تونس : تفاصيل التحالفات السياسية في الانتخابات القادمة بدأت تتبلور

تسارع نسق الانتهاء من القانون الانتخابي في المجلس التأسيسي بعد الترنح والتجاذبات التي كادت تضيعه وليس من المستبعد أن يقع إقرار القانون الانتخابي الجديد موفى هذا الشهر أو في بداية ماي على أقصى تقدير. وبدأت تظهر بالتالي ملامح الاستعدادات للانتخابات القادمة لدى جل الأحزاب الصغيرة منها والكبيرة مع ما …



تسارع نسق الانتهاء من القانون الانتخابي في المجلس التأسيسي بعد الترنح والتجاذبات التي كادت تضيعه وليس من المستبعد أن يقع إقرار القانون الانتخابي الجديد موفى هذا الشهر أو في بداية ماي على أقصى تقدير.

وبدأت تظهر بالتالي ملامح الاستعدادات للانتخابات القادمة لدى جل الأحزاب الصغيرة منها والكبيرة مع ما يستتبع ذلك من استعدادات ومن بحث مضن وصعب عن التحالفات الممكنة والتكتلات المفيدة …ويعتبر جل الملاحظين أن الانتهاء من القانون الانتخابي سيعطي في الحقيقة إشارة البداية للحملة الانتخابية ولاستحقاقاتها لدى الجميع…فكيف تبدو الساحة السياسية اليوم وما هي أهم التحالفات الممكنة التي ستطبع المعركة الانتخابية القادمة في تونس؟

ليس هناك من وضوح للصورة في الخارطة السياسية التي أنتجتها انتخابات 23 أكتوبر 2011 والتي حكمت المشهد السياسي منذ ذلك الحين لا على اليمين ولا على اليسار ولا في الوسط..ولقد زادت النتائج المتتالية لعمليات سبر الآراء من لخبطة المشهد ومن حفز التنافس بقوة ..ويمكن القول أن المستفيد الأول من الحراك السياسي المتواصل في الساحة كان نداء تونس من جهة والجبهة الشعبية من جهة أخرى مع الملاحظة أن الحزبين (أو الحركتين ) ولدا بعد الانتخابات وكانا من نتائجها وخاصة من نتائج التشرذم الذي عرفته القوى الديمقراطية أمام تماسك وتنظم التيار الاسلامي في "حركة النهضة" الفائز الأول في انتخابات التأسيسي…

التكتلات المرشحة للظهور والفعل في الساحة تختلف حتى وإن تقاطعت أحيانا وفيها الكثير من الموضوعي بالطبع ولكن الذاتي غير غائب أيضا بحكم الأهمية التي لا تزال لبعض الشخصيات السياسية …

بالنسبة لحركة النهضة هناك جهد واضح في عدم الافصاح حاليا على الأقل عن كل ما من شأنه أن يحدد مسبقا نوعية التعامل مع هذا الطرف السياسي أو ذاك. ولكن الملاحظين يجزمون أن إعادة الترويكا السابقة سيكون صعبا خاصة بالنسبة مع حزب المؤتمر وزعيمه "الرئيس المؤقت" الذي كانت التجربة معه صعبة ومنهكة للحركة الاسلامية. ولكن الباب يظل مفتوحا لحزب التكتل وكذلك لعدد من الأحزاب الصغيرة التي حاولت أيام الترويكا أن تجد لها قدما في جلباب حركة النهضة هذا إذا ما كان لنتائجها القادمة الوزن الذي يؤهلها لمثل هذا التحالف…ولكن النهضة تعمل أيضا بالتلميح وحتى بالتصريح للتسويق لفكرة ضرورة التحالف الوطني الكبير بين الحزبين الأكبرين (النداء والنهضة) نظرا لضخامة الانتظارات وصعوبة التأسيس في المرحلة القادمة لحزب لوحده أولتحالف جانبي دون أن تجد هذه الاطروحات التجاوب الضروري لحد الآن بالرغم عن إقرار الحزب الكبير الآخر وهو نداء تونس بوجاهة مثل هذا الطرح …

وأما نداء تونس فإنه قد استطاع في ظل الأزمة السياسية للصائفة الماضية أن ينسج حوله حزاما تحالفيا مهما متمثلا في "الاتحاد من أجل تونس " الذي يظم حزب المسار وأحزاب يسارية أخرى ليست في الجبهة الشعبية وهذا التحالف مرشح للزيادة بأحزاب أخرى منها حزب المبادرة الدستوري وحزب آفاق تونس وغيرهما …

وتعتبر مبادرة إحداث الجبهة الشعبية أكبر الانتصارات لأحزاب اليسار الماركسي والقومي والبعثي التي خرجت متشرذمة بعيد الانتخابات والتي استطاعت عبر وجودها في جبهة واحدة أن تصبح الفصيل السياسي الثالث في الساحة السياسية بعد نداء تونس والنهضة مما يؤهلها إن حولت هذا التموقع إلى نتائج انتخابية أن يكون لها الوزن الكبير في حكم البلاد غدا سواء كانت في التحالف الحكومي المقبل أو في خانة المعارضة له…

ويظل التحالف الانتخابي أو السياسي الذي يحاول الحزب الجمهوري لم شمله الرقم الجهول الملامح الوحيد في الساحة اليوم…فالحزب الجمهوري اختار أو دفع للخروج من الاتحاد من أجل تونس لأساب عديدة وهو يبحث جاهدا عن الحلول البديلة خاصة وأنه يلتقي في هذه الوضعية مع حركات سياسية أخرى منها أولا حزب التكتل الذي هو بصدد الاتعاظ من تجربته في الحكم مع النهضة وحركة الشعب (القومية الاتجاه) التي رفضت فكرة الجبهة الشعبية منذ أيام الراحل محمد البراهمي الذي ذهب إلى إحداث حزب التيار الشعبي والانصهار في الجبهة الشعبية …ومنها أيضا حزب التحالف الديمقراطي المنشق في الأصل عن الحزب الجمهوري والذي لا يلتقي لا مع الجبهة الشعبية ولا مع النداء ولا مع النهضة بالطبع…ولكن ماذا يمكن أن يضمن نجاح تحالف بين هذه المجموعات السياسية التي وإن تقاربت في بعض طروحاتها إلا أن العوامل الذاتية لا تزال تفعل فعلها في استراتيجياتها وتكتيكاتها…

كل هذه التحالفات ممكنة وواردة وسوف نتمكن فور الانتهاء من القانون الانتخابي من متابعة تبلورها التدريجي نحو وضوح أكبر سيكون للتطورات التي ستعرفها الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية الدور المهم فيه بالطبع لأن المجتمع المدني بنقاباته ومنظماته الوطنية (عمالا وأعرافا وفلاحين وطلبة ونساء ) سيكون العامل الآخر في نجاح هذا التحالف أو ذاك…

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.