تونس-متى سنتجند حقا ضد الارهاب؟

tero

المتابع للوضع في تونس يضيع بين مختلف التعبيرات السياسية والاجتماعية والثقافية السائدة على الساحة فلا يكاد يجزم أن هذا البلد وهذا المجتمع في حالة حرب حقيقية ضد الإرهاب.

فنحن ما بين بسيكودراما إضراب الاساتذة عن الامتحانات وصديق منال بن عمارة ضيف في حلقة تلفزية وشقيق ليلى بن علي في مواجهة رخيصة مع المسكرات والمسكرين نظهر غير عابئين تماما بما تحمل لنا سحب كثيفة آتية من الشرق وحتى من الغرب من ويلات.. ففي أول هذا الاسبوع اقتحم عدد (اختلفت في شأنه الروايات) من الشاحنات الليبية معبر راس جدير بالقوة ومنذ أيام قتل أربع اعموان من الحرس الوطني في كميت غريب ومستغرب في بولعابة من ولاية القصرين وفي كل يوم تتصدى قوات الأمن لعشرات المتشددين والسلفيين وتوقفهم وتحبط مسعاهم في تفجير أو صنع قنابل أو مد الارهابيين بالمؤونة …وفي كل يوم يقترب الارهابيون من حدودنا الشرقية ونرى صورهم يتبجحون في سياراتهم الجديدة ونرى فيديوهاتهم على اليوتوب يهددون ويتوعدون…

ولكن جوابنا غائب وخطابنا الذي يجند البلاد والعباد غائب…رئيس الجمهورية وهو المدعو الأول لاستنفار الهمم لم يتكلم بعد بالصوت الذي نريده والحكومة الجديدة لم “تسخن” بعد كرسيها كما نقول بالدارجة حتى وجدت نفسها في أتون المشاحنات الاجتماعية ولم تستطع بعد أن تبتدع خطابا يوقظ الهمم ويرتفع بمنسوب الالتفاف حول قيم الجمهورية …والماسكون الوحيدون بتلابيب الشرعية الانتخابية في مجلس نواب الشعب يتقاتلون على منصب رئيس لجنة المالية ..والأحزاب السياسية المعنية الأولى باستقطاب المواطنين وتأطيرهم تبدو وكأنها قد أخذت إجازة مطولة منذ انتخابات 2014 …

الحرب ضد الارهاب حرب شاملة ويومية لا تحتمل الترنح ولا الفواصل …ومثلما يعيشها أعوان الأمن المجندون كليا ضد الإرهابيين يجب أن تعيشها البلاد وتعيشها في تفاصيل الحياة اليومية..يجب أن تحارب الأحزاب والجمعيات المدنية هذه الآفة بمزيد اللقاءات الجماهيرية وبمزيد الدفاع عن قيمنا وعن النمط الاجتماعي الذي اخترناه وبمزيد نقد المتسترين بالدين بيننا ظاهرين كانوا أو متخفين في أثواب الطابور الخامس…الارهابيون يكرهوننا لأن نجاح تجربتنا يعني تخريب دعواهم وكسر “البروباغندا” الفاشية التي يتاجرون بها ولهذا فإنه لزاما علينا أن نزيد من التفافنا ووحدتنا أكثر وأكثر…والحكومة يجب أن تتجند فعليا لمحاربة الارهاب لا عبر وزارة الداخلية والجيش فقط ولكن أيضا على كل الجبهات الأخرى وأولها وأخطرها جبهة التهريب والمافيات الاقتصادية المخربة التي يجب ضربها بقوة وتقديم باروناتها للعدالة وفضح ممارساتهم وإخطبوط علاقاتهم بالإدارة في وسائل الاعلام حتى يكون ذلك رادعا لغيرهم…

محاربة الارهاب والإرهابيين ومن يتصل بهم في قرابة ظاهرة وخافية تتطلب منا جميعا التأهب والحذر والمتابعة …التجند ضد الارهاب يجب أن يصبح أولوية الأولويات جميعا انطلاقا من استكمال قانون الارهاب المقبور في المجلس النيابي إلى آخر مسؤول سياسي إلى آخر مواطن يحب بلاده ويغير عليها وعلى قيمها واختياراتها الحضارية..

ونحن الآن بعيدون جدا عن درجة التأهب هذه..

 

علي الشتوي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.