سمير ماجول: تدهور قيمة الدينار يقضي على المؤسسة التونسية

تعد المسائل المتعلقة بإنعدام إستمرارية الإدارة وسوء التصرف في المؤسسات العمومية وارتفاع الضغط الجبائي والاقتصاد الموازي القضايا الأهم، التي تشغل الرئيس الجديد للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول.

وشدد ماجول في حديث أدلى به لـ(وات)على المسؤولية المشتركة للدولة والمنظمات المهنية للشغالين والأعراف في التصرف في وضعية البلاد الاقتصادية والإجتماعية، “التي تبعث على الإنشغال”. ولم يتوان الرئيس الجديد لمنظمة الأعراف وهو صاحب مؤسسة عائلية تنشط في مجال الصناعات الغذائية، عن التعبير عن تبرم رؤساء المؤسسات التونسية من “سوء التصرف” في المالية العمومية ومن الاقتصاد الموازي.
يذكر أن المؤتمر 16 للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (يوم 17 جانفي 2018) مكن ماجول، الذي خبر طويلا دواليب منظمة الأعراف عبر توليه مختلف المناصب النقابية صلب الإتحاد، من خلافة وداد بوشماوي.

(وات): ما هي قراءتك للوضعية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد؟

ماجول: تبعث الوضعية الإقتصادية والإجتماعية للبلاد على الإنشغال والمسؤولية صعبة بالنسبة للحكومة وبالنسبة لنا جميعا. الوطن مسؤولية بين أيدينا جميعا (حكومة وأعراف وشغالين). ويمكن لنا أن نجد حلولا للمشاكل إذا توفر الحد الأدنى من الرؤية المشتركة وفي اتجاه هدف واحد ألا وهو التنمية والإستثمار. ماذا يلزمنا لنتقدم؟ من الضروري توفر مناخ يجد فيه الجميع ضالتهم ويلعب فيه كل فرد دوره ضمانا لمناعة هذا البلد.

(وات): تقدم إتحاد الأعراف في 2014 إلى الأحزاب السياسية بوثيقة تضمنت مقترحات لإخراج الإقتصاد التونسي من الأزمة، التي يعيشها. هل لا تزال هذه الوثيقة سارية المفعول أم سيتم تقديم مقترحات أخرى؟
ماجول: تتعلق الوثيقة بتقديم رؤية للإقتصاد التونسي في أفق سنة 2020 ولا تتطلب أي مراجعة وعمليا لم يقع إنجاز شيء منها. إذا ما قمنا بتطبيق ولو جزء من هذه الرؤية لكان حالنا أفضل. ونعتبر أن الوثيقة، التي تم إعدادها من قبل عدد من الخبراء التونسيين بإشراف منظمة الأعراف، تناولت مختلف الجوانب، التي يمكن أن تعرقل الإقتصاد.

“أي تغيير على رأس الحكومة يعد عاملا لعدم الإستقرار”

(وات): منذ إعداد هذه الوثيقة قامت الحكومة بعديد المبادرات لإنعاش الإقتصاد. إلى أي مدى كانت هذه الإجراءات كافية؟ 

ماجول: لا أرغب في الحديث عن الماضي. لقد تعاقبت في تونس 8 حكومات في زمن وجيز وليس من طبيعة ذلك تحسين المناخ الإقتصادي لأن أي تغيير في هذا السياق وخاصة على مستوى رئاسة الحكومة يشكل عاملا لعدم الإستقرار. إن إجراء تحويرات على مستوى الفريق الحكومي يمثل حركة عادية فمن يكون اداؤه ناجحا يواصل عمله ومن يكون أداؤه أقل فليغادر. لكن حين تكون الحكومة غير مستقرة من الصعب مطالبتها بضمان إستمرارية متابعة مختلف الملفات. من الطبيعي أن تكون هناك إستمرارية على مستوى الحكومة والإدارة لكن ذلك لم يكن متاحا مما مثل حجر عثرة أمام الإستثمار والنشاط الإقتصادي. من الضروري أن يكون هناك إستمرارية إدارية في معالجة الملفات الاقتصادية سواء استمر الوزير في منصبه أو غادره.

(وات): اذن مالذي يمكننا القيام به؟

في إعتقادي، ينبغي أن نتساءل عما يمكن تجنبه لتفادي عدم تشجيع الاستثمار، عندما نتحدث عن الإستثمار، فيجب ان نبدأ الحديث عن الإستثمار الأجنبي والمستثمرين الأجانب المنتصبين بتونس، نهتم بمشاكلهم وبمدى رضاهم عن الانتصاب بتونس، وما نتمناه جميعا هو أن يكون الاستثمار في تونس من أولويات المستثمرين الأجانب .

فهم يستفسرون دائما حول الاوضاع في الجهات التي ينوون الاستثمار فيها هل هناك أمن إجتماعي وهل هناك علاقة تعاون بين منظمة الأعراف وإتحاد الشغل وهذا ما نسعى إلى توفيره في الجهات فقد وقعنا مؤخرا اتفاقية تمكن من اعادة نشاط الشركة التونسية لصناعة الإطارات المطاطية.
ولذا فقد تأكدنا أننا ما نستطيع فعله ليس بالكثير ولكن المسائل في طريقها نحو التحسن وستبرهن تونس على قدرتها على النهوض من جديد رغم كل ما يحدث و نحن نلاحظ تقلصا في الإحتجاجات وفي هذا السياق، أطلقت منظمة الأعراف بالتعاون مع إتحاد الشغل مشروع “إضراب عام ضد الإضرابات” وهو شعار سيمكن المنظمتين من التدخل عندما يكون هناك خلاف ، ولا يمكن بعد اليوم السماح بشن الإضرابات لإن تونس في حاجة إلى الإنتاج أكثر فأكثر وإلى التصدير وخلق الثروة وتوزيع المداخيل.

وحديثنا هذا لاينطبق فقط على القطاع الخاص وانما هي فلسفة عامة فنحن نعلم ما خسرناه جراء الوضع في شركة فسفاط قفصة والشركات البترولية، ولو تم ضخ الخسائر الناتجة عن ذلك في خزينة الدولة فإن حجم التداين لم يكن ليبلغ هذا القدر ومدخراتنا من العملة الصعبة لم تكن لتصل الى أقل من 90 يوما كما ان انزلاق الدينار لم يكن ليصل إلى نسبة 25 بالمائة.
نحن هنا أيضا لنجد الحلول فنحن قوة اقتراح .

“ننتظر من شراكائنا الأوروبيين مساندة مالية أكثر فاعلية”

في ما يخص الإقتصاد فإن تونس بلد صغير ولإنقاذ الإقتصاد الوطني نحن في حاجة الى تضامن دولي لإن تونس يمكن ان تكون حزام أمان بالنسبة إلى العالم، ولبلدان المتوسط ولأوروبا التي وضعت أموالا خيالية لإنقاذ اليونان فماذا كان تدخلها في تونس وهي التي تشتكي من تدفق المهاجرين.
ولذا ننتظر من شركائنا الأوروبيين مساندة أكثر نجاعة بالنسبة إلى الإستثمار والتمويل، ونحن نطالب بتمكيننا وان كانت تمويلات بشروط ليس لخلاص الاجور وانما للإستثمار في المناطق الصناعية، فالأموال التي قدمت لليونان يمكن ان تجعل تونس من أكثر البلدان التي يستطاب فيها العيش في إفريقيا وحوض المتوسط.
اذ ان المهاجرين ياتون أساسا من ليبيا مقابل فئة قليلة من تونس. لكن لو نضمن لهؤلاء الاشخاص حياة كريمة وشغلا مستقرا فانهم لن يجازفوا بحياتهم في عرض البحر.

اذن نحن ننتظر من شركائنا الاوروبيين المزيد من المساندة على مستوى الاستثمار والتمويل باعتبار الدور الذي لعبته تونس والنموذج الذي قدمته.
ونحن لا نستجدي صدقة، بل نطالب بتمكيننا من تمويلات وان كانت بشروط ليس لخلاص الاجور وانما للإستثمار في المناطق الصناعية، فالأموال التي قدمت لليونان يمكن ان تجعل تونس من أكثر البلدان التي يستطاب فيها العيش في إفريقيا وحوض المتوسط. لقد تركت تونس ثورتها وراءها في وقت لاتزال فيه بلدان اخرى في منطقة المتوسط مهددة بالانفجار في اي وقت، واتمنى ان لا تنفجر ابدا.

واتمنى ان تحقق تونس ثورة اقتصادية وصناعية وخاصة الوعي بما يمكن لكل منا تقديمه لهذا البلد. وكمنظمة اعراف نطالب بالكف عن اي اهدار تشهده البلاد على مستوى شركة الفسفاط بقفصة واستكشاف المحروقات او الصناديق الاجتماعية مع اعادة النظر في صندوق الدعم. من غير المعقول ان يتواصل دعم المؤسسات العمومية في وقت تشكو فيه من غياب التنافسية وسوء التصرف واهدار المال. نحن لم نعد نملك الوسائل لمواصلة دعم هذه المؤسسات بل نريد في المقابل مؤسسات عمومية ناجحة تكون قاطرة البلاد ونموذجا للمؤسسات الخاصة.

عندما ياتي مستثمر اجنبي الى تونس يجب ان يجد موقعا تنافسيا على كل المستويات ومناطق صناعية تنافسية مجهزة بكل الخدمات الضرورية (مياه، كهرباء، موارد بشرية والحمد لله لدينا الجودة العالية..). نفس الشيء ينطبق على الصناعي التونسي الذي يجب ان ينتفع بتنافسية مناخ الاعمال في بلاده. يجب ان تكون لدينا ادارة تساعده وتشجعه وتسانده في حال مواجهة صعوبات.

(وات): أليس هذا هو الحال الآن؟

ماجول: ليس هو الحال لان الامر مرتبط بالعقلية السائدة ولكن يمكن تحقيق ذلك في حال يتم انهاء اجراءات بعث مصنع في غضون يوم واحد وليس عبر المرور بعدد من اللجان مثلما هو الحال عند تغيير صبغة الاراضي.

“نطالب بنظام لتسريع الاجراءات”

(وات): بادرت الحكومة باقرار اجراءات لاصلاح البنوك والادارة، فهل ترتقي الى مستوى انتظاراتكم؟

ماجول: الحكومة كذلك تحتاج الى مساندة لان المسار الذي تتوخاه مشجع وننتظر ان تكون الادارة اول المساندين للحكومة تعقبها في ذلك المنظمات الوطنية، وهو ما ينطبق علينا وعلى الاتحاد العام التونسي للشغل ونحن في منظمة الاعراف طالما قمنا بذلك ولا يوجد سبب لعدم دعم الحكومة.
شخصيا لا افهم عدم مساندة منظمة وطنية لحكومتها، يمكن ان نختلف في بعض المسائل حول ملف ما لكن نجلس على طاولة واحدة ونتناقش. نريد حكومة مستقرة. وعلاوة على الادارة والمنظمات الوطنية فان الحكومة يجب ان تلقى مساندة الاحزاب والا فانها لن تنجح في احالة القوانين التي تقترحها على انظار مجلس نواب الشعب او يقع افراغها من محتواها. وغالبا ما تقع المصادقة عليها ولكن بعد اكثر من سنة من اعدادها. وهناك تمويلات اضعناها بسبب عدم المصادقة على نصوص القوانين في اجالها. فالاقتصاد لا ينتظر، لذلك نطالب بمنظومة لتسريع الاجراءات مع برلمان الشعب حتى يتمكن رئيس الحكومة من اصدار الاوامر. نتمنى ان يكون هناك مخططا استعجاليا ويجب تبسيط التصرف لكافة الاطراف لان البلاد امامها عديد الرهانات وشبابنا في الانتظار.

وبدل الانتظار يجب ان يضطلع كل من موقعه بواجبه. لو اننا نعمل جميعا سنخرج منها انشاء الله. يجب الخروج من الازمة في اقرب الاجال ودون الاضرار بعجلة الاقتصاد نظرا لوجود توازنات يجب الحفاظ عليها ومواعيد انتخابية يجب احترامها.

(وات): ماذا يعني لكم قانون الطوارئ الاقتصادية؟

ماجول: يمكن لرئيس الحكومة اتخاذ قرار في اي وقت لكن يجب ان يعطيه القانون هذه الامكانية (قانون الطوارئ الاقتصادية) ومنظمة الاعراف لا تتدخل في التجاذبات السياسية. القطاع الخاص يحتاج الى الامن والاستقرار ولكن عندما يكون هناك صراع اجتماعي فنحن نتدخل في الحين. لكن الصراعات تظهر لاسباب اخرى يمكن ان تكون سياسية وهذا امر غير مقبول.

(وات): هل هو الحال بالنسبة للاحداث الاخيرة؟

ماجول: بالنسبة لعدد من المناطق فهو كذلك، ولكن بالنسبة لمنظمة الاعراف يجب الابتعاد عن مثل هذه الاوضاع التى شهدت ولحسن الحظ تعافيا في الاثناء، غير ان هناك بعض الاحتجاجات التي لا نفهم اسبابها او توقيتها ولماذا تتزامن هذه الاحتجاجات في كل مرة مع شهري ديسمبر وجانفي.
نحن لدينا مسؤولية تجاه شبابنا، وقدمنا لهم وعودا كثيرة والعجلة الاقتصادية لم تساعدنا كثيرا على تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم.
استمكلنا مؤخرا جولة في 24 منطقة في اطار الاستعداد للدورة 16 لمؤتمر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية مكنتنا من الاستماع الى مشاغل رؤساء مؤسسات وحرفيين ومختصين في قطاع الخدمات لا سيما في مجال نقل البضائع الذي يشكو جملة من الاشكالات.

وفي قطاع الصناعات التقليدية هناك حرفيين لا يصل دخلهم الى مستوى الاجر الادنى الصناعي فهذا القطاع تحمل مشاكل عدة بسبب خسارته لحرفائه السياح نتيجة الاوضاع في ليبيا وخاصة العمليات الارهابية التي جدت في سوسة ومتحف باردو. فهم ينتظرون مزيدا من التضامن من الدولة، اي من الحكومة والمسؤولين السياسيين.
لقد واجهنا العديد من المشاكل وعدم استقرار التى حالت دون تركيزنا على هذه الاوضاع الاجتماعية والحمد لله ان اقتصادنا اثبت قدرته على الصمود.

(وات): هل سيتمكن الاقتصاد التونسي، في ظل عجز الميزانية الحالي، من مواصلة الصمود؟

ماجول: هذا العجز يتاتى من عمليات التصرف واجور القطاع العام التي تضاعفت 3 مرات بين سنتي 2011 و2017 وهو ما ادى الى تسجيل عجز عميق على مستوى المالية العمومية الى درجة دعت صندوق النقد الدولي يتدخل في كل مرة ليقول ان كتلة الاجور مرتفعة جدا.

بما ان الدولة تمكنت من مضاعفة الاجور3 مرات فانها قادرة ايضا على مساعدة الباعثين الذين يعانون مشاكل عدة اضافة الى ان هؤلاء الحرفيين الذي وسبق وتحدثت ليسوا مسؤولين عن خسائرهم او الثورة اوالعمليات الارهابية ثم نتساءل عن اسباب الاحتجاجات. والاجابة هي اننا لا نتذكرهم الا في الانتخابات، يجب مساعدتهم، المواطنون يدفعون الضرائب ليجدوا الدعم متى احتاجو اليه.

(وات): منظمة الاعراف غالبا ما تشكو من عدم الانصات اليها مهددة باستعمال وسائل اخرى لابلاغ صوتها مثل الخروج الى الشارع؟

ماجول: (بسخرية) نحن متواجدون دائما في الشارع فتجارنا على الطريق، ونحن نتجول في الشوارع (الناقلين وسيارات الاجرة)، ولسنا في المعارض. بعد الثورة اصبحت الفكرة العامة السائدة ان كل من ينزل الى الشارع يتحصل على ما يريد.
خلال اجتماع المجلس الوطني، طالبنا الحرفيون ورؤساء المؤسسات واعضاء الغرف النقابية الوطنية والجهوية بالنزول الى الشارع باعتبارها الطريقة الوحيدة للضغط. نحن لا نوافق بالضرورة على هذه الطريقة ونامل دائما في تحقيق مطالبنا عبر التشاور والمفاوضات. نعتمد الوسائل المشروعة والمكفولة بالدستور. فنحن منظمة نقابية ويحق لنا القيام باضراب وغلق المؤسسات في حال انعدام الاستماع لنا لانه ليس لنا الحق في العمل بالخسارة. نحن هنا كي ننتج والدليل اننا اقترحنا القيام باضراب عام احتجاجا على الاضرابات. اسوا شيء يمكن ان يحدث للصناعي هو ان يضطر الى الغلق. والاكثر خطورة من ذلك هو الاستمرار في العمل بخسارة.

“يجب ان يكون هناك حواجز لمكافحة اغراق السوق”

(وات): ذكرتم قطاع الصناعات التقليدية الا ان هناك قطاعات اخرى تضررت على غرار قطاع النسيج والجلد والاحذية، منظمة الاعراف لم تبذل جهدا كبيرا لانقاذهم والجامعة الوطنية للنسيج هددت بمغادرة المنظمة.

ماجول: اولا بالنسبة لقطاع النسيج والجلود وضعنا مخططات لانعاش القطاع. وفي ما يتعلق بمغادرة الجامعة الوطنية للنسيج، فهو تهديد كان لاهداف سياسية يمكن ان نتطرق اليها مرة اخرى، اذ ان الذين قاموا بهذا التهديد كانوا حاضرين خلال المؤتمر الاخير للمنظمة.

كيف للمنظمة ان تكون مسؤولة وهي التي كانت اول من طالب بحماية تونس من البلدان التي تغرق السوق على غرار تركيا. منذ سنة 2011 ارتفعت كل التكاليف لكن الصناعيين الذين خسروا طلبيات في النسيج ليس بسبب ارتفاع الكلفة بل بسبب انقطاع شبكة الخدمات اللوجستية واشكاليات ميناء رادس والتاخير على مستوى تزويد السوق الاوروبية. كما ان انحدار الدينار لم يساعد على تحسن الامور.

(وات): ماذا عن قطاع الجلود والاحذية؟

ماجول: وضعنا خطة انقاذ لكن لم يتم تطبيقها. وفي ما يخص قطاع النسيج، وفي عدد من الاختصاصات على غرار الحياكة لا يمكن القيام باي شيء لكن هناك كذلك اختصاصات اخرى شهدت انتعاشة. قطاع النسيج كان من اولويات مخططات التاهيل. نعرف اننا سنخسر عددا من الاختصاصات لكن ماذا يمكن ان نفعل امام المنافسة الصينية او التركية اين ينتفع قطاع النسيج بدعم من السلطات لذلك نحن ندعو لضبط حواجز تهدف الى مكافحة اغراق السوق.

اقتصادياتهم غير واضحة (تشغيل الاطفال، دعم عمومي، غياب سياسة اجتماعية..) في حين في تونس ومنذ زمن بعيد، لم نحقق اقتصادا بل سياسة بما ان اهتمام المسؤولين مرتكز على المواعيد الانتخابية. حسب رايي من يهتم بمسيرته السياسية يجب ان يغادر الحكومة.الشعبوية لا تسمح بتاسيس الانضباط . تونس في حالة افلاس ولا يحق لها ان تتوفر على مؤسسات عمومية متعاقدة مع الخسارة.

(وات): تعرفون جيدا موقف المنظمة الشغيلة بخصوص هذه المسالة، فبالنسبة لها المؤسسات العمومية خط احمر؟

ماجول: لو تم اعتبار المؤسسات العمومية كخط احمر فلا يجب اذن فرض اداءات لتعويض الخسائر، وانا ايضا لدي خطوط حمراء. هذه المؤسسات تبقى ملكا للدولة، ليس هناك اي مشكل بل نريد مؤسسة عمومية ناجحة لانه عندما تكون خاسرة فان المطالبين بالضريبة هم من يدفعونها بطريقة او باخرى. نحن لسنا مع الخصخصة باي ثمن خاصة عندما لا يحقق بيع الشركة الاهداف المرجوة لكن يجب على الاقل تطهيرها لانها تمثل مصدر صعوبات وضرائب للقطاع الخاص. تحدثنا في هذه المسالة مع المنظمة الشغيلة واعتقد ان موقفها في تطور بشان هذا الملف.

هل نحن راضون على ما يجري في شركة الخطوط الجوية التي تسجل تاخيرا في مواعيد الرحلات يصل الى 5 ساعات احيانا وهذا عائق امام سياحتنا والقطاع الخاص. المؤسسات العمومية يجب ان يكون اداؤها جيدا وتكون مفخرة. خسائر هذه المؤسسات هي خسائر للبلاد في حين ان الاستثمار العمومي وحده قادر على تحريك التنمية (طرقات، مستشفيات، مؤسسات جامعية..).

(وات): ستنطلق قريبا مفاوضات اجتماعية بين منظمة الاعراف والمنظمة الشغيلة، كيف ستتم معالجتها؟

ماجول: سنتقابل ونستمع لبعضنا ونحاول ان نتفهم بعضنا ونعمل على ان يكون كل طرف واع بوضعية شريكه. ساكون صريحا، عادة الزيادات في الاجور التي يقوم بها رؤساء المؤسسات تنعكس ايجابا على رقم معاملات هذه المؤسسات بما ان هذه الزيادات تدعم الاستهلاك. بصفة عامة نحن لسنا ضد الزيادات خاصة عندما تكون مبررة ومرفوقة بزيادة في الانتاجية وتحسن على مستوى الوضعية الاقتصادية للمؤسسة. لكن في حال تكون هذه الزيادة غير مبررة بتطور في الانتاجية وتهدد ديمومة الشركة وتتسبب في زيادة في التكاليف، فنحن نرفضها. الاجابة مرتبطة بوضعية كل قطاع. هناك قطاعات قادرة، واخرى غير قادرة. وفي هذه الحالة يجب ايجاد حل عبر الاجراءات الادارية او الجبائية. في تونس الضغط الاجتماعي والجبائي ثقيل والاجراءات المتخذة في اطار قانون المالية تمثل عبئا على المؤسسة.

(وات): صرحتم بان منظمة الاعراف لن تناقش مرة اخرى قانون المالية لسنة 2018، فكيف ستتعاملون مع هذا الامر؟

ماجول: قانون المالية دخل حيز النفاذ لكن على الحكومة اتخاذ اجراءات تعويضية. كل قطاع سيضبط جملة مشاغله. الاجراءات الجمركية ومعاليم الاستهلاك المفروضة في اطار قانون المالية لسنة 2018 يمكن ان تتسبب في تراجع رقم المعاملات وتعطي الاسبقية للقطاع الموازي. نامل في تغير الظرف الاقتصادي وتحسن قيمة الدينار لان تدهوره قد قضى على المؤسسة التونسية وخاصة منها المؤسسات التي تستورد موادها الاولية. خسر الدينار حوالي 30 بالمائة من قيمته. وهي خسارة تم تسجيلها بين عشية وضحاها.

(وات): منظمة الاعراف ليست مستقلة ماديا وهي تعول على التمويلات العمومية؟

ماجول: ولكنها اموالنا وهي مساهمة اجتماعية بنسبة 5ر0 بالمائة تدفعها المؤسسات منذ السبعينات وتقدر بحوالي 60 مليار سنويا ونحن نعتبر انفسنا مظلومين بشان هذه التمويلات التى تمنحها الدولة.

(وات): كيف ستتعامل المنظمة مع رجال الاعمال الذين يتزودون بالمواد الاولية وغيرها من السوق الموازية للتهرب من الاداءات؟

ماجول: قبل ان اقولها لرجال الاعمال ساقولها للمسؤولين اذا لم تجدوا الحل لمشكل الاقتصاد الموازي فان عدد الفاعلين الاقتصاديين المتجهين نحو الاقتصاد الموازي سيتنامى على اعتبار انهم يخضعون الى ضغط جبائي كبير. ورغم الحصة المرتفعة للاقتصاد الموازي (بين 50 و54 بالمائة من الاقتصاد التونسي) فان الدولة تواصل فرض اداءات على المؤسسات المنظمة. يجب ارساء مناخ يشجع على الممارسات المنظمة وليس معاقبة الفاعلين الملتزمين مثلما هو الحال الان.
يجب على الدولة ان تعطي المثل في مجال الحوكمة الرشيدة وليس وضع اصحاب المؤسسات تحت الضعط الجبائي لتغطية عجز المؤسسات العمومية. لقد قدمنا لها عدة مقترحات لمقاومة الاقتصاد الموازي من بينها تغيير الاوراق النقدية للتقليص من السيولة التى يتم تداولها في السوق خارج المنظومة البنكية.
كما اقترحنا اقرار نسب ديوانية غير مرتفعة تتعلق بكل منتوج يتاتى من الخارج ولاسيما المنتوجات التى نحن في حاجة اليها.
واذا ما تعمقنا في الامر سنجد ان الاقتصاد الموازي نفسه لديه كلفة تقدر بنسبة 16 بالمائة في شكل رشاوي وغيرها، اذن لماذا لا نخضع المنتوجات التى نحتاجها الى اداءات بنسبة 16 بالمائة للحد من التجارة الموازية.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.