النواب يعتبرون أن الصيد لم يتحل بالجرأة والصراحة الكافيتين ويعبرون عن التخوف من الدخول في فترة فراغ سياسي قبل تشكيل الحكومة الجديدة

جاء في أغلب مداخلات النواب في مجلس نواب الشعب في الجلسة المسائية لتجديد منح الثقة في حكومة الحبيب الصيد،ـ اليوم السبت، أن رئيس الحكومة لم يتحل بالجرأة الكاملة والمنتظرة لمصارحة الشعب بواقع الضغوط الممارسة عليه والصعوبات التي يواجهها في عمله .
وقالت النائبة منية إبراهيم (النهضة)”إن الحبيب الصيد لم يكن جريئا في مكافحة الفساد ومصارحة الشعب، معتبرة أنه إداري وليس سياسيا، ولذلك فهو لم يكن قادرا على مواجهة لوبيات الفساد إذ أنه، بحسب تعبيرها “لم يقف أمام دخول الحاويات إلى البلاد دون تفتيش والحال أن تونس تعيش حالة حرب على الإرهاب، كما انه لم يقف في مواجهة السياسيين الذين اتهمتهم بأخذ عمولات بالمليارات لقاء التوسط في صفقات”.
وعبرت النائبة عن تخوفها من أن تدخل البلاد بعد سحب الثقة من الحبيب الصيد وحكومته في فترة فراغ سياسي لا تقل عن أربعة أشهر ستدخل فيها الأحزاب في مرحلة تشاور حول الحكومة الجديدة.
ووجه النائب عبد العزيز القطي (نداء تونس) نقدا حادا لرئيس الحكومة الذي قال “إن خطابه قد استفزه”، مضيفا قوله إنه “لا ينكر أن الحبيب الصيد هو رجل نظيف ووطني وعمل في ظروف صعبة غير أن كل التقديرات التي قامت بها مختلف الأطراف من أحزاب ومنظمات أجمعت على عدم قدرة هذه الحكومة على مواجهة بعض الأوضاع وخاصة منها الاقتصادية”.
واعتبر القطي أن حكومة الصيد هي أكثر حكومة تعرضت للنقد تحت قبة البرلمان، مشيرا إلى أن تحقيق النجاحات الأمنية لا يمكن أن يحجب ضعف الحكومة على القيام بالإصلاحات الضرورية واتخاذ القرارات اللازمة على المستوى الاقتصادي، وفي مواجهة الوضع البيئي الكارثي، وعلى الالتزام بالتعهدات ومن بينها عدم حل النيابات الخصوصية وتعويضها بالكفاءات (187 نيابة خصوصية لم يتم حلها إلى اليوم).
وبخصوص ملف فسفاط قفصة، توجه القطي بالكلام إلى الصيد قائلا: ” لم يطلب منك أي طرف كان أن تحول قفصة إلى منطقة عسكرية ، أو أن تستعمل القوة لحل هذا الملف”، متهما إياه بإثارة النعرات الجهوية بهذا الخطاب، ومعتبرا أن قدوم رئيس الحكومة إلى المجلس “هو بدعة” وأنه أتاح الفرصة أمام من يريد أن يصفي حساباته مع رئيس الجمهورية خلال هذه الجلسة”.
وتوقع النائب ابراهيم بن سعيد (حراك تونس الارادة) ان الحكومة القادمة لن يكتب لها النجاح باعتبار أن نفس الاسباب تؤدي بالضرورة إلى نفس النتائج كما ان “الائتلاف الرباعي لم يفلح فما بالك بائتلاف يضم تسعة أحزاب (في اشارة الى المشاركين في المشاورات حول حكومة الوحدة الوطنية )” حسب تقديره .
ولاحظ عبادة الكافي(كتلة الحرة) انه لا يمكن توقع النجاح لحكومة دون سند سياسي من الأحزاب التي تكونها، مؤكدا انه لن يستغرب أن يتم اتهام الحكومة القادمة بالفشل بعد أشهر قليلة من تكليفها.
من جهته، اعتبر النائب الجيلاني الهمامي (الجبهة الشعبية) أن رئيس الجمهورية أراد من خلال مبادرته تعيين “رئيس حكومة جديد مطيع”، على حد قوله، موضحا بان تبرير المبادرة بفشل حكومة الصيد يستعمل لتمرير مسرحية الهدف منها الاستهتار بالدولة.
وأشار الهمامي إلى أن وثيقة قرطاج التي خرجت بها الأحزاب المشاركة في المشاورات حول حكومة وحدة وطنية لا تختلف عن برنامج حكومة الصيد الذي يتضمن، حسب تقديره، تفاصيل أكثر وأعمق.
ودعت النائبة سلاف القسنطيني (النهضة) أعضاء الحكومة إلى مواصلة العمل والقيام بكافة المسؤوليات إلى آخر لحظة من عمر حكومتهم وتجنب الارتخاء والتكاسل في العمل الذي تتحلى به حكومات تصريف الأعمال ، مشيرة إلى أن الواقع الدقيق والصعب في البلاد يحتاج إلى كل الجهود والطاقات المتوفرة .
وعبر محمد بن سالم (النهضة) عن التحرج من التصويت لتجديد الثقة في حكومة الصيد خاصة في ظل غياب أي وضوح بخصوص الحكومة القادمة ، مضيفا قوله “كنا نتمنى أن تكون المبادرة الرئاسية واضحة وأننا عندما نسحب الثقة سيكون هناك حكومة يمكن الاطمئنان لوجودها “.
وقال محمد الفاضل بن عمران (نداء تونس) “لا يمكن إلقاء اللوم على الحكومة لوحدها لما وصلت إليه البلاد من أوضاع بل لا بد من أن يتحمل النواب مسؤوليتهم في ذلك”، مشددا بقوله “كفانا تجنيا على الصيد و تذكروا أنه قبل التكليف ليجد نفسه في وضع صعب و ابتزاز من نقابات خارجة على القانون وعلى الاتحاد العام التونسي للشغل، ومشاكل قفصة وقرقنة، وخلافات جوهرية مع المنظمة الشغيلة حول نظام التقاعد”.
وأضاف أن رئيس الحكومة لم يجد أي حزب سياسي يدعمه بل أن الإئتلاف فرض عليه وزراء ، على شاكلة وزير الصحة الذي قال “إنه تعود على تظليل المجلس”، معتبرا بأنه لا يمكن اليوم تحميل الصيد وحده مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع.
ولم يستبعد عامر العريض (النهضة) أن يكون عدد من وزراء الحكومة الحالية ضمن تركيبة الحكومة القادمة أو أن يكون أحد الأعضاء على رأسها وهو ما يمكن أن يضمن الاستمرارية في عمل الدولة حسب تقديره، ملاحظا أن رئيس الحكومة القادم يجب أن “يحظى بأكبر قدر ممكن من التوافق حتى يعمل في أريحية تمكنه من اتخاذ الإجراءات والقرارات الجريئة اللازمة” .
وقالت سامية عبو (التيار الديمقراطي) أن المجلس اليوم هو أمام مسرحية، وأن قرار سحب الثقة قد اتخذ منذ شهرين، معتبرة أن خطاب الصيد اليوم موجه لرئيس الجمهورية وليس للمجلس”.
وأضافت عبو في مداخلتها موجهة خطابها للصيد قائلة ” ما أزاحك من منصبك هو التغول وليس الفشل”، معتبرة أن اختياره منذ البداية كان لاعتباره “شخصا طيعا”، وأنه كان محل رضاء من الشيخين (راشد الغنوشي والباجي قايد السبسي)، غير أن تقربه لأحدهما على حساب الآخر هو ما تسبب في إزاحته من رئاسة الحكومة” حسب تقديرها.
وقالت “إن تونس رهينة عند الشيخين منذ الثورة وأن مقياس نجاح كل من يتولى منصب رئيس الحكومة هو مدى قدرته على تقسيم الغنائم بينهما بالتوازن”. وفق ما جاء على لسانها.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.