نقابة الأمن الجمهوري في جلسة إستماع لها بالبرلمان:”أنفاق على الحدود وجواسيس أجانب ودعاة وأمنيون ساهموا في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر”


أفاد كاتب عام نقابة الأمن الجمهوري محمد علي الرزقي، بأنه تم الكشف مؤخرا من طرف أعوان الحرس الوطني، عن نفق يتجاوز طوله 70 كلم بين تونس وليبيا، تم تحضيره سابقا لدخول عناصر التنظيم الإرهابي “داعش” ومغادرة التونسيين إلى بؤر التوتر وربما العودة منه إلى أرض الوطن، على حد قوله.

وأكد الرزقي، خلال جلسة إستماع له أمام لجنة التحقيق البرلمانية حول شبكات التجنيد المتورطة في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التور، المنعقدة اليوم الاثنين في مجلس نواب الشعب بباردو، وجود أنفاق أخرى على الشريط الحدودي بين تونس وليبيا وتونس والجزائر.

وصرح بأن 400 جاسوس دخلوا التراب التونسي، خاصة خلال فترة حكم الترويكا (سنوات 2012 و2013 و2014)، بالإضافة إلى 72 داعية حلوا بتونس من بينهم 9 صادرة في شأنهم قرارات منع دخول تونس منذ عهد الرئيس الأسبق بورقيبة، مبينا أنه “تم سنة 2012 إتلاف جميع الوثائق التي بحوزة وزارة الداخلية، والمتعلقة بدخول أجانب إلى تونس وخاصة الممنوعين منهم”.

وتم خلال جلسة الاستماع، عرض فيديو قال بشأنه الرزقي، إنه يتضمن صورا وشهادات لأحداث ووقائع جدت بتونس في تلك الفترة، منها ما هو معروف لدى جميع التونسيين، ومنها ما تم اكتشافه بناء على معلومات أمنية دقيقية، تتعلق جميعها بظاهرتي الإرهاب والفساد اللتين سادتا البلاد وأضرت بالشعب التونسي، خاصة من خلال التغرير بالشباب التونسي للتوجه إلى بؤر التوتر، حسب تعبيره.

وأقر في هذا الصدد، بأن مسألة التسفير الى بؤر التوتر “فيها جوانب مظلمة جدا، وأن الموضوع قد تشعب كثيرا”، مؤكدا تورط بعض الأمنيين ومنهم إطارات في وزارة الداخلية في ما يسمى ب”الأمن الموازي” الذي ساهم في تسفير الشباب الى مناطق النزاع.

وبالعودة إلى قضية الجوسسة، بين الرزقي، أن مؤتمر أصدقاء سوريا الذي أنتظم في تونس سنة 2012، وقبله المسيرات والمظاهرات المساندة لفلسطين في يوم الأرض، إلى جانب إعراب عدد من الشبان التونسيين عن اعتزامهم الالتحاق بالأراضي الفلسطينية، مثل الضوء الأخضر لإمكانية مساندة تحركات الشعوب في عدد من البلدان أو القيام بثورات مشابهة.

وأضاف أن هذه الظروف مهدت الأرضية لدخول 400 جاسوس من بلدان عدة إلى تونس لحماية مصالحها، وفي مقدمتها جهاز الإستخبارات الإسرائيلي “الموساد” الذي قال “إنه دخل تونس لتحطيمها والتحكم فيها”، مبينا أن الجوسسة، قد إنطلقت من المعاهد والكليات بمحاولة رفع علم تنظيم “داعش” في كلية منوبة ثم الانطلاق في تجنيد الشباب من الطلبة.

واعتبر أن “أخطر ما حصل هو إختراق وزارة الداخلية، حيث تكونت النواة الأولى لتدريب الإرهابيين على استعمال السلاح في مطار تونس قرطاج، بعد أن تولت نخبة من أمنيي المطار هذه المهمة في منوبة ومنتزه النحلي وغابات وجبال سجنان.

وأوضح في هذا الصدد، أن عددا من الجمعيات تولت مهمة تجميع الشباب الراغب في التحول إلى أماكن القتال، على غرار جميعة “الأمل الخيرية” التي نشطت في مدينة رواد قبل حل نشاطها بنفسهاّ، والتي قال “إن الرئيس السابق لفرقة حماية الطائرات بمطار تونس قرطاج عبد الكريم العبيدي قام بتأسيسها”، مؤكدا أن هذه الجمعية “ساهمت في تسفير ما لا يقل عن 500 تونسي إلى بؤر التوتر”.

وحول إستهداف معبد الغريبة ومحاولة تفجيره سنة 2012، صرح كاتب عام نقابة الأمن الجمهوري، بأنه تم “التغرير بمجموعة من الطلبة لتنفيذ هذه العملية، وبعد القبض عليهم تم إطلاق سراح جميع المظنون فيهم دون إعلام النيابة العمومية”.

وأفاد في ما يتعلق بجوازات السفر المسلمة للإرهابيين، بأنه “تمت سرقة نسخة من المنظومة الخاصة بطبع الجوازات ومنظومة الحالة المدنية، وهي موجودة في عدة دول من بينها ليبيا، ومن خلالها يتم منح أو بيع جوازات سفر لمن يرغب في ذلك”، مؤكدا “تورط قيادات أمنية نافذة في هذه المسألة”.

وأكد الرزقي أن “كل اللجان التي أحدثت للتحقيق في مجمل هذه القضايا لم تنجح وتم إفشال مهامها”، مضيفا أن “نقابة الأمن الجمهوري قامت، قبل طلب الاستماع صلب اللجنة” برفع قضايا لدى القضاء في دخول الدعاة إلى تونس والأمن الموازي والجوازات وتسفير الشباب، فضلا عن قضية بخصوص نية استهداف معبد الغريبة سنة 2012، وقضية أخرى حول سرقة ازياء أمنية لاستعمالها عند عبور الحدود وتم حفظها”.

من جهته، أوضح الكاتب العام المساعد لنقابة الأمن الجمهوري حسين السعيدي، أن “النقابة واكبت كل الوقائع من 2012 إلى 2018 في علاقة بالعمليات الإرهابية ودخول الدعاة إلى تونس وتسفير الشباب والإيقافات والتواطؤات والفساد”، مشيرا إلى “أن المعلومات المعروضة أمام اللجنة، تستند إلى تقارير موجودة في وزارة الداخلية من خلال الإيقافات في صفوف الإرهابيين”.

وبين أن “هذه التقارير تؤكد النوايا في نشر الفكر المتطرف، والتحضير لخلق مناخ كامل لتغيير الدولة والمجتمع إلى ما يسمى بدولة الخلافة الإسلامية، وذلك من خلال إرساء أمن مواز وترويج أنشطة الدعاة والمتطرفين وتوافد الجواسيس، وبداية أعمال العنف والإرهاب لإدخال البلاد في فوضى”.

وانطلقت هذه الترتيبات وفق السعيدي، ب “حل هيكل أمن الدولة، وإحالة عدد من الكفاءات على التقاعد الوجوبي في وزارة الداخلية بطريقة تعسفية، وإرجاع معزولين إلى المؤسسة الأمنيية، وتعيين مسؤولين في مفاصل الدولة يعملون بالولاءات، إلى جانب إنتدابات وتدريبات مشبوهة في سجنان ومنوبة والقيروان على استعمال الأسلحة، بهدف ضرب الأمن في البلاد”.

وقال إن “أول نواة إرهابية وقع خلقها في اجتماع كان عقده الداعية محمد السوري في جزيرة جربة قبل أن يموت لاحقا في قطر، بالإضافة إلى توافد الجواسيس من عدة دول على غرار قطر وتركيا والإمارات وإسرائيل وفرنسا وغيرها، بهدف إفشال الثورة والانقلاب على الانتقال الديمقراطي، وخاصة منع تصدير الثورة إلى بلدان عربية، ثم محاولة إدخال البلاد في حالة من الاضطراب من خلال العملية الارهابية في الروحية التي اسشتهد فيها العقيد الطاهر العياري”.

وتمحورت تدخلات أعضاء اللجنة خلال جلسة الإستماع، حول التأكيد على خطورة المعلومات المقدمة من نقابة الأمن الجمهوري وضروة التثبت من صحتها، في ما اعتبر بعض النواب وخاصة من حركة النهضة أنه “من غير المقبول أن تمتلك جهة أمنية هذا الكم الهائل من المعلومات دون أن تتحرك طيلة هذه السنوات”، داعين إلى التأكد من كل ما تم تقديمه لهم مع وزير الداخلية.

ولاحظ نواب آخرون، أن جلسات الاستماع صلب اللجنة تحولت إلى فضاء لتبادل الاتهامات بين الأمنيين وتصفية الحسابات والمزايدات والتخوين لبعضهم البعض، بعيدا عن موضوع اهتمام اللجنة والمتعلق بالتحقيق في شبكات التجنيد المتورطة في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التور.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.