من أجل حوار وطني حول الاقتصاد والإنتاجية

انطلق كما هو معلوم الحوار الوطني رسميا وفعليا بعد مخاض طويل وعسير انتهي بتعهد رئيس الحكومة المؤقتة علي العريض بتقديم استقالته وفق ما تنصَ عليه خارطة الطريق التي تؤكد على ضرورة أن تتحول هذه الاستقالة إلى رسمية وتدخل حيز النفيذ ففي غضون ثلاثة اسابيع.
..



من أجل حوار وطني حول الاقتصاد والإنتاجية

 

انطلق كما هو معلوم الحوار الوطني رسميا وفعليا بعد مخاض طويل وعسير انتهي بتعهد رئيس الحكومة المؤقتة علي العريض بتقديم استقالته وفق ما تنصَ عليه خارطة الطريق التي تؤكد على ضرورة أن تتحول هذه الاستقالة إلى رسمية وتدخل حيز النفيذ ففي غضون ثلاثة اسابيع.

 

ويعوَل الخبراء والمحللون السياسيون أن يفضي الحوار الوطني إلى توافق وطني وسياسي واسعين من أجل الخروج من المرحلة الثانية بأخف الأضرار والوصول إلى صياغة دستور جديد للبلاد وخاصة تحديد موعد  للانتخابات القادمة وإعداد قانون انتخابي يضمن الشفافية والنزاهة بين مختلف الأحزاب السياسية التي ستدخل الانتخابات القادمة.

 

لقد عرف الحوار الوطني بمراحله الثلاث العديد من التطورات والتجاذب السياسي الصريح القائم على المصلحة الضيقة للأحزاب المتنافسة في البلاد، لينتهي باتفاق الفرقاء السياسيين وضغط المواطنين وتأزم الوضع الأمني بالتهديد الكبير للإرهاب على الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاوض وانتهاء الشوط الثالث من الانتقال الديمقراطي بأخف الأضرار الممكنة.

 

أمَا الآن وقد بدأت خارطة الطريق تلقى طريقها إلى التطبيق فإنه على الأطراف الاجتماعية والاقتصادية وكذلك الأحزاب السياسية التفكير جديا في تنظيم حوار وطني جادَ حول الوضع الاقتصادي وطرح مسالة الانتاجية على طاولة الدرس والنقاش المسؤول، قصد إيجاد حلول عملية لتري الوضع الاقتصاد العام بالبلاد ولما لا رسم خارطة طريق للاقتصاد التونسي.

 

كل المؤشرات الاقتصادية الكلية ومواقف الخبراء الاقتصاديين والمحللين الماليون ما انفكوا يطلقون صيحات فزع وتخوف من انهيار تونس اقتصاديا مع تخيرهم المتواصل من السيناريو اليوناني بالدخول في مرحلة الإفلاس.

 

ومع تقدم الأزمة السياسية التي ألقت بضلالها على دواليب الاقتصاد التونسي أقر أعضاء الحكومة بصعوبة الوضع ودقة المرحلة التي تستوجب الخروج من الأزمة  وما انفك محافظ البنك المركزي ينبَه من تداعيات الأزمة على الوضعية المالية الإجمالية للبلاد.

 

وفي الاثناء لا يزال الشركاء الاقتصاديون لتونس والمؤسسات المالية الدولية وكبار المانحين يتابعون بانتباه شديد مآل الأزمة السياسية وضبابية الوضع ومدى تأثيره على الوضعية المالية وكان آخرها تراجع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية عن منح تونس القروض المالية المتفق عليها منذ السنة الماضية بسبب ضبابية الوضع السياسي والاقتصادي.

 

زد على ذلك إجماع العديد من الخبراء الاقتصاديين على أن سنة 2014 ستكون صعبة من الناحية المالية للبلاد من خلال ارتفاع معدل المديونية إلى مستوى قياسي قد يصل إلى نسبة 50 بالمائة وارتفاع العجز الميزانية إلى أكثر من 7 بالمائة.

 

أمام خطورة الوضع الاقتصادي كان لزاما على الأطراف الاجتماعية وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والحكومة الجديدة التفكير بجدية في عقد حوار وطني لدفع الاقتصاد التونسي وإخراجه من الوضعية المتردية التي آل أليها علاوة على اقتران الحوار الاقتصادي بحوار مواز حول الانتاجية في جميع المستويات الادارية والصناعية والتجارية بعد ان تدنت إلى مستويات ضعيفة جدا.

 

إن في تنظيم حوار وطني حول دفع الاقتصاد التونسي مناسبة متميزة للاتقاء كل الأطراف حول طاولة التفاوض والنقاش الجدي والمسؤول من أجل تشخيص الوضع أولا والسعي إلى رسم خارطة طريق جديدة تتضمن أهدافا متوسطة وبعيدة المدى تؤسس لإعداد  مخطط تنموي جديد للبلاد يقطع مع المخططات السابقة ويراعي التوازنات التنموية بين كل الجهات والفئات.

 

كما انه من المفترض أن يفضي الحوار الوطني حول الاقتصاد الوطني إلى تشكيل لجان عمل فنية مختصة تُعهد إليها مهمة إعداد خطط  عملية ومنهجية للنهوض بالقطاعات الاقتصادية الحيوية بدأ بقطاع التصدير والصناعة والفلاحة والتجارة وخاصة مزيد تطوير قطاع الخدمات على أن تأخذ هذه القطاعات على عاتقها الترفيع في التشغيلية وتشغيل أصحاب الشهادات العليا.

 

إلى ذلك فإن اللجان الفنية مطالبة أيضا بالانكباب على ضبط علمي وموضوعي للخصوصيات الاقتصادية والتنموية وكل جهة من البلاد والحرص على تسويقها في الخارج من أجل استقطاب الاستثمار الخارجي المباشر وربط علاقات توأمة مع مقاطعات اقتصادية بالخارج.

 

وعلى الحوار الوطني أن يخلص إلى التوقيع على ميثاق وطني ينص على مزيد النهوض بالإنتاجية في البلاد تشمل كل المجالات الحياتية ولاسيما في الادارة التونسية التي تشهد في هذه الفترة أسوأ مرحلة لها بعد الثورة من خلال التراجع الملحوظ في إسداء الخدمات سواء كانت المتصلة بالمواطن أو بالمستثمر.

 

ولكي ينجح الحوار الوطني حول الاقتصاد ينبغي على الاتحاد العام التونسي للشغل وبقية المنظمات النقابية الأخرى توخي هدنة اجتماعية لمدة معينة يتم خلالها التوقف على تنظيم الاضرابات والاحتجاجات والتقليص من المطلبية الزائدة والمبالغ فيها حتى يتسنى للاقتصاد التونسي استرجاع أنفاسه قليلا ويشرع في مرحلة التعافي الانتعاش عوض الدخول في مرحلة الإنعاش.

 

رياض بودربالة

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.