بين عيد الفطر وعيد الأضحى الأزمة متواصلة والاقتصاد في أحلك وضعياته والشعب يعاني من استهتار الساسة

…عيد عدت بأي حال عدت يا عيد هذا البيت الشعري ينطبق تماما على الوضعية التي ما تزال تعيشها تونس على وقع انغماسها في الأزمة السياسية الحالكة التي لم تنحل وظلت مرابطة على قلوب كل التونسيين وتنغَص عليهم المعيشة.

بين عيد الفطر وعيد الأضحى الأزمة متواصلة والاقتصاد في أحلك وضعياته والشعب يعاني من استهتار الساسة

 

…عيد عدت بأي حال عدت يا عيد هذا البيت الشعري ينطبق تماما على الوضعية التي ما تزال تعيشها تونس على وقع انغماسها في الأزمة السياسية الحالكة التي لم تنحل وظلت مرابطة على قلوب كل التونسيين وتنغَص عليهم المعيشة.

 

لقد اندلعت الأزمة السياسية بعد اغتيال محمد البراهمي عضو المجلس الوطني التأسيسي تلتها عملية الذبح الشنيع ل8 جنود تونسيين في جبل الشعانبي لتغرق البلاد قبل بضعة أيام من حلول عيد الفطر في حزن عميق وشديد واشتداد الأزمة السياسية التي ألقت بضلالها على جميع الميادين وتعطل جل مصالح الدولة.

 

ورافقت الأزمة الخانقة عدة أحداث وتحركات من المعارضة والترويكا الحاكمة إلى حد انقسام البلاد إلى شطرين شق مساند للحكومة وشق مطالب بضرورة إسقاطها وتجلى ذلك من خلال الاسلاك الشائكة التي فرقت بين  التونسيين.

 

وعلى أمل أن تنحلَ الأزمة بعد رمضان وعيد الفطر مع الأسف تواصلت لتتعقد معها الوضعية الاقتصادية والاجتماعية  وحتى الاتفاق حول تنظيم حوار وطني وخارطة طريق تُخرج البلاد من الوضعية التي آلت إليها البلاد لم يحل الازمة إلى حين فترة عيد الأضحى المبارك.

 

ما بين عيدين، عيد الفطر وعيد الاضحى لا تزال تونس تتخبط في جملة من الإشكاليات العالقة لعل أبرزها تأثر دواليب الاقتصاد الوطني بالأزمة السياسية الأمر الذي بشكل واضح على المالية العمومية وتراجع نسق الاستثمارات العمومية والخاصة وتعطل جملة من المشاريع العمومية علاوة على عزوف العديد من المستثمرين التونسيين والأجانب عن الاستثمار في البلاد إلى حين وضوح الرؤية السياسية.

 

ومن  التداعيات المباشرة للأزمة على الصعيد الخارجي مواصلة مؤسسات الترقيم الدولية مراجعة التصنيف السيادي لتونس مما جعل خروجها على السوق الدولية للاقتراض محدود جدا وهو ما دفع بالحكومة إلى البحث عن ضمانات من بعض الدول ولعل ابرزها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان الدين أبديا استعداهما لتقديم ضمانات مالية في الغرض.

 

وضمن نفس السياق الخارجي فإن العديد من المانحين وفي مقدمتهم صندوق النقد الدولي والبنك العالمي مترددان في منح تونس مساعدات مالية وقروض لمواصلة تمويل الميزانية وإنجاز المشاريع التنمية بما يؤكد على مدى تأثير الأزمة السياسية على الاقتصاد في ظل استهتار ولامبالاة السياسيين غير الواعين بخطورة الوضع وتمسكهم بمصالح سياسوية ضيقة أو بالأحرى تمسك الترويكا بالحكم وإصرار المعارضة على تلبية رغباتهما ومطالبها في الوقت الذي البلاد على وشك الغرق.

 

بالرغم من انطلاق الحوار الوطني وتواصل انعقاد الجلسات الترتيبية بشأن العديد من المسالك العالقة وفي مقدمتها حسم ملف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وإعداد القانون الانتخابي وضبط موعد نهائي فصياغة الدستور وتقديم الحكومة المؤقتة استقالتها، فإن الحوار لن ينطلق وفق تصريحات ارباعي الراعي للحوار الوطني قبل عيد الأضحى.

 

وعليه فإن مؤشرات الأزمة السياسية في البلاد ستتعدى فترة عيد الأضحى لتتواصل ربما أياما أخرى أو حتى لأسابيع طويلة أو الانتظار المناسبة الدينية القادة مثلا عيد المولد النبوي الشريف لإمكانية مشاهدة "هلال" فك الازمة.

 

ما لا يعرفه ربما السياسيون والأحزاب السياسية المشاركة في الحوار، والتي ليس لها أي ثقل انتخابي من خلال انعدام تقريبا لعدد منخرطيها الذي لا يتجاوز بالتأكيد  بضعة مئات من المنخرطين أو حتى المناصرين، أنه البلاد مقدمة على جملة من التحديات الاقتصادية والتنموية التي يتعين حسمها في القريب العاجل وإلا فان البلاد ستشهد أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها وربما الدخول في سيناريوهات اليونان.

 

وضمن هذا الإطار حذَر جل الخبراء الاقتصاديون والمحللون الماليون من إمكانية إفلاس الدولة التي تعاني إلى حد الآن من صعوبات مالية كبيرة من خلال تواضع المالية العمومية وتراجع المداخيل الجبائية وارتفاع النفقات مقابل تواضع الموارد الأمر الذي جعل لجوء وزارة المالية إلى توظيف عدد كبير من القروض المزمع الحصول عليها لسد عجز ميزانية الدولة لسنة 2013 بما سيعمق من مديونية البلاد التي قد  تصل إلى مستوى قياسي في حدود 50 بالمائة.

 

وبناء على ما تقدم فإن كل السياسيين والأطراف الراعية للحوار الوطني الأخذ في الاعتبار جملة هذه التحديات وااصعوبات وإقناع الفرقاء السياسيين بوجوب الإسراع بحل الأزمة الراهنة والدخول في مرحلة جديدة تتنفس من خلال البلاد الصعداء والمرور إلى السرعة القصوى في إنهاء المرحلة الانتقالية الثالثة وعدم إطالتها والدخول فعليا في الشرعية الدستورية والحقيقة وتركيز حكومة جديدة قادرة على حمل المشعل ورفع التحديات الجسام.

 

كما أنه من الضروري على الرباعي الراعي للحوار الوطني بمعية المنظمة الفلاحية وكل المنظمات الوطنية والنقابية الأخرى والأحزاب السياسية التفكير جديا في إطلاق حوار وطني لإنقاذ الاقتصاد التونسي وإعداد خارطة طريق خاصة بالاقتصاد التونسي ربما يكون هذا الحوار  البوادر الأولى للتفكير في مراجعة منوال التنمية برمته.

 

رياض بودربالة

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.