّا الإنجاز الكبير هو إنشاء محكمة دستورية مهمتها مراقبة دستورية القوانين ومدى تطابق بقية القوانين العادية مع الدستور حتى لا تقع انتهاكات من قبل السلطة التشريعية.

 

3- ما رايك في الانتقادات التي وجهت من قبل الخبراء إلى مسودة الدستور الجديد؟

 

الخبراء الذين انتقدوا مسودة الدستور استمعنا إليهم في عشرات المرات خلال جلسات استماع داخل اللجان التأسيسية بالمجلس التأسيسي وأنا هنا أشير باعتبار أن تكويني حقوقي إلى أن من بين هؤلاء الخبراء من فيهم مختصون بالقانون الدستوري لكن هناك من حشر نفسه وبالتالي اعتقد أنّ هناك خلفيات سياسية وراء بعض المواقف والانتقادات.

 

لكن هذا لا يعني أن الدستور كامل الأوصاف وهو ككل عمل بشير يعتيريه نواقص وقصور ونحن نسعى للاستفادة من كل الملاحظات التي توجه لهذا العمل من قبل الخبراء ونحن منفتحين عليهم وسنعرض عليهم أعمالنا وبالتالي لا يوجد شيء يدعو إلى الفزع سواء من قبل الخبراء أو النواب. هذا العمل فيه كثير من القصور وهو قابل للتحسين وهو ما نحن بصدد القيام به.

 

4- إذا كان الأمر يتطلب مراجعة وتحسين فكم من الوقت سيتطلب صياغة الدستور حسب رأيك؟

 

كثير من أهل الذكر في الساحة السياسية سواء في الحكومة أوالمعارضة تنبأوا بتواريخ لإنجاز الدستور لكن كل مرّة يقع تعديل الموقف وأنا لا أريد أن أسقط بدوري في هذا الخطأ لأنني لا أمسك بخيوط اللعبة كاملة. وفي الأعمال التي تستوجب نقاشات وحوارات متتالية أنت تعرف متى تبدأ ولكنك لا تعلم متى ستنتهي. هناك أشياء لا يعملها الرأي العام حول طريقة عمل المجلس التأسيسي الذي يتولى في بعض الأحيان مراقبة عمل الحكومة باعتبار أنّ هناك أحداث أمنية أو اجتماعية طارئة تفرض نفسها على المجلس. وبالتالي نحن لسنا مجلسا تشريعيا فقط ولكن لنا دور مراقبة أعمال الحكومة ونقوم باتصالات بالجهات وفي الخارج وهناك من لا يرغب في أن يستوعب هذا وهناك من يشن حملة ممنهجة لتشويه صورة المجلس سواء من قبل أطراف لم تقبل اللعبة الديمقراطية أو منأطراف من خارج البلاد تسعى لتهتيك الصورة بطريقة غير مباشرة لأنها خائفة من انتشار عدوى هذه الثورات.

 

5- ماهي ايجابيات مشروع الدستور الجديد؟

 

تقريبا هناك فيض في الأفكار والقيم والمبادئ المطروحة في مشروع الدستور لكن هناك بعض التفاصيل التي لا ترقى إلى مستوى الدستورة التي أصبحت موضة وهذا جانب سلبي، لكنه وفرّ في الحقيقة مادّة غزيرة للعمل عليها حتى يقع اختزال المضامين التي تهدف لتحقيق أهداف الثورة ومبادئ الجمهورية الجديدة وتكرس الحريات والفصل بين السلط واستقلال القضاء والمحكمة الدستورية.

 

6- هناك مخاوف لدى بعض المراقبين من التراجع عن مدنية الدولة ما رأيك؟

 

هذا هاجس في غير محله لأنه لا يوجد اختلاف بين مدنية الدولة وحتى جدلية الفصل الأول من الدستور القديم حسمت في وقت من أوقات ووقع التراجع على التنصيص على الشريعة الأسلامية من قبل حركة النهضة.

 

7- هناك جدل كبير حول الفصل 68 الذي يعطي حصانة مطلقة للرئيس ما تعليقك؟

 

نعم صحيح ليس مقبولا أن تكون هناك حصانة أبدية للرئيس وأنا أقول إنّ كل شيء قابل للتعديل ولا شيء نهائي في مشروع الدستور لأنه سيرجع للجان التأسيسية وسنستعين بخبراء لتحسين الصياغة الجانب التقني ولا يوجد ما يدعو للفزع.

 

لقد بدأ نقاش عام بالباب بالباب ثم سيتم النقاش بالفصل بالفصل وعلى ضوء الملاحظات والمقترحات سيقع تحسين الصياغة.

 

8- كيف تقيّم الفصل 95 الذي يخشى المراقبون من أنه يعطي الضوء الأخضر لإنشاء تنظيمات مسلحة موزاية لجهاز الجيش والأمن من قبل الدولة بمقتضى قانون؟

 

فعلا من ممكن أن يؤدي هذا الفصل إلى انزلاق خطير ويجب مراجعة هذا الفصل على مستوى الصيغة.

 

9- هناك عدة حريات مقيدة في مشروع الدستور بكلمة "إلا بما يقتضيه القانون" وهي عبارة طالما استعملها  النظام السابق للتضيق على الحريات. ما تعليقك؟

 

لقد أثيرت هذه المسألة في نقاشات المجلس التأسيسي ونحن نتفهم تخوف عموم الناس لأننا عانينا كثيرا في السابق من تضييقات عبارة بمقتضى القانون والخطر في ذلك هو أن القانون الذي سيحدد تفاصيل المبدأ الدستوري قد ينحرف على الهدف المنشود لاحترام جملة من القيم لكن الخوف لا يجب أن يكون على شاكلة ما كان عليه الأمر في السابق لأنه سيكون هناك محكمة دستورية ستراقب دستورية القوانين وبالتالي فاذا كان هناك انحراف عن الدستور سيقع الطعن فيه من قبل المحكمة الدستورية.

 

10- لكن كيف يمكن ضمان مراقبة دستورية القوانين في حال كانت تركيبة المحكمة الدستورية بناء على محاصصة حزبية؟

 

المحكمة الدستورية ستتركب من أكادميين من ذوي الخبرة والأقدمية وفي الميدان القضائي لكن إذا وصلنا إلى حدّ الانحراف بالمحكمة الدستورية فيا خيبة المسعى وعلى كل حال الشعب تعلم أن يقول لا في الوقت المناسب بعدما كسر حاجز الخوف من الخنوع والاستبداد.

 

11- هناك جدل بشأن توطئة مشروع الدستور باعتبار أن هناك انتقادات لعدم التنصيص على منظومة حقوق الإنسان الكونية. كيف تعلق على ذلك؟

 

هذه المسألة فيها كثير ما يقال والمطالبة بالتنصيص على منظومة حقوق الإنسان الكونية قد تكون كلمة حق يراد بها باطل لأن هناك بعض المواقف التي تريد أن تتسلل عبر بوابة منظومة حقوق الإنسان التي لا يستوعبها المجتمع من مسائل شاذة كالمثلية.

 

12- هناك خلافات ومآخذ كثيرة حول الدستور هل تعتقد أن التوافق سيكون سيد الموقف وسيقطع الطريق أمام الذهاب إلى الاستفتاء ؟

 

إذا وصلنا للاستفتاء فهذا يعني حسب القانون المنظم للسط المؤقتة أننا لم نتوصل إلى أغلبية الثلثين وهذا مؤشر غير محمود خاصّة أن الاستفاء يسوجب إعدادا لوجستيا كبيرا وهذا سيساهم في استنزاف كثير من الوقت للوصول للاستقرار.

 

لكن عموما لا يوجد داع لتهويل هذه المخاوف وأنا متفائل لأن ما يحدث الآن من تجاذبات أمر طبيعي لأن الثورة عبارة عن زلزال هز أركان الأمر القائم وككل زلزال تتبعه موجة من الترددات حتى الاستقرار. نحن في مرحلة التردد بعد الزلزال وما بعد ذلك سيكون الهدوء والاستقرار. تفاءلوا خيرا تجدوه.

 

حاوره خميس بن بريك

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.