قانون النفاذ الى المعلومة : الحكومة تتحفظ على قائمة الاستثناءات وتعدلها فى اتجاه التوسيع

 

بعد جلسات عديدة واستماعات مكثفة الى جمعيات ومنظمات تهتم بالشأن الاعلامى والحق فى النفاذ الى المعلومة والاتفاق صلب لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب على نسخة نهائية لمشروع قانون الحق فى النفاذ الى المعلومة سحبت رئاسة الحكومة مشروعها قصد تعديله قبل أن تعيد احالته على مجلس نواب الشعب فى صيغته الجديدة وتشرع لجنة الحقوق والحريات اليوم الاربعاء فى مناقشة النسخة الجديدة المعدلة لمشروع القانون المتعلق بالحق فى النفاذ الى المعلومة.

ويبدو وفق تصريحات عدد من أعضاء اللجنة لوكالة تونس افريقيا للانباء بعد الاطلاع على النسخة المعدلة أن أهم النقاط المطروحة فى هذا المشروع والتى كانت محل نقاش مطول وهى قائمة الاستثناءات أو نوعية المعلومات غير المسموح بالنفاذ اليها هى أبرز محاور تحفظ رئاسة الحكومة التى دعتها سابقا الى سحب المشروع بعد احالته على المجلس.

وفى هذا الشأن عبرت رئيسة اللجنة بشرى بلحاج حميدة نداء تونس عن تفهمها لصعوبة التوفيق بين ضمان حق المواطن فى الوصول الى المعلومة ومراقبة الحكومة وضمان الشفافية وبين الحفاظ على المصلحة العليا للبلاد لافتة الى أن الدولة فى وضع صعب وأنه قد وقع المساس بهيبتها وقوتها وسلطتها.

وأشارت الى أن مشروع القانون المذكور يحاول الوصول الى معادلة تكون فيها الدولة محافظة على سلطتها وصورتها كدولة قوية وفى نفس الوقت كدولة تحترم القانون وتقوم ركائزها على المبادى الدستورية وذكرت أن الحكومة قد أدخلت تعديلات على عدد من الفصول لكنها ركزت بالخصوص على موضوع الاستثناءات ونقحته فى اتجاه توسيع قائمة نوعية المعلومات الممنوعة من النشر والاستغلال.

ولاحظ نائب رئيس اللجنة نوفل الجمالى النهضة أن رئاسة الحكومة لم تستسغ تعاطى اللجنة مع الفصل28 من مشروع القانون والمتعلق بالاستثناءات والحال أن اللجنة قلصت من هذه القائمة استنادا الى أحكام الفصل 49 من الدستور ولم يكن لها النية فى فتح باب الوصول الى المعلومة بشكل اعتباطى.

وينص الفصل 49 من الدستور على التالى يحدد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها.

ولا توضع هذه الضوابط الا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الامن العام أو الدفاع الوطنى أوالصحة العامة أو الاداب العامة وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها.

وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أى انتهاك. لا يجوز لاى تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق الانسان وحرياته المضمونة فى هذا الدستور . وقال الجمالى يبدو ان هناك خلاف عميق بين اللجنة وبين رئاسة الحكومة والموضوع يحتاج الى مزيد تعميق النقاش مع الجهة المتقدمة بالمشروع لايجاد حلول ترضى كافة الاطراف مشيرا الى أن النسخة الجديدة للمشروع فيها توسيع فى الاستثناءات وهو ما اعتبره تعاط غير سليم باعتبار أن الموضوع يتعلق بحق دستورى .

وذكر بأن أغلب الاطراف التى وقع الاستماع اليها بخصوص هذا القانون أوصت بالتقليص فى قائمة الاستثناءات وبأن حق النفاذ الى المعلومة هو حق دستورى للتونسيين عموما وللاعلام بصفة خاصة مبرزا ضرورة تقوية الاعلام ودعمه بالنظر الى أنه مرشح للقيام بدور أساسى ورئيسى فى استكمال بناء الديمقراطية الناشئة فى تونس وفق تقديره.

وكانت الجمعيات المهتمة بهذا الشأن دعت الى ضرورة الحد من الاستثناءات بالعودة الى الفصل 32 من الدستور الذى كرس الحق فى النفاذ الى المعلومة وأكدوا ضرورة التقيد بالضوابط الواردة فى الفصل 49 من الدستور وبتحديد مفهوم الضرر فى القانون حتى لا يستغل الامر بغاية حجب المعلومة وبتوصيف الضرر بالجسيم.

وبالاطلاع على نسخة المشروع الجديدة المحالة على اللجنة فان رئاسة الحكومة حذفت من ضمن قائمة الاستثناءات المعلومات المصنفة ذات طابع سرى والمهمات المتعلقة بممارسة الاشراف والرقابة طبقا للمعايير المهنية الدولية المعتمدة فى المجال.

كما ينص المشروع الجديد على أن النفاذ الى المعلومة لا يشمل البيانات المتعلقة بهوية الاشخاص الذين قدموا معلومات بهدف الابلاغ عن تجاوزات او حالات الفساد.

وينص الفصل 28 من مشروع القانون المتعلق بالحق فى النفاذ الى المعلومة فى النسخة الاولى التى تقدمت بها رئاسة الحكومة على أنه للهيكل المعنى ان يرفض طلب النفاذ الى المعلومة التى يمكن ان ينجر عن النفاذ اليها ضرر بالمجالات التالية الامن والدفاع الوطنى والعلاقات الدولية والمصالح الاقتصادية للدولة والمعلومات المصنفة ذات طابع سرى بما لا يتعارض واحكام هذا القانون وسير الاجراءات امام المحاكم والبحث فى الجرائم والوقاية منهاوالمهمات المتعلقة بممارسة الاشراف والرقابة طبقا للمعايير المهنية الدولية المعتمدة فى المجال وحماية الحياة الخاصة والمصالح التجارية المشروعة للهياكل الخاضعة لاحكام هذا القانون بما فى ذلك حقوق الملكية الفكرية والصناعية والمداولات وتبادل الاراء ووجهات النظر والاستشارات الفحوصات والتجارب والدراسات المنجزة لفائدة الهياكل الخاضعة لاحكام هذا القانون.

ويتم تقدير الضرر عند مطلب النفاذ على ان يشمل الضرر الانى أو اللاحق  وحرصت اللجنة عند دراستها للمشروع على التقليص فى قائمة هذه الاستثناءات لافساح اكبر مجال ممكن للمواطن للحصول على المعلومات وضمان الحق الذى كفله له الدستور فى هذا المجال.

ولم تخف لجنة الحقوق والحريات فى تقريرها المتعلق بالنسخة الاولى لمشروع الحكومة تخوفا حقيقيا فيما يتعلق بهذه الاستثناءات التى لا يجب الابقاء على عموميتها بما ينال من الحق لذلك كان لزاما التفصيل والتدقيق فيها .

وأقرت أنه من الضرورى أن تجد الاستثناءات أساسها فى مفاهيم وعبارات واضحة والاستثناءات التى تم الابقاء عليها تفرضها حماية الدولة المدنية الديمقراطية وورد تعدادها على سبيل الحصر وكذلك حقوق الغير المتعارضة مع الحق فى النفاذ للمعلومات بما تستوجبه من حماية للحياة الخاصة وللمعطيات الشخصية موضوع الفصل 24 من الدستور وللملكية الفكرية بالفصل 41 منه لانها حقوق دستورية لا تقل قيمة عن الحق فى النفاذ.

وكانت منظمة المادة 19 اصدرت بيانا بمناسبة الاحتفال باليوم العالمى للحق فى المعرفة يوم 28 سبتمبر الجارى حثت فيه مجلس نواب الشعب على الاسراع بالمصادقة على مشروع قانون النفاذ الى المعلومة تطبيقا للدستور وحماية للحريات 0 وشددت على وجوب أن يتعامل البرلمان مع القانون المتعلق بالنفاذالى المعلومة على اعتباره أولوية سياسية .

ولاحظت فى البيان ذاته أن مشروع القانون المتعلق بالنفاذ الى المعلومة سبق للبرلمان أن ناقشه وأدخل التحسينات اللازمة عليه مما سييسر عملية اعادة النظر فيه من جديد . يذكر أن رئاسة الحكومة كانت اتخذت قرارا بسحب مشروع القانون المتعلق بحق النفاذ الى المعلومة بتاريخ 2 جويلية الماضى بهدف مزيد تعديله.

وكانت لجنة الحقوق والحريات قد أنهت مناقشة مشروع القانون واعادة صياغته والمصادقة عليه بعد ان كانت شرعت فى ذلك من نهاية شهر مارس الماضى ثم احالته على مكتب مجلس نواب الشعب لعرضه على الجلسة العامة.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.