الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري تقول إن تخفيض ميزانيتها لسنة 2018 يضرب استقلاليتها وآداءها

عبرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري عن تفاجئها بتقليص ميزانيتها لسنة 2018 دون إشعارها بهذا الاجراء، معتبرة أن ذلك من شأنه أن يضرب استقلاليتها ويقلص من آدائها لمهامها.

كما أعبرت الهايكا عن قلقها من “تزايد المؤشرات عن التراجع عن الحريات الاعلامية والتدخل الحكومي في قطاع الاعلام العمومي واستمرار انعدام الشفافية المالية في الاعلام الخاص”.

وقال رئيس الهيئة النوري اللجمي في ندوة صحفية عقدها مجلس الهيئة بالعاصمة اليوم الجمعة ” إن مشروع ميزانية الدولة لسنة 2018 تضمن تخفيضات كبيرة وصلت الى حدود الربع تقريبا (مقارنة بالميزانية السابقة) دون الرجوع الى الهيئة أو إشعارها ودون توضيح مبررات هذا التخفيض”.

وأضاف أن “هذا الاجراء الأحادي الجانب من شأنه أن يؤثر مباشرة على نشاط الهيئة من خلال المس من التزاماتها تجاه موظفيها والمتعاونين معها وشركائها وسيضرب استقلاليتها ويؤثر على آدائها.

وقال ” كان من الأحرى تخصيص باب خاص لميزانية الهيئة ضمن الميزانية العامة للدولة بدلا من إدراجه ضمن ميزانية وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان”، مشيرا الى أن ” الإنتقال الديمقراطي لم يكتمل بعد وفي بعض الحالات هناك تعثر ينذر بخطر الرجوع الى الوراء في عديد الميادين من بينها الحقوق والحريات”.

وأضاف أن تأخر صدور قانون حرية الاتصال السمعي البصري يعود الى تعطل قنوات الاتصال بين الهيئة ووزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان وللإختلاف الحاصل حول نقاط جوهرية من أهمها تشبث الوزارة بتجزئة القانون الى جزأين، أولهما يتعلق بالهيئة التعديلية دون إشارة الى أدوات التي تمكنها من القيام بدورها وجزء ثاني منفصل يخص الاعلام السمعي البصري وكأنه بمعزل عن مهام الهيئة ودورها.

واعتبر أن هذا التصور الحكومي للقانون يطرح إشكاليات عديدة من أهمها التشتت الذي يحصل على مستوى النصوص القانونية التي تنظم القطاع وهو ما يرفضه الخبراء المختصين في المجال القانوني . وتساءل عن الاليات والصلاحيات التي ستعمل بها الهيئة القادمة مؤكدا ضرورة التنصيص على استقلالية الهيئة من ناحية الموارد المالية والبشرية ومجال تدخلها وصلاحياتها وآليات عملها في القانون الجديد المنتظر إصداره.

من جهته ذكر هشام السنوسي نائب رئيس ال”هايكا” في هذا الشأن أن الهيئة أعلنت عن إمكانية إطلاقها لمبادرة تشريعية بالتعاون مع هيئات المجتمع المدني ومنها نقابة الصحافيين في “صورة عدم الاتفاق مع الحكومة على الحد الادني في هذا القانون”.

وبخصوص قطاع الاعلام العمومي لاحظ رئيس الهايكا النوري اللجمي وجود “مؤشرات تنذر بالتراجع بالخطوات الايجابية ” وذكر في هذا الصدد ب” التمشي الذي اتبعته السلطة التنفيذية في التعامل مع ملف الرؤساء المديرين العامين لمؤسسة التلفزة التونسية” في مجال التعيين والإعفاء “دون الرجوع الى الهيئة على اعتبار الاختصاص الذي منحه لها المرسوم عدد 116 لسنة 2011 وفي ذلك “ضرب لمبدإ توازن الصيغ والاجراءات وآلية الرأي المطابق”. كما لفت الى “أنه تم الاتفاق مع الحكومة على أن تكون مهمة الرئيس المدير العام خاضعة لعقد أهداف ووسائل محدد في المدة ترسم فيه أهداف واضحة وهو ما لم يتم الالتزام به من طرفها”، وفق تعبيره.

كما لاحظ في مستوى المضمون الاعلامي التلفزي والاذاعي العمومي وجود “بعض المؤشرات السلبية المتعلقة أساسا بغياب شرط الحياد وبنقص على مستوى المهنية في التعاطي الاعلامي مع الاحداث خاصة مع نشاطات السلطة التنفيذية برأسيها”.

وقال ” إن كل هذه المؤشرات تجعلنا نتساءل عن جدوي الحديث عن إصلاح المرفق الاعلامي العمومي في ظل غياب إرادة فعلية للاصلاح تترجم بطريقة واضحة باتخاذ الاجراءات العملية الضرورية لترسيخ المسار نحو إعلام عمومي مهني ومستقل”.

وبينت راضية السعيدي عضوة مجلس الهيئة حول “تـأخر الاصلاح في المرفق العمومي ” للاعلام أن عملية الاصلاح مسؤولية مشتركة وخاصة من جانب الحكومة والهيئة تعمل على حماية المرفق العمومي من التدخلات والضغوطات”، بينما أشار هشام السنوسي في نفس السياق الى “الدور السلبي للاحزاب السياسية وحساباتها” في التأثير على وسائل الاعلام .

وخص هشام السنوسي في هذا الصدد بالذكر وضعية قناة “الصراحة آف آم” التي تضم في مجلس إدارتها عضوين من مجلس شورى حزب حركة النهضة رغم الدعوات الى خروجهما من مجلس الادارة لتناقض وضعيتهما مع مبدإ الاستقلالية عن الأحزاب السياسية والنأي بوسائل الاعلام عن التوظيف السياسي والى رفض أحد هذين العضوين وهو حاتم بولبيار الاستجابة للمثول أمام ال”هايكا” لحل هذه المشكلة.

كما تطرق الى موضوع إلحاق إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم بالاذاعة الوطنية بعدما كانت رئاسة الحكومة وعدت نقابة الصحافيين ومنظمات المجتمع المدني المطالبة بذلك بتنفيذ هذا القرار، قائلا ” هناك ضغوطات وتجاذبات حزبية وسياسية حالت دون تنفيذ ذلك”.

وأشار إلى “وجود مسؤولين من النظام السابق المعروفين بمواقفهم المناهضة لحرية الاعلام اليوم وهم يرسمون مستقبل الاعلام” معتبرا ذلك “مؤشرا خطيرا” في أوضاع الاعلام.

أما في ما يتعلق بقنوات الاعلام السمعية البصرية الخاصة فأثار رئيس ال”هايكا” النوري اللجمي مسألة “شفافية التمويل والترخيص والإمتثال الى قرارات الهيئة ” ولاحظ الغياب شبه التام للتعاون من قبل مؤسسات الدولة المعنية بالشأن المالي الرقابي منها وزارة المالية والتباطؤ من قبل بعض وسائل الاعلام وعدم تجاوب الشركات المشرفة عليها في توفير الوثائق المالية المطلوبة وفي تحيين الملفات المالية وقائمات المساهمين للهيئة مما “يثير شبهات” خاصة أمام عدم التوازن بين المداخيل بما فيها الاشهارية والمصاريف التي لا تقل بالنسبة لقناة تلفزية على سبيل المثال عن 250 ألف دينار شهريا.

وتعرض الى تواصل بث بعض القنوات بدون ترخيص قانوني والاجراءات المتخذة ضدها من ذلك قناة الزيتونة التلفزية التي دعتها الهيئة الى التوقف عن البث عديد المناسبات دون امتثال منها الى حد اليوم وهو ما يعتبر “مؤشرا خطيرا عن الالتزام بالنصوص القانونية وتحديا للدولة في حد ذاتها الى جانب كون مصادر تمويل هذه القناة غير معلومة”.

أما إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم التي “لم تتحصل على إجازة إحداث واستغلال قناة إذاعية خاصة فقد تحدت بدورها جميع قرارات الهيئة وواصلت البث بطريقة عشوائية باستعمال جهاز لبث إذاعي غير مرخص فيه” على حد قول رئيس الهيئة مما حدى بالهيئة الى حجز جهاز البث التابع لها أمس الخميس بعد القيام بالاجراءات القانونية والادارية اللازمة .

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.