تونس-مأزق جديد في التأسيسي: لمن الأولوية مناقشة الدستور أم مشروع ميزانية2014

في الوقت الذي تتعمق فيه الأزمة السياسية والاقتصادية في تونس زادها هشاشة الوضع الأمني وعمقها الاحتقان الاجتماعي وفي ظل غياب التوافق المنشود في مسلسل الحوار الوطني (يدوم أكثر من شهرين) تلوح أزمة أخرى في الأفق سياسية ومالية واقتصادية في المقام الأول وذلك على مستوى المجلس الوطني التأسيسي.
..



في الوقت الذي تتعمق فيه الأزمة السياسية والاقتصادية في تونس زادها هشاشة الوضع
الأمني وعمقها الاحتقان الاجتماعي وفي ظل غياب التوافق المنشود في مسلسل الحوار
الوطني (يدوم أكثر من شهرين) تلوح أزمة أخرى في الأفق سياسية ومالية واقتصادية في
المقام الأول وذلك على مستوى المجلس الوطني التأسيسي.

وفق متابعة مجريات الأحداث الحاصلة في المجلس فإن السلطة التأسيسية الأولى في
البلاد ستجد نفسها بين مطرقة الشروع في مناقشة دستور الجمهورية الثانية لتونس
وسندان مناقشة ميزانية الدولة للعام القادم على مستوى الجلسة العامة، إذ أن كلا
المشروعين يتطلبان وقتا كبيرا للنقاش والمصادقة.

لا يختلف اثنان في أن الإسراع بإعداد المشروع الجديد لتونس أضحى أولوية
الأولويات في البلاد ومطلبا شعبيا بامتياز من أجل إنهاء المرحلة الانتقالية في
أجزائها الثلاثة و التي طالت أكثر من الزوم وأصبحت تمثل حملا ثقيلا عطل مختلف
دواليب الدولة وألقت بضلالها حتى على الجانب الاقتصادي.

ومن هذا المنطلق فإن التصريحات الصادرة عن أعضاء لجنة التوافقات صلب المجلس
الوطني التأسيسي أجمعت على أنه تم الاقتراب أكثر من أي وقت مضى الانتهاء من
صياغة الدستور وأن الموعد المرتقب أوشك على البروز.

وفي هذا الإطار أعلن رئيس المجلس الوطنى التأسيسي مصطفى بن جعفر أمس الثلاثاء
أن لجنة التوافقات حول مشروع الدستور التي يترأس اجتماعاتها وصلت إلى مرحلة
متميزة من عملها بانطلاق النقاشات صلبها مع خبراء القانون حول التوافقات
الحاصلة بشأن مضامين مشروع الدستور مشيرا إلى أن ذلك يندرج في إطار المقاربة
التشاركية الواسعة المتبعة في سنه.

وأضاف رئيس المجلس التأسيسي في تصريح إعلامي عقب اجتماع اللجنة مع الخبراء أنه
تم الاستماع إلى أرائهم وتسجيل مقترحاتهم لمناقشتها داخل اللجنة مشددا على أن
بعض الخلافات التي لا تزال قائمة خاصة حول باب الأحكام الانتقالية لن تكون
عائقا أمام التوجه إلى مناقشة مشروع الدستور في جلسات عامة سيتم تحديد موعدها
في نهاية هذا الأسبوع على حد تعبيره وختم تصريحه بأنه سيكون لتونس دستور "يعمل
66 كيف".

ولئن سلمنا بأن موعد الشروع في مناقشة الدستور الجديد قد أصيح وشيكا مثلما صرح
به النائب عن حركة النهضة عماد الحمامي بأنه يتوقع بأن تنطلق المناقشة في 17
ديسمبر 2013 في دلالة رمزية على اندلاع الشرارة الأولى للثورة التونسية، فإن
مدة المناقشة لن تكون قصيرة مثلما سيذهب في ذهن العديد بل سيتطلب ذلك وقتا
طويلا نسبيا باعتبار ما قد يحصل من تجاذبات خاصة عند الضروع في النقاش على
الدستور فصلا فصلا وهو ما يعني أن المسالة قد تتجاوز هذه السنة لتتواصل إلى
مطلع العام القادم علاوة على ما يتطلبه عملية النقاش والمصادقة من حيز زمني
وتفرغ كلي إلى حد تنظيم جلسات عامة صباحية ومسائية.

ومن جانب أخر فإنَ أمام المجلس تحد كبير وجسيم يتمثل في مناقشة مشروع ميزانية
الدولة القادمة لسنة2014 وما أساله من حبر كثير في جميع الأوساط السياسية
والحزبية والمهنية وكذلك الشعبية من رفض شبه كلي على محتوى المشروع الجديد وما
تضمنه من إتاوات رأى فيها المنتقدون أنها ستثقل كاهل التونسي وستفقر الطبقة
الوسطى.

ما لا يعرفه الكثيرون أن المجلس لن يناقش مشروع الميزانية للعام القادم فقط بل
ستتم أيضا مناقشة مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2013 ومشروع تحيين
الميزانية الحالية فضلا عن مشروع قانون المالية للسنة القادمة وما يتطلب كل
مشروع من نقاش عصيب على خلفية ما تضمنه مشروع الميزانية ومشروع قانون المالية
لسنة 2014 من أحكام جبائية لن تمر بالسهولة المنتظرة.

ولئن كان مشروع الدستور أمرا مستعجلا في الظرف الذي تمر به البلاد فإن المصادقة
على مشروع الميزانية سيكون أكثر استعجالا إذ انه قانونا يتعين المصادقة على
مشروعي المالية والميزانية على أقصى تقدير يوم 31 ديسمبر مع منتصف الليل من كل
سنة.

وفي صورة حصول العكس فإن القانون ينص على أن رئيس الجمهورية يسن مرسوما يتم
بموجبه الإذن بصرف 25 بالمائة من الميزانية كل ثلاثة أشهر وما قد ينجر عن ذلك
من ارتباك وصعوبات في صرف الأجور والمرتبات وكذلك إشكاليات في صرف الاعتمادات
الموجهة للتنمية علاوة على وفقدان لمصداقية البلاد.

علما وان رئيس لجنة المالية و التخطيط والتنمية كان توقع لن يتم الشروع في
مناقشة الميزانية في 20 ديسمبر الجاري فهل إن فترة 11 يوما كافية للانتهاء من
مناقشة 4 مشاريع ثقيلة مع الشروع في مناقشة الدستور في نفس الفترة تقريبا؟
 

الصورة واضحة للعيان عن صعوبة الوضع ودقة المرحلة وعلى مكتب المجلس الوطني
التأسيسي الحسم في المسالتين.

رياض بودربالة

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.