كل تفاصيل أطوار التحقيق في قضية اغتيال شكري بلعيد

نشر المرصد التونسي لاستقلال القضاء تقريرا تسلم المصدر نسخة منه، حول أطوار التحقيق في قضية اغتيال شكري بلعيد، وهو تقرير قال عنه المرصد إنه لا ينتهك سرية التحقيق. ويعيد موقعنا نشره تعميما للفائدة: ..



كل تفاصيل أطوار التحقيق في قضية اغتيال شكري بلعيد

 

نشر المرصد التونسي لاستقلال القضاء تقريرا تسلم المصدر نسخة منه، حول أطوار التحقيق في قضية اغتيال شكري بلعيد، وهو تقرير قال عنه المرصد إنه لا ينتهك سرية التحقيق. ويعيد موقعنا نشره تعميما للفائدة:

 

أولا: الإحالة والتعهد:    

 

– تم صباح يوم 6 فيفري 2013 توجه وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس بمعية قاضي التحقيق الى المصحة التي نقل لها المرحوم شكري بلعيد بقصد معاينة الجثة كما تنقلا الى مكان ارتكاب الجريمة  وصدر في نفس التاريخ قرار فتح البحث التحقيقي ضد كل من عسي ان يكشف عنه البحث (راجع بلاغ وزارة العدل للرأي العام حول ملف اغتيال الاستاذ شكري بلعيد في 7 فيفري 2013)
– تمت الاحالة وفتح البحث بناء على احكام القانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الارهاب ومنع غسيل الاموال (الرائد الرسمي بتاريخ 12-12-2003) المعروف بقانون الارهاب وقد تضمن هذا القانون أحكاما استثنائية تتنافى مع عدد من المقتضيات المشتركة الواردة بالقانون الجنائي وبمجلة الاجراءات الجزائية وتنص الفصول من 38 الى 42 من القانون المذكور على احكام خاصة بالتحقيق في الجرائم الارهابية.

 

– تعتبر الاحالة طبقا لذلك مواصلة لتوجه وزارة العدل الحالية لإعادة تفعيل قانون الارهاب في مواجهة اعمال العنف وخصوصا على خلفية الاعتداءات على السفارة الامريكية يوم 14 سبتمبر 2012 (راجع تصريح ممثل وزارة العدل بقناة الجزيرة بتاريخ 12-6-2012) وقد سبق لوزارة العدل تبرير ما تم من تتبع على اساس قانون مكافحة الارهاب واعتبرت ان التتبعات التي تتم على اساس قانون 2003 لا تعتبر نهائية… ويمكن بالتالي لمرحلة التحقيق مثلا ان توجه التهمة على اساس مغاير للتكييف الذي احالت بموجبه النيابة العمومية (توضيح من وزارة العدل حول قانون مكافحة الارهاب الصادر في 10-12-2003).


– أكدت جميع التوجهات السياسية والمدنية وبعض اعضاء الحكومة على ضرورة الغاء قانون الارهاب ورفض تفعيله لما في ذلك من تهديد للحريات العامة والفردية وتعارض مع مقومات المحاكمة العادلة (صحيفة أفريكان مانجير 20-6-2012) وبشأن قضية الشهيد شكري بلعيد لاحظ نائب الامين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد "ان الاعتماد منذ البداية على قانون الارهاب والبحث في اطار هذا القانون سيفضي حتما الى توجيه الشكوك الى متهمين معينين" وأكد أنه ضد اعتماد قانون الارهاب في قضية البحث عن قاتل الشهيد شكري بلعيد وقال ان هذا القانون لايؤدي الى معرفة الحقيقة "(صحيفة التونسية : 21-2-2013).

 

– ينص الفصلان 32 و34 من القانون المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بمكافحة الارهاب على ان وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس يختص بإثارة الدعوى العمومية وممارستها في الجرائم الارهابية وان مأموري الضابطة العدلية المؤهلين لمعاينة الجرائم الارهابية  التابعين لدائرة المحكمة المذكورة يباشرون وظائفهم بكامل الجمهورية  دون التقيد بقواعد توزيع الاختصاص الترابي وعلى ذلك الاعتبار تم افتتاح البحث في القضية لدى المحكمة الابتدائية بتونس بواسطة وكيل الجمهورية لديها وتعيين احد قضاة التحقيق لدى نفس المحكمة خلافا لمقتضيات الفصول 10 و 27 و 52 من مجلة الاجراءات الجزائية التي يؤدي تطبيقها في الاجراءات العادية الى اختصاص وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بأريانة وأحد قضاة التحقيق المباشرين بها ومراعاة الاختصاص الترابي العادي عند ممارسة وظائف الضابطة العدلية.

 

– تم في تاريخ الواقعة اسناد انابة قضائية لفرقة مقاومة الاجرام بوزارة الداخلية باعتبارها الفرقة المختصة وذلك للبحث في ملابسات الاغتيال وقد تمسك الاستاذ فوزي بن مراد بصفته رئيس هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد بأن قاضي التحقيق قد اقصى فرقة مقاومة الارهاب من التحري في تفاصيل القضية(صحيفة الصباح في 23-2-2013).

ويتضح من أحكام الفصل 32 من قانون الارهاب ان مأموري الضابطة العدلية المختصين هم المؤهلون لمعاينة الجرائم الارهابية وقد اتجه فقه القضاء السابق للمحاكم العسكرية الى اعتبار ان فرقة امن الدولة هي المقصودة بذلك (حكم جنائي عدد 58196 بتاريخ 26 نوفمبر 2008 وحكم جنائي عدد 37022 بتاريخ 8 نوفمبر 2006 صادرين عن المحكمة العسكرية بتونس) واستنادا الى الغاء ادارة امن الدولة من هياكل الامن الداخلي  حسب بيان وزارة الداخلية الصادر في 7 مارس 2011 يرى بعضهم ان معاينة الجرائم الارهابية قد عادت للاختصاص المطلق للضابطة العدلية العادية (الاستاذة ألفة دربالي: خصائص اجراءات التتبع في الجريمة الارهابية – محاضرة ختم التمرين  – الهيئة الوطنية للمحامين –

 

فرع تونس- 2010-2011) أما فرقة مجابهة الارهاب التابعة للإدارة العامة لوحدات التدخل بوزارة الداخلية فتختص في العمليات شبه العسكرية خلال الاحداث شديدة الخطورة والأزمات الامنية القصوى كحالات اختطاف الرهائن وانتشار الجريمة المنظمة وقد كان تدخلها منذ انشائها سنة 1977 محدودا اضافة الى عدم اختصاصها في الابحاث القضائية المتصلة بمجال تدخلها.

ثانيا: قاضي التحقيق:


– التحق السيد قاضي التحقيق المتعهد بالقضية بالقضاء العدلي في جانفي 1989 ويعد اضافة لتجربته الممتدة من القضاة المتمرسين في المادة الجزائية اذ يشغل منذ سنة 1993 وظائف النيابة والتحقيق بمختلف المحاكم التونسية من ذلك توليه خطة مساعد لوكيل الجمهورية لمدة خمس سنوات وخطة مساعد للوكيل العام بمحاكم الاستئناف لمدة ست سنوات وخطة التحقيق والتحقيق الاول لمدة خمس سنوات زيادة على ممارسته للقضاء الجالس في بداية حياته القضائية وبعد توليه خطة وكيل لرئيس المحكمة الابتدائية بباجة.

 

– التحق قاضي التحقيق الاول المكلف بالقضية بالمحكمة الابتدائية بتونس بداية من 13 أكتوبر 2012 وقد سبق له ان باشر عمله القضائي طيلة 11 عاما بالمحاكم الداخلية بصفاقس (أربع سنوات) والكاف (ثلاث سنوات) وباجة (أربع سنوات) اضافة الى مباشرته العمل بمحاكم أريانة ومنوبة وبنزرت وتونس.

 

– عرف القاضي المتعهد لدى زملائه او غيرهم من اعضاء الاسرة القضائية باحترامه لعمله واستقلاله الوظيفي وشجاعته في ابداء رأيه ومن جملة ما يشار اليه ما صدر عنه خلال سنة 2005 من موقف رافض للانقلاب عن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين وما لحقه من جراء ذلك من نقلته دون طلب وتجريده من وظيفة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بمنوبة وهو ما ينفي بصفة مطلقة ما صدر عن بعض المحامين من تجريح شخصي للقاضي المتعهد.

 

ثالثا: جمع الادلة والبحث:

 

تركزت فترة التحقيق التي استغرقت على الاقل اسبوعين على جمع الادلة والبحث سواء مباشرة من قبل القاضي المتعهد او بواسطة باحث الانابة

 

1-الأعمال المجراة أصالة:

 

يشار إلى مباشرة القاضي شخصيا لصلاحياته المعهودة طبق مجلة الإجراءات الجزائية والأحكام الخاصة الواردة بقانون الارهاب ويمكن على سبيل الذكر التأكيد على الأعمال التالية:

 

أ‌- التوجهات على العين: تولى قاضي التحقيق أكثر من مرة التوجه إلى مكان ارتكاب الجريمة (المنزه 6) مع الباحث بالإنابة وإجراء المعاينات بالمنطقة المجاورة وتعلق ذلك خصوصا بمعاينة كاميرات المراقبة بالمحلات العامة.

 

ب‌-سماع الأطراف المعنية: تولى قاضي التحقيق بصفة اصلية سماع عائلة الفقيد وعددا من الشهود:

 

– سماع عائلة الفقيد: شملت السماعات بصفة أساسية صالح بلعيد والد الفقيد وشقيقه عبد المجيد اللذين تم سماعهما بتاريخ 13 فيفري 2013 كما تولى بتاريخ 15 فيفري 2013 تلقي تصريحات جزئية من السيدة بسمة الخلفاوي بصفتها أرملة الفقيد وينتظر ان يتم استكمال التحرير عليها خلال هذا الأسبوع.

 

– سماع الشهود: سبق لقاضي التحقيق سماع عدد كبير من الاطراف المعنية، ويمكن الإشارة على سبيل المثال إلى أربعة أصناف:

 

– السياسيون: كالسادة أحمد نجيب الشابي والأزهر العكرمي  ومحمد جمور والحبيب اللوز.

 

– الإعلاميون: كالسادة زياد الهاني وسفيان بن فرحات ورمزي بالطيبي.

 

– الحقوقيون: كالأستاذ شوقي الطبيب عميد المحامين.

 

– رجال الامن: كالسيدين محرز الزواوي المدير العام للمصالح المختصة بوزارة الداخلية وعلي الوسلاتي ضابط الشرطة السابق.

وشمل السماع غير هؤلاء كالسائق العامل بقناة نسمة الذي اصطحب الفقيد الى بيته ليلة اغتياله كما تم بتاريخ 22 فيفري 2013 سماع احد الشهود بطلب من الاستاذ فوزي بن مراد بشأن الوقائع التي صرح بها في الندوة الصحفية المنعقدة في نفس اليوم بدعوة من هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد.

 

– كما يذكر ان قاضي التحقيق قد وجه مكتوبا الى رئاسة الجمهورية للاتفاق على موعد قريب قصد التنقل لسماع رئيس الجمهورية المؤقت بمكتبه بصفته شاهدا في القضية وذلك تطبيقا للأحكام الخاصة بتلقى شهادة أعضاء الحكومة الواردة بالفصل 288 من مجلة الاجراءات الجزائية.

 

ج- الأذون: يتضح ان صدور الانابة العدلية لفرقة مقاومة الجرام لم يمنع القاضي مكلف من الاشراف المباشر على اتمام البحث وجمع الادلة وإصدار مختلف الاذون القضائية للفرقة المختصة وتلقي الاعلامات الكثيرة الصادرة عنها بشأن اتمام المهام الموكولة لها، ومن امثلة الاذون الصادرة عن القاضي المتعهد يشار بصفة خاصة الى ما يلي:

 

– توجيه مكتوب واضح للفرقة المختصة لطلب اعانة اجنبية عند الاقتضاء وقد تضمن ذلك تفويض النظر لتلك الفرقة للاعتماد عند الحاجة على مخابر أجنبية لتحليل بعض مقاطع الفيديو او تحديد نوعية السلاح او الكشف على لوحات السيارات او صور الاشخاص.

– الاذن بوضع أرقام هاتفية تحت المراقبة.

 

– الإذن باستنطاق بعض المشتبه فيهم.

 

2- الأعمال المجراة بمقتضى إنابة:

 

يتبين ان الامكانات البشرية والمادية المسخرة لإتمام الابحاث وجمع الادلة في هذه القضية بواسطة فرقة مقاومة الاجرام قد بلغت مستويات استثنائية مقارنة بالحالات العادية وقد امكن لهذه الفرقة منذ صدور الانابة تنفيذ عمليات مختلفة من ذلك على سبيل المثال:

 

أ‌-سماع بقية الشهود: ويتعلق الامر بسماع عدد كبير من الاطراف المعنية في نطاق تتبع المعلومات في موقعها كسماع اعضاء من الجبهة الشعبية بمدينة الكاف وسماع جميع الاجوار بمكان اقتراف الجريمة وكذلك الصحفية السيدة نادية داود التي صرحت سابقا بأنها عاينت واقعة الاغتيال كما تلقى اعوان الفرقة اقوال السيد زياد الطاهري سائق الفقيد الذي عاين واقعة القتل.

 

ب‌-استنطاق المشتبه فيهم وإيقاف شخصين: تولت الفرقة المختصة باذن من قاضي التحقيق استنطاق عدد من المشتبه فيهم بناء على التحريات التي قامت بها والنتائج التي تم التوصل اليها من خلال دراسة الصور والأشرطة وكاميرات المراقبة بالمحلات العامة وتحليل المكالمات وغير ذلك من المعطيات المتوفرة سواء بموقع الجريمة او بالأماكن الملاصقة له وقد ادى ذلك الى استنتاجات كاشفة على خيوط اساسية للجريمة مكنت من ايقاف شخصين يتم الاحتفاظ بهما منذ خمسة أيام تطبيقا للفصل 13 مكرر من مجلة الاجراءات الجزائية بعد التمديد في أجل الاحتفاظ بهما باذن من قاضي التحقيق المتعهد بالملف.

 

 ويشار في هذا الصدد الى ان قانون مكافحة الارهاب لم يغير من مدة الاحتفاظ الواردة بمجلة الاجراءات الجزائية وقدرها ثلاثة أيام قابلة للتمديد لنفس المدة مرة واحدة وبناء على ذلك يوجب القانون احضار المشتبه فيهما بعد انقضاء مدة الاحتفاظ لدى القاضي المتعهد يوم الثلاثاء 26 فيفري 2013 لاستنطاقهما واتخاذ القرار الذي يراه طبق الاجراءات القانونية.

 

المصدر

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.