مشروع قانون المالية 2017: المنظمات الوطنية والمهنية تجمعها التحديات وتفرقها الفصول

loi-finance

شرعت لجنة المالية والتنمية والتخطيط، اليوم الجمعة، في مناقشة فصول مشروع قانون المالية لسنة 2017 قبل عرضه على الجلسات العامة التي من المتوقع ان تعقد اولاها يوم 18 نوفمبر 2016 على ان يتم المصادقة عليه قبل يوم 10 ديسمبر 2016 حسب الاجال الدستورية.

ويجد قانون المالية للسنة القادمة الذي اعدته حكومة وحدة وطنية، معارضة كبيرة من طرف المنظمات المهنية والوطنية التي ترى فيه تقصيرا من الحكومة في ايجاد الحلول الجذرية لمجابهة التحديات الاقتصادية التى تواجهها البلاد والاكتفاء بالحلول الترقيعية.

ولئن تباينت اراء المنظمات الوطنية وتحاليلها لمشروع قانون المالية لسنة 2017، فانها اتفقت على رفض بعض فصوله كل حسب رؤيته وذلك فى طار جلسات استماع عقدتها لجنة المالية على امتداد اكثر من اسبوع.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه مختلف الاطراف، ان سنة 2017 ستكون سنة صعبة بالنسبة للاقتصاد الوطني وهو ما يتطلب من الجميع التضحية، فان كل منظمة ترى ان قانون المالية قد حملها التضحية الاكبر.

وذهب الاتحاد العام التونسي للشغل الى حد التشكيك في كفاءة اطارات وزارة المالية التي قال إنها “تعمل دون لوحة قيادة ودون دراية بهيكلة ميزانية الدولة” معتبرا ان الفرضيات التي بنيت عليها تقديرات ميزانية الدولة “مغلوطة” ومن شانها ان تؤدي الى اخلالات في التوازنات.

وقد اعتمدت تقديرات وزارة المالية على سعر 50 دولارا لبرميل النفط لكامل السنة في الوقت الذي يتوقع فيه البنك العالمي ان يكون معدل سعر البرميل بالنسبة للسنة القادمة في حدود 55 دولارا، استنادا الى تقرير نشره في نهاية شهر اكتوبر 2016.

واعتمدت التقديرات، ايضا، على سعر صرف للدولار في حدود 250ر2 د في حين ان سعر الصرف الحالي يقدر ب233ر2 د وهو ما جعل المنظمة الشغيلة تؤكد ان هذه الفرضيات غير “واقعية”.
في المقابل، حذر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، من ان تؤدي الاجراءات التي تضمنها مشروع قانون المالية، والتي اعتبر انها “تعاقب المؤسسات المنظمة والشفافة”، الى الحد من الاستثمار وبالتالي تراجع نسق النمو.

ونحت نحوه هيئة الخبراء المحاسبين للبلاد التونسية التي حذرت من ان مشروع قانون المالية لسنة 2017 يتضمن جملة من الاجراءات التي ترفع في الاداءات وهو ما من شانه ان يعمق الضغط الجبائي على الاشخاص المنضبطين جبائيا في حين يواصل اشخاص اخرون التنصل من اداء واجبهم الجبائي.

واعتبرت الهيئة ان الترفيع في الضغط الجبائي من شانه ان يحد من الادخار وبالتالي يؤثر سلبا على الاستثمار وعلى نسبة النمو والتشغيل.

واتفقت الهيئة مع اتحاد الشغل على ضرورة التدقيق الشامل والمستقل للمالية العمومية والدعوة الى احكام التصرف في الاموال العمومية باعتماد المعايير الدولية للمحاسبة في القطاع العمومي.
ورغم اتفاق كل المنظمات والشرائح على ضرورة التضحية من اجل الاقتصاد الوطني فان الجميع يرفض الاجراءات التي تمسها، فاتحاد الشغل يرفض الاجراء المتعلق بتجميد الاجور في خطوة اتخذتها الحكومة في اتجاه تطبيق الاجراءات المتفق بخصوصها مع صندوق النقد الدولي الذى تتطلع تونس الى الحصول على 2000 مليون دينار منه خلال السنة القادمة، حسب مشروع قانون المالية.

ويؤكد الاتحاد “ان التحكم في النفقات العمومية لا يمكن ان تكون على حساب الأجراء” مشيرا الى ان السبب الحقيقي وراء تضخم كتلة الاجور المقدرة ب7ر13 مليار دينار
(حوالي 40 بالمائة من ميزانية الدولة) يتمثل فى الزيادة فى عدد الانتدابات فى الوظيفة العمومية وليس الترفيع فى الاجور.

وقالت المنظمة الشغيلة “إنه يتعين على الحكومة قبل مطالبة الاجراء بالتضحية”، التحلي بالجرأة فى معالجة الاشكاليات الحقيقية التى يعاني منها الاقتصاد الوطني من ذلك مقاومة التهريب والتجارة الموازية بعيدا عن الحلول الترقيعية. كما دعا الحكومة الى استرجاع ديونها غير المستخلصة لدى المؤسسات والتفويت فىى المؤسسات المصادرة التى تخسر قيمتها مع مرور الوقت.
من جهتها، ترى منظمة الاعراف انه يتعين اليوم الحد من كلفة تسيير الدولة التي تشهد ارتفاعا كبيرا مقارنة بالمؤشرات الاقتصادية الاخرى.

واعتبرت ان اقرار ضريبة ظرفية على المؤسسات ب5ر7 بالمائة كفيل بان يفضي الى تراجع الاستثمار ب12 بالمائة وبالتالي فقدان 21 الف موطن يمكن احداثها بفضل هذه الاستثمارات.
وبينت ان المؤسسة هي التي دفعت ولا زالت تدفع الثمن الاعلى لكل “الانحرافات الاقتصادية” للبلاد.

في المقابل يذهب خبراء اتحاد الشغل الى القول بان مساهمة المؤسسات المنضوية تحت لواء منظمة الاعراف تعتبر ضئيلة ولا تتجاوز 400 مليون دينار جلها لمجموعات اقتصادية كبرى.
وتقدر الموارد الجبائية للمؤسسات غير البترولية بقيمة 1400 م د يتأتى 70 بالمائة منها من القطاع المالي والبنكي والاتصالات.

واعتبرت هيئة الصيادلة “أن تعميم الاداء على القيمة المضافة على كل الأدوية بما فى ذلك الموردة سيؤدى الى غلاء أسعارها وهو ما سيكون له وقع كبير على المواطنين والصيادلة على حد سواء”.

وينص مشروع قانون المالية على اخضاع الادوية التي ليس لها مثيل مصنوع محليا للاداء على القيمة المضافة بنسبة 6 بالمائة.

ويمنح الاداء على القيمة المضافة عند توظيفه حتى بنسبة ضئيلة فكرة اوضح على رقم معاملات الصيدليات.

بدورهم، رفض المحامون الفصل 30 من مشروع قانون المالية لسنة 2017، الذي ينص على اخضاع انشطتهم الى معلوم يدفع بواسطة طابع جبائي منقول مقترحين، في المقابل، اعتماد المعرف الجبائي للمهن الحرة في كل عملية شغلية، لتفادي التهرب الضريبي على جميع الناشطين في هذه المهن.

وسيكون مصير مشروع القانون المالية لسنة 2017، رهين التعديلات التي ستقوم بها لجنة المالية التي اكد مختلف اعضائها ان ابواب الحوار لازالت مفتوحة.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.