تونس-موت المثقفين الكبار..غونتر غراس وماسبيرو وغاليانو في يوم واحد

فقد العالم في 13 أفريل الجاري ثلاثة مثقفين كبار ملؤوا الدنيا وشغلوا الناس طيلة حياتهم واستطاعوا من خلال انتاجاتهم الابداعية أو الفكرية دحر الجهل والظلم وفتح أبواب الأمل للكثيرين من قرائهم…فقد توفي يوم الاثنين 13 أفريل كلا من غونتر غراس الأديب الالماني كاتب الرواية الشهيرة “الطبل” التي نال بها جائزة نوبل للآداب والمثقف والكاتب والناشر الفرنسي المقاوم للاستعمار فرنسوا ماسبيرو مؤسس دار ماسبيرو للنشر والكاتب ادواردو غاليانو الاديب الاريغوائي الذي أمضى حياته في محاربة السيطرة الامبريالية على أمريكا اللاتينية وصاحب كتاب “أوردة أمريكا اللاتينية المفتوحة” …
ولد غونتر غراس سنة 1927 في مدينة دانتزيق (التي أصبح اسمها اليوم غدانسك وأصبحت بولونية بعد الحرب الثانية ) وانتمى في صغره إلى الشبيبة الهتلرية ومن ثم إلى الجيش الالماني وسوف تظل هذه الفقرات من تاريخه الشخصي تلاحقه وتلاحق كتاباته وهو الذي قال في أواخر أيامه أنه تخلص من كل الصفات الالمانية ماعدا اللغة وما عدا اوشفيتز (أحد أبرز المعتقلات النازية التي ابيد فيها اليهود)…كتب غونتر غراس روايته الشهيرة “الطبل” سنة 1959 أثناء إقامته بباريس وبعد نشرها أحدثت ضجة ادبية وسياسية كبرى وتحصل بها الكاتب على جائزة نوبل للآداب ولم ينقطع بعدئذ صيت غونتر غراس ومواقفه المعادية للامبريالية والصهيونية حتى أخر أيامه في هذه الدنيا…يوم 13 أفريل 2015 …
اما فرنسوا ماسبيرو فقد ولد سنة 1932 بباريس في عائلة من أصول يهودية مثقفة ذائعة الصيت فقد كان جده غاستون ماسبيرو عالما مختصا في التاريخ المصري وكان والده هنري ماسبيرو استاذا جامعيا وباحثا مختصا في اللغة والحضارة الصينية…واقتيدت عائلته كعديد اليهود الفرنسيين إلى معتقلات النازية في معتقل بيشنفالد أين يقضي والده نجبه ويستطيع أخاه جان الالتحاق بالمقاومة فيقتل أيضا ولا تنجو إلا والدته من المعتقل…وولد هذا التاريخ الحارق لدى فرنسوا ماسبيرو موقفا لن يحيد عنه طيلة حياته محاربا الاستعمار والنازية والامبريالية في كل أشكالهابما في ذلك الاستعمار الاسرائيلي لفلسطين التي كان ماسبيرو من كبار المدافعين عنها…وبعد ان افتتح مكتبة في باريس بعد الحرب كون مع جمع من رفاقه دار النشر التي حملت اسمه والتي اشتهرت بمعاداته للحرب في الجزائر فعاش المضايقات والتهديدات وحتى الاعتداءات من اليمين المتطرف الفرنسي لوقوفه إلى جانب الثورة الجزائرية وإلى جانب الفيتناميين في حربهم ضد الاستعمار الفرنسي .. وكانت لدار ماسبيرو للنشر الفضل في طبع ونشر مؤلفات ممنوعة مثل كتابات فرانز فانون المناضل الزنجي العالمي وظلت طوال سنسن عدة منارة للفكر اليساري والمعادي للامبريالية …
أما الكاتب الاريغوائي الكبير إدواردو غاليانو الذي يعتبر ضميرا من كبار ضمائر أمريكا اللاتينية فقد ولد في مونتيفيدو (عاصمة الاروغواي) سنة 1940 وابتدأ الكتابة في جريدة إل سول وسنه لا تتجاوز 14 سنة برسم الكاريكاتور لكبار الشخصيات السياسية ومن ثم تدرج في المهنة واشتهر في كبريات الصحف والمجلات قبل أن يسجن أثناء الانقلاب الفاشي سنة 1973 وهرب بعدئذ إلى اسبانيا بعد أن مر بالأرجنتين أين وقعت ملاحقته… اشتهر غاليانو بكتابه “أوردة أمريكا اللاتينية المفتوحة” وهو كتاب اتهام لجحافل الامبريالية الغربية التي نهبت أمريكا اللاتينية منذ القرن 15 وغزو الاسبان للقارة…كان غاليانو من كبار المعادين للامبريالية والمدافعين عن حقوق الشعوب وهة من ضمن المؤسسين لمحكمة روسل من أجل فلسطين ومن المؤسسين التسعة عشر الاوائل للمنتدى الاجتماعي والاقتصادي في بورتو أليغرو بين سنة 2001 و 2005 …

علي العيدي بن منصور

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.