على هامش زيارة الغريبة: تكوين لجنة فنية للتفكير في بعث متحف للتراث التونسي اليهودي

بعد أن كانت مجرد فكرة في مخابر الجامعة التونسية، تقرر اليوم الأحد، الإعلان عن تكوين لجنة فنية للتفكير في بعث متحف حول التراث التونسي اليهودي، وذلك خلال تظاهرة ثقافية نظمتها جامعة منوبة بالتعاون مع المعهد الثقافي الفرنسي بجربة، على هامش الاحتفال بالزيارة السنوية للغريبة.
وتضم هذه اللجنة، بحسب عميد كلية الآداب بمنوبة، حبيب الكزدغلي، الذي اعتبر أن الإعلان الرسمي عن تكوينها يمثل خطوة أولى لتجسيد فكرة بعث المتحف، “تمثيليات من جامعة منوبة ومن اليهود التونسيين المقيمين بالخارج ومن الجماعة اليهودية بتونس ومن وزارتي السياحة والشؤون الثقافية”.
وستعمل هذه اللجنة على اعداد تقرير حول الخطوات المقبلة لتأسيس المتحف مع التوجه نحو إمكانية تركيزه بتونس العاصمة باعتبار أن جزيرة جربة تمثل لوحدها متحفا حيّا ومفتوحا يضمّ الغريبة والفنادق والكنائس، بحسب نفس المصدر.
ومثلت التظاهرة الثقافية التي انتظمت تحت عنوان “لقاءات جربة”، في أحد المعالم التراثية القديمة بالجهة، فرصة قدّم فيها عدد من الباحثين والجامعيين، خصائص جزيرة جربة الفريدة المتمثلة في تعايش مزيج من الديانات والمذاهب والأجناس على أرضها بانسجام، فضلا عن تعلق اليهود بها وتمسّكهم بالبقاء فيها.
وتضمنت “لقاءات جربة”، ثلاثة محاور أساسية تعلقت بآثار الجماعة اليهودية حيث تبيّن وجود نحو عشرين كنيس بجربة من جملة ثمانين كنيس يهودي بكامل البلاد التونسية وهو ما يقيم الدليل على ثراء المعابد الدينية اليهودية بجربة. كما تم التطرق لآثار القبور من خلال دراسة مشتركة بين مخبر التراث بجامعة منوبة وجمعية الدفاع على مقبرة بورجل.
واهتم المحور الثاني بالهويات المتعددة لجربة ومن بينها تعدد المذاهب الإسلامية بين مالكية واباضية فضلا عن تواجد السود والامازيغ واقليات اخرى، فيما بحث المحور الثالث العلاقات بين المسلمين واليهود.
واعتبر الباحثون ممن أثثوا هذه التظاهرة أن بقاء اليهود بجربة، يعود أساسا إلى تعلقهم بأسطورة الغريبة وهو تعلق روحاني تجذّر بوجود عدد هام من الكنائس والمعالم الدينية التي لا يستطيعون تركها والإبتعاد عنها، لدلالاتها وأبعادها الروحية المقدسة.
وقال حبيب الكزدغلي إن “كلية الآداب بمنوبة، دأبت على تنظيم تظاهرات ثقافية في كل سنة بمناسبة زيارة الغريبة، إيمانا بأن الجامعة تشكل مخبر تفكير وفضاء مستقلا وحرا، يدرس الظواهر الاجتماعية دون تسلط الدين او السياسة”، وفق قوله.
وثمن سفير فرنسا بتونس، أوليفيي بوافر دارفور، هذا اللقاء لما تضمّنه من مداخلات ثرية ومعلومات قيمة تحدثت عن جربة وعن تنوعها وثرائها، معتبرا أن اللقاء شكّل فرصة للتفكير في عدد من المسائل الثقافية قائلا “إن تونس بلد له عديد الخاصيات الثقافية الهامة”.
وأضاف السفير الفرنسي : “جربة تستضيف فرنسا وتدعو الفرنسيين لزيارتها”، معتبرا أن صورة هذه الجزيرة تبقى دائما متميزة لدى الفرنسيين بفضل ثراء ثقافتها وجمال طبيعتها، متوقعا وصول بين 550 ألف إلى 600 الف سائح فرنسي إلى تونس خلال الموسم السياحي القادم، آملا أن يرتفع العدد تدريجيا خلال السنوات المقبلة ليصل إلى مليون سائح سيتوافد عدد مهم منهم على جربة التي تعد وجهة تستقطب الفرنسيين.
واعتبر ان مبادرة “جربة تستضيف فرنسا” التي أطلقت بمناسبة الموسم السياحي المقبل، تمثّل طريقة هامة للتواصل ولتقديم صورة مميزة وحيوية تحمل كل معاني الحرية والديمقراطية والثراء الثقافي، بما تحتويه من فقرات ثقافية وتراثية وفنية رائعة .

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.