هل سيطرح الحوار الاقتصادي للنقاش تقييم أسبوع العمل بخمسة أيام في الإدارة التونسية؟

سيدرس الحوار الوطني حول الاقتصاد المزمع عقده يوم 28 ماي الجاري بالعاصمة العديد من المحاور ذات الصلة وسيتم عرض نتائج أشغال اللجان التي تم تكوينها للغرض وعرض أهم المقترحات التي تم الخروج بها من هذه اللجان لعرضها على النقاش العام وإمكانية تبني أفكار ومقترحات عملية لتحسين الاقتصاد الوطني والخروج به من الوضعية الصعبة التي يمر بها.





سيدرس الحوار الوطني حول الاقتصاد المزمع عقده يوم 28 ماي الجاري بالعاصمة العديد من المحاور ذات الصلة وسيتم عرض نتائج أشغال اللجان التي تم تكوينها للغرض وعرض أهم المقترحات التي تم الخروج بها من هذه اللجان لعرضها على النقاش العام وإمكانية تبني أفكار ومقترحات عملية لتحسين الاقتصاد الوطني والخروج به من الوضعية الصعبة التي يمر بها.

ومن ضمن اللجان التي تم تكوينها لجنة الإنتاجية وقيمة العمل إذ تعالت الأصوات في المدة الأخيرة إلى مزيد الاعتناء بعنصر الإنتاجية سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص، وقد شدد بعض الخبراء على أن تونس توقفت عن العمل منذ سنة 2011 جراء ارتفاع الإضرابات والحركات الاحتجاجية بما جعل الإنتاجية تكون في دانى مستوياتها بما أثر سلبيا على آلة الإنتاج وأكبر دليل على ذلك الخسائر الفادحة التي يتكبدها يوميا مصانع إنتاج الفسفاط بالحوض المنجمي حيت تدنت مستوى التصدير الفسفاط من حوالي 80 مليون دينار يوميا سنة 2010 إلى 4 ملايين دينا سنة 2013.

كما تم التأكيد على المستوى الرسمي والحكومي وفي أوساط الأعمال والأعراف على وجوب الرجوع إلى العمل لا سيما وأن الوضع الاقتصادي الراهن لم يعد يتحمل وأنه لا خيار سوى الرجع إلى العمل والترفيع من الإنتاجية والتضحية في مثل هذه الظروف الصعبة والتي تستوجب الالتفاف حول تونس وإنقاذها من الدخول في نفق الأزمات المالية. ولئن سيدرس الحوار الوطني حول الاقتصاد مسالة الإنتاجية وإعلاء قيمة العمل فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل سيتم التطرق خلال الحوار إلى تقييم تجربة العمل بخمسة أيام صلب الإدارات والمنشآت العمومية ومدى ارتباطها بالرفع من الإنتاجية صلب الإدارة التونسية. ومنذ إقرار هذه التجربة لم يقع إلى حد الآن إصدار تقارير أو دراسة علمية وموضوعية في الغرض

ولقد مضى على تنفيذ التوقيت الإداري الجديد في تونس المرتكز على خمسة أيام عمل في الأسبوع أكثر من عام ونصف والذي أقرته حكومة الترويكا الأولى تحت إشراف حمادي الجبالي وتمسك به آنذاك الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالإصلاح الإداري محمد عبو. ودخل التوقيت الإداري الجديد في تونس حيز العمل اليوم 17 سبتمبر 2012 والمعروف بأسبوع بخمسة أيام مع إقرار راحة يومي السبت والأحد باستثناء بعض الموافق الحيوية والإستراتيجية على غرار الصحة والتعليم والأمن والديوانة كتجربة جديدة تخوضها البلاد والحكومة المؤقتة الحالية. وبعد آن أدركت هذه التجربة حوالي العام والنصف من تفعيلها بصفة رسمية وتعود عليها الموظفون، غير انه إلى حد الآن لم تقع على مستوى رئاسة الحكومة تقييم علمي وموضوعي لهذه التجربة واستخلاص النتائج قصد تصويبها وتعديلها بما يتماشى ومصلحة المواطنين والموظفين. وككل تجربة جديدة عرف تطبيق هذا المشروع الجديد مدّا وجزرا بين مؤيّد ومعارض له كل حسب توجهاته ومصالحه ولكن الثابت والمتأكد أن المختصين في علم النفس والاجتماع رحّبوا بهذا التوقيت الجديد بإقرار راحة بيومين لأكثر من 650 ألف موظف تونسي في القطاع العمومي خاصة من حيث الجوانب السيكولوجية باعتبار أن هذا التوقيت سيخفف عليهم كثيرا من الضغط النفسي ويعطيهم الوقت الكافي للراحة والتمتع براحة مطولة واستئناف العمل مع بداية الأسبوع بأكثر رغبة في العمل وبالتالي إمكانية الترفيع في المردودية والإنتاجية داخل المؤسسات العمومية. ويعتبر المختصون أن التوقيت الجديد سيُخوّل للعائلات التونسية بأن تستعيد توازها وسيُمكّن الآباء من الاقتراب أكثر من الأبناء الذي هم في سنّ حرج وبالتالي متابعتهم ومرافقتهم خلال يومين كاملين على جميع الأصعدة خاصة من حيث متابعة الدراسة تخصيص وقت أطول للترفيه علاوة على مراقبتهم إذ يجب الاعتراف بحالات التسيب في صفوف الأبناء فتيان وفتيات من دون مراقبة الأبناء وما تفشى من مظاهر غير لائقة وأترك لكم المجال للتفسير لوحدكم من الخوض أكثر في التفاصيل وبفضل التوقيت الجديد ستتقلص هذه المظاهر من خلال بقاء الأولياء كامل يوم السبت والأحد في المنزل وبجانبهم الأبناء. العمل بالتوقيت الإداري الجديد اعتبره الخبراء الاقتصاديون أن له جانب اقتصادي وحيد إيجابي ويتمثل بحسب الخبراء في الاقتصاد الطاقة من خلال التقليص من استهلاك الوقود والكهرباء في القطاع العام كامل يوم السبت وبالتالي يمكن تحقيق نجاعة طاقية ذات أهمية بمكان وفي هذا الإطار وجب على الحكومة الحالية إنجاز تدقيق طاقي في هذا الجانب لمعرفة الطاقة الكهربائية التي تم اقتصادها جراء العمل بأسبوع بخمسة أيام ومساهمتها في التقليص من اللجوء إلى المحروقات .

وفي المقابل يرى شق آخر من المختصين ولا سيما خبراء الاقتصاد أن اعتماد أسبوع بخمسة أيام من شأنه أن يقلّص من ساعات العمل إذ لاحظوا أن هذه التجربة قد تكلف المجموعة الوطنية خسارة 50 مليون ساعة عمل مؤكدين أن الظرف الراهن الذي تمر به البلاد يفترض المثابرة ومضاعفة العمل خاصة في القطاع العمومي من أجل تجاوز المرحلة الحالية والمساعدة على النهوض بالاقتصاد الوطني. ويرى خبراء الاقتصاد أن إقرار أسبوع عمل بخمسة أيام في القطاع العام سينجرّ عنه تبعات سلبية أخرى على القطاع الخاص ولا سيما المؤسسات الاقتصادية والصناعية التي تعمل كامل يوم السبت، إذ سيطالب العمال في المصانع إمّا براحة إضافية كامل يوم السبت أو تعويض يوم العمل وهو ما قد يسبب خسارة لهذه المصانع وخاصة منها الأجنبية وبالتالي التأثير غير المباشر على مناخ الأعمال والاستثمار في البلاد ولو أن منظمة الأعراف كانت قد أصدرت بلاغا أوضحت فيه أنه يجب التقيّد بالقانون العمل المنظم للقطاع الخاص. ما يمكن التأكيد عليه أن الجهات التي "شرّعت" لهذا التوقيت الجديد يجب عليها أن تقوم على اقل بعد 6 أشهر بتقييم علمي ودقيق يأخذ في الاعتبار الجوانب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية وإقرار التعديلات الضرورية وإن تأكد من عدم مردوديته لا بأس في التراجع عنه والمهم هو الاتعاظ بالتجارب!!!

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.