تونس-منظمة هيومن رايس وتش: تعليق نشاط 150 جمعية هو قرار تعسفي

humain-rights

وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان لها اليوم الخميس 14 أوت 2014 القرارات التي اتخذتها الحكومة التونسية بتعليق نشاط أكثر من 150 جمعية في كامل أنحاء البلاد بسبب الارهاب بالقرارات الغير متناسبة والتعسفية.

 

وفي ما يلي نص البيان:

“إن القرارات التي اتخذتها الحكومة التونسية بتعليق نشاط أكثر من 150 جمعية في كامل أنحاء البلاد بسبب مزاعم تتعلق بارتباطها بالإرهاب هي قرارات غير متناسبة وتعسفية. وفي 22 جويلية 2014، قال المتحدث باسم الحكومة إن السلطات أصدرت قرارات بتجميد نشاط 157 جمعية. كما قامت الحكومة بإغلاق محطتين إذاعيتين لأسباب مماثلة.

وكانت الحكومة قد اتخذت قرارات تعليق نشاط الجمعيات عقب الهجوم الذي استهدف القوات المسلحة في 16 جويلية ، وذهب ضحيته 15 جنديًا قرب الحدود التونسية الجزائرية. وبعد ذلك بثلاثة أيام، أعلن رئيس الحكومة مهدي جمعة أن السلطات ستتخذ إجراءات بغلق المحطات الاذاعية والقنوات التلفزيونية التي تنشر خطاب يتسم بالكراهية، وتعليق نشاط المساجد غير مرخص لها والجمعيات التي يُعتقد أن لها صلة بالإرهاب. ولكن يوجد في تونس قانون صادر في سبتمبر 2011 ينص على أن لا أحد غير القضاة يستطيع إصدار قرارات بتعليق نشاط الجمعيات أو حلّها.

قال إيريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا : “توجد أسباب وجيهة تدفع بالسلطات التونسية إلى مكافحة الإرهاب، ولكن لا يجب أن يكون ذلك بالتعدي على الحقوق التي يكفلها الدستور والقانون، أو بتجاوز السلطة القضائية”.

حصلت هيومن رايتس ووتش على معطيات تتعلق بقرارات تعليق نشاط 12 جمعية، جاءت جميعها تحت عنوان موحّد: “قرار إيقاف عن النشاط”، وصدرت عن والي الجهة. وتشير جميع القرارات إلى القانون رقم 52 الصادر في 13 جوان 1975، وخاصة الفصلين 10 و11 منه، وكذلك المرسوم المتعلق بالجمعيات، والأمر الوزاري رقم 5183 الصادر في نوفمبر 2013.

يمنح الفصلان 10 و11 الوُلّاة صلاحية مراقبة الهيئات العمومية والمنظمات التي تتلقى تمويلا عموميًا، وتحملّهم مسؤولية الحفاظ على النظام العام والأمن في الولايات التي يشرفون عليها. يُذكر أن قرارات تعليق النشاط التي حصلت عليها هيومن رايتس ووتش صدرت عن خمس وُلاة: هم وُلاة صفاقس، ونابل، والمنستير، وجندوبة، وتونس العاصمة.

لكن الإجراءات المتبعة انتهكت المرسوم رقم 88ـ2011 الذي تبنته الحكومة الانتقالية في سبتمبر 2011. وعوّض هذا القانون قانونًا قمعيًا سابقًا كان يُجرّم الانتماء إلى جمعيات غير معترف بها بشكل رسمي. ولقي القانون الجديد إشادة، وأعتبر خطوة هامة نحو جعل القانون التونسي متماشيًا مع التزامات البلاد تجاه القانون الدولي لحقوق الإنسان في مجال حرية تكوين الجمعيات.

ينصّ مرسوم 2011 على أن “تحترم الجمعيات مبادئ دولة القانون والديمقراطية والتعددية والشفافية والمساواة وحقوق الإنسان” كما تضبطها الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس، وأن لا تعتمد على الدعوة إلى العنف والكراهية، والتعصب والتمييز على أسس دينية أو جنسية أو جهوية.

كما ينص المرسوم على أن السلطة القضائية هي الجهة الوحيدة المخولة بتعليق نشاط الجمعيات أو حلها. ويتم ذلك على ثلاث مراحل: توجيه تحذير إلى الجمعية، يعقبه تعليق لنشاطها لمدة 30 يومًا عبر طلب تقدمه الحكومة إلى المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة، وإذا لم تقم الجمعية بعد ذلك بتجاوز الخروقات المزعومة، يحق للمحكمة أن تصدر قرارًا بحلّها.

وكانت الحكومة قد اتبعت هذا التمشي في ماي لدى المحكمة الابتدائية التي أصدرت قرارًا بتعليق نشاط الرابطة الوطنية لحماية الثورة، وهي منظمة متهمة بالاعتداء على صحفيين وسياسيين وأشخاص آخرين. وتوجد تشريعات أخرى سارية المفعول، مثل قانون سنة 1975، ولكن هذه القوانين لا تعطي الحكومة اي صلاحية في تجاوز قانون الجمعيات بتعليق الجمعيات أو حلها دون اللجوء إلى المحاكم.

يكفل الدستور التونسي، الذي تم تبنيه في 27جانفي 2014، في الفصل 35 “حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات”. كما ينص في الفصل 49 على انه لا يُمكن فرض أي قيود على الحقوق والحريات المضمونة إلا في إطار ما ينص عليه القانون، وبما لا ينال من جوهرها، وفقط عندما تكون متناسبة و”ضرورية” لحماية غايات مشروعة.

لا تسمح المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتونس طرف فيه منذ 1996، بفرض أي قيود على تكوين الجمعيات باستثناء تلك التي ينص عليها القانون والتي تكون “ضرورية لمجتمع ديمقراطي” لحماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

كما يضمن الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وتونس طرف فيه منذ 1983، الحق في تكوين الجمعيات.

قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، في تقريره الموضوعي لسنة 2012: “يُعتبر وقف عمل جمعية وحلّها غير الطوعي النوعين الأشد صرامة من القيود المفروضة على حرية تكوين الجمعيات. وعليه، لا ينبغي السماح بذلك إلا إذا كان هناك خطر جليّ ومحدق يؤدي إلى انتهاك جسيم للقانون الوطني، مع الامتثال للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وينبغي أن يتناسب هذا الإجراء تمامًا مع الهدف المشروع المنشود، ولا ينبغي استخدامه إلا عندما تكون التدابير الأكثر مرونة غير كافية”.

وقال إيريك غولدستين: “لقد تمادت السلطات التونسية عندما اتخذت قرارات تجميد النشاط، وعليها إعادة النظر في ما قامت به، ورفع هذه القرارات بشكل فوري، وتبني الإجراءات المناسبة التي ينص عليها القانون والمتعلقة بملاحقة جميع المنظمات التي تكون فعلا متورطة في التحريض على العنف”.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.