رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية التونسية باجي قائد السبسي

beji-presedent

توجهت كل من هندة بالحاج عن اللجنة التونسية لصد العدوان على سوريا واحمد المناعي رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية برسالة الى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وفي ما يلي نصها..

“سيدي رئيس الجمهورية، دام حفظه،

سيدي الرئيس، لقد تحدثتم في حوار مع تلفزيون فرانس 24 في اشارة الى ما جاء على لسان وزير الخارجية التونسي السيد الطيب البكوش، عن عدم معرفتكم بـ أو عدم موافقتكم على، دعوة السفير السوري الى تونس وعدم رضاكم على تصريحاته المتعلقة بتركيا. واعتبرتم جازما وحازما أن السياسة الخارجية للبلاد التونسية هي مسؤولية رئاسة الجمهورية حصريا، ولم يعنيكم أبدا أن يقوض تصريحكم هذا ولو رمزيا خاصرة وزارة الخارجية الممثلة في شخص الوزير. وكان من الأجدى والأحرى وفي هذه المرحلة بالذات أن تظهروا أن مناخ التوافق والتماهي في الاختيارات السياسية موجود وثابت ثبات ارادتكم في احداث المعجزة التونسية. هذه المرحلة العطشى لشد عود المسار المنقذ للبلاد من الخطر الارهابي وعديد الأخطار الأخرى بما في ذلك خطر انهيار الدولة.

سيدي الرئيس، ما فهمناه نحن جمهور المتابعين والمهتمين بشأن البلاد أن كل ما كان يعنيكم هو تقديم السيد الطيب البكوش على أنه اداري ومنفذ لاختياراتكم الحكيمة. وبقطع النظر عن مآخذنا حول أسلوبكم في التحدث عن وزير الخارجية ومحاولة الغاء دوره وقيمته وحقه في القرار، وبقطع النظر عن قيمة هذا الرجل الفكرية والتاريخية والنضالية، فاننا نعلمكم ونذكركم ولسنا وزراء في حكومتكم، أن السياسة الخارجية للبلاد هي مسألة سيادية كما تقولون وتعيدون وما هو سيادي يستمد شرعيته مباشرة من ارادة الشعب الذي انتخب وأعطى شرعية الحكم في المرحلة القادمة. الشعب التونسي هو السيد يا سيدي الرئيس ولا أحد غير الشعب له السيادة على هذه الأرض. والشعب التونسي السيد، عبر من خلال جل نخبه ومختلف شرائحه عن مطالبته باعادة فتح السفارة السورية على أرض تونس واصلاح هذه الجريمة النكراء التي ارتكبها سلفكم سيء الذكر. والشعب التونسي أيضا عبرعن استيائه من الدور التركي المتنامي في تونس وتأثيره في السياسات التونسية وفي المجتمع التونسي. وبالرغم مما قيل ويقال فان تركيا حاضرة وحية ومتحركة في تونس وبعلم من السلطات الأمنية والسياسية ولا نسمع عن أي قرار للدولة يحمي الدولة من الدور التركي المدمر.

سيدي الرئيس، اسمحوا لنا أن نذكركم، وأنتم لا تفوتون فرصة لتقديم نفسكم كوريث للمدرسة البورقيبية، أن بورقيبة لم يكن ليوافق على طرد القائم بالأعمال السوري في تونس وليغلق السفارة السورية في تونس دون سبب، ولم يكن ليأخذ موقفا مماثلا للموقف التونسي المعيب من الأزمة السورية ولا مما يحدث في ليبيا ولا اليمن. الزعيم بورقيبة، محرر البلاد وباني الدولة ومؤسس الجمهورية، وبفضل منهجه الواقعي والمعتدل وعبقريته السياسية كان يعتمد دائما مبدأ عدم التدخل في الصراعات أو الحروب الداخلية لأي بلد وكان يحافظ على حيادية تونس في كل ما يتعلق بشأن البلدان الأخرى، وكان يدافع عن الشرعية بشراسة ويحترم المواثيق الدولية. فرغم ما عاشته تونس من ويلات التدخل اليبي في شأننا الداخلي الا أنه استطاع بعقلانيته أن يحمي تونس ويجنبها عديد الأخطار دون مواجهة تذكر. فما بالك حين يتعلق الأمر ببلد أبدا لم يسيء لنا بل العكس صحيح. وتذكروا جيدا سيدي، سنة 1991، حين هجم الجراد على تونس وأتى على الأخضر واليابس والتهم قمح تونس، كيف أن بواخر الشعب السوري رست على شواطئنا لتهدي القمح لشعب تونس، ساعتها سيدي الرئيس كنتم رئيسا للبرلمان.

وحين هاجر أبنائنا للدراسة وجدوا أبواب سوريا مفتوحة على مصراعيها لاحتضانهم فنعموا برغد العيش فيها وتزوجوا وأنجبوا وأسسوا أسر وعاشوا آمنين.

وفي سنة 1999 احتضنت سوريا لاجئين سياسيين تونسيين ومن بينهم زعيم حركة الاخوان، النهضة حاليا، راشد الغنوشي، فعاشوا فيها آمنين.

سيدي الرئيس، الجميع يعلم أن ما يحدث في سوريا هي حرب ارهابية على الدولة السورية ولا أحد يستطيع أن يتجاهل أن أمن سوريا هو من الأمن القومي العربي وأن تونس لن تكون أبدا خارجة عن هذا الاطار الأمني.  فهل نكافئ دولة دافعت عن وجودها وعن أمنها بقطع علاقاتنا معها، علاوة على ما لحقها من هول القتلة والمجرمين والمتوحشين الحاملين للجنسية التونسية ؟. أو أننا باسم الثورة نساهم في تشريع دمقرطة الاجرام وعولمة الارهاب ؟؟.

سيدي رئيس الجمهورية،

الجميع يعلم جيدا أن أول بوابة لحرب الارهاب على سوريا بدأت من الحدود التركية وأن تركيا دربت الارهابيين في قواعدها العسكرية وتواطئت مع قطر لتدمير الدولة السورية ومحو عاصمة الأمويين من فوق مساحة الأرض. والجميع يعلم كذلك أنهم فشلوا وهزموا في مهمتهم بفضل صمود الشعب السوري وحكمة قيادته وثباتها. وكذلك تفعل تونس الآن في مقاومتها للارهاب. وفي المقابل فان الواقع المر يقول أن تركيا أغرقت جمعيات تونسية بالأموال لفتح دكاكين تعليم القرآن في ظاهرها وتجنيد شباب 16 و18 عام للحرب في سوريا. فلما نغض النظر عن هذا الخطر الذي يستهدف الدولة التونسية قبل أيا كان، واحال أن من رجع الى تونس بادر حال عودته بعملية باردوا !!!.

 

بورقيبة/ المعلم : “Pragmatisme, Constance et Indépendance

هي العناوين الكبرى للسياسة الخارجية للزعيم بورقيبة. هل كان الزعيم ليغض النظر عن ما يحدث في تونس ؟ لا أعتقد وهل كان ليتكلم للتلفزيونات ويتنكر لوزيره ويناقض رأيه كما فعلتم ؟ لا أعتقد أيضا.

سيدي الرئيس لَيْتَكم تتفضلوا ببعض المراجعات في تاريخ سياسة تونس الخارجية تحت حكم بورقيبة وتنعشوا ذاكرتكم الآن وهنا، لأننا قادرون على مجابهة العالم المتحول والمتفجر بدروس الماضي وحكمة التاريخ المشرف والمنير لدروب الأمة. الأمة، هو الشعار المقدس للزعيم. الأمة اليوم تحتاج لحامي حكيم يغدق على البلد محبته كما أحب الزعيم تونس. كان على مستشاريكم أن يقوموا بهذه المراجعات يا سيدي الرئيس، وأن يتخلصوا من جبة الحزب ليتحملوا مسؤولية الدولة، ولكن الظاهر أن اعاقة الحزب تسيطر على ذهنيتهم فلا يكادوا يفرقوا بين حد الحزب وحدود الدولة وللأسف الشديد لم يعوا بعد أن حينما تبدأ الدولة تنتفي الأحزاب وأن تونس ليست ولن تكون قطعا نداء تونس.

سيدي الرئيس، في 2 أكتوبر 2014 وخلال محاضرة في جامعة هارفارد الأمريكية وصف جو بايدن مساعد الرئيس الأمريكي، تركيا والسعودية وقطر بممولي الارهاب وأعتبر هاته الدول حسب ما قال حرفيا : “وضعوا مئات الملايين من الدولارات وعشرات الآلاف من الأطنان من الأسلحة بين أيدي كل من يريد القتال ضد نظام بشار الأسد، وهم الذين مولوا ودربوا الجماعات الارهابية مثل جبهة النصرة والقاعدة، وكل الارهابيين القادمين من أصقاع العالم “.

فهل ما بعد هذه الشهادة كلام يقال ؟ !!، حتى وان تبعها اعتذار من طرف مكتب جو بايدن ولكن الحقيقة التي نطق بها جو بايدن لا تحتاج  للتأكيد أو للدعائم فهي معلومة لدى العالم بأسره.

وبحسب موقع Atlantico وتحت عنوان: La Turquie, nouveau sponsor du terrorisme international

اعتبرت هذه الصحيفة أن تركيا تحولت بسرعة عجيبة الى واحد من HUB  “المحاور” الرئيسية للارهاب الدولي والإقليمي، متقدمة بفارق كبير على دول أخرى. وأحدث انجازاتها في هذا المجال على سبيل المثال لا الحصر أنها سمحت في صباح 21 مارس 2015 للارهابيين أن يتجاوزوا الحدود السورية بعد أن كانوا يتدربون في قواعدها، وهم من جبهة النصرة وتنظيم القاعدة في بلاد الشام، ذلك بعد أن دربهم الجيش التركي. تركيا وفي نفس السياق، توفر الرعاية الصحية والاستشفائية لجرحى الارهابيين على أراضيها وفي مستشفياتها.

كما كشفت “الديلي مايل” أن تميم أمير قطر دفع 2 مليون دولار نقدا، للملقب طارق بن طاهر، 32 سنة، وهو ارهابي تونس ومن أهم قيادات داعش، فوصفت الديلي مايل تميم، بـ “أمير الانتحاريين” « l’émir des kamikazes ». ولم تمنع le courrier international نفسها من وصف دويلة قطر بـ Club Med des terroristes..

سيدي الرئيس، أعتذر عن ذكر كل هذه الأمثلة والشهادات المتعلقة بضلوع الدور التركي والقطري في عملية ادراة التوحش في البلدين الشقيقين، عاصمة الأمويين وبلاد ما بين النهرين، هبة الله على الأرض.

 

سيدي الرئيس، اخترناك وانتخبناك وكلنا ثقة بأن تعيد لنا ما نهب من شموخنا وكرامتنا وكبريائنا، واخترت أنت هذا البلد لتحكمه وهذا الشعب لتحقق واياه حلمه : تونس قرطاجة منارة للكون. والتونسيون يحملون دماءا تمازجت بالدماء السورية والعراقية في حروب ضد الأعداء. لم نطلب منك حربا ولا فتحا عظيم، كل ما نطلبه ونستغيث من أجله ونتشبث به هو اصلاح ما اقترفه سلفكم من أخطاء في حق سوريا وأن تساعدونا على تطهر أيدينا ولو بما ندر فيكفي أن أبناء تونس قتلوا أئمة سوريا وراهباتها وأطفالها.

وأخيرا سيدي الرئيس، كل الشكر على رحابة الصدر، ودمتم حاميا لتونس الخضراء موطئ السلام وموطن الفلاسفة والشعراء.

هندة بالحاج علي

اللجنة التونسية لصد العدوان على سوريا

والسيد أحمد المناعي

عضو بعثة الجامعة العربية في سوريا

رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية”

 

تعليق واحد

  1. تونس حرة

    “اللجنة التونسية لصد العدوان على سوريا” … هذه بالأحرى إسمها لجنة الدفاع عن نظام بشار الأسد السوري. ها النظام الذي استعمل جميع الوسائل الوحشية من براميل متفجرة و كيمياوي و أبشع أنواع القتل و التعذيب لإبادة مئات الآلاف من شعبه و تهجير الملايين و كله من أجل البقاء في السلطة.
    صد العدوان عن سوريا يبدء بالدفاع عن حقوق الشعب السوري الذي يتعرض لإبادة جماعية من قبل نظام بشار الأسد، لا بالدفاع عن هذا النظام الدموي تحت عباءة القومية الزائفة.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.