المنتخب التونسي يتاهب لمشاركة خامسة في المونديال … تحضيرات في مستوى الحدث وطموحات مشروعة لبلوغ الدور الثاني

يدخل المنتخب التونسي لكرة القدم نهائيات مونديال روسيا 2018 يحدوه عزم راسخ وامل وطيد في تحقيق انجاز غير مسبوق في تاريخه ببلوغ الدور الثاني لكن عليه ترجمة هذا الطموح المشروع بأداء استثنائي فوق الميدان عندما سيصطدم بالثلاثي المتبقي للمجموعة السابعة منتخبات انقلترا وبلجيكا وبنما.

ومنذ ضمان تاشيرة العبور الى المونديال، حرصت الجامعة التونسية لكرة القدم على توفير كافة مستلزمات النجاح لمنتخب “نسور قرطاج” من اجل ضمان مشاركة متميزة تقطع مع الوجه المحتشم خلال النهائيات الثلاث الماضية سنوات 1998 و2002 و2006 وذلك عبر برمجة سلسلة من التربصات والمقابلات الودية من اجل الاحتكاك بالمستوى العالي ورفع درجة جاهزية الفريق الى جانب استقدام بعض اللاعبين الناشطين في البطولات الاوروبية من ذوي الجنسية المزدوجة بحثا عن الاضافة الفنية والتكتيكية على غرار حارس المرمى معز حسان (شاتورو الفرنسي) والمدافع يوهان بن علوان (ليستر سيتي الانقليزي) ولاعب الارتكاز الياس السخيري (مونبيلييه الفرنسي) ومتوسط الميدان سيف الدين الخاوي (تروا الفرنسي).

وقد انطلقت الاستعدادات الجدية للعرس العالمي منذ شهر مارس الماضي باجراء اختبارين وديين امام ايران في رادس وكوستاريكا بمدينة نيس الفرنسية نجح خلالهما زملاء ياسين مرياح في تقديم اداء مقنع وتحقيق فوزين معنويين بهدف دون رد. وشكلت التجربتان التحضيريتان فرصة للمدرب نبيل معلول للوقوف على مدى تاقلم العناصر الجديدة الوافدة على المنتخب مع قناعاته التكتيكية وقدرتها على تطبيق تصوراته الفنية على ارض الملعب.
وقد جاءت الاجابة سريعة بعدما نجحت هذه العناصر رغم قصر فترة اندماجها في ترك بصمتها وتقديم حلول اضافية في مختلف المراكز. فالحارس معز حسن لعب بثبات وثقة كبيرة في النفس وتميز بتوجيهه الصحيح للساتر الدفاعي وردة فعله السريعة في الانفرادات وتعامله الجيد مع العرضيات الساقطة خلف المدافعين بينما منح الياس السخيري في خطة لاعب ارتكاز محوري اكثر توازنا على أداء الفريق بفضل قدرته على استرداد الكرة وفتح اللعب وبناء الهجمة من الخلف. كما اظهر يوهان بن علوان اندفاعا وصلابة في تدخلاته وقدرة على اللعب بالراس رغم بعض البطء في أدائه في حين ابان سيف الدين الخاوي عن مؤهلات محترمة في الاستحواذ على الكرة والتنشيط الهجومي.

وفي الوقت الذي كانت فيه الجهود منصبة على تعزيز قدرات المجموعة ومزيد اثراء الرصيد البشري، تلقى المنتخب التونسي ضربتين موجعتين بعد اصابة صانع العاب الدحيل القطري يوسف المساكني في الرباط الصليبي ومهاجم الترجي الرياضي طه ياسين الخنيسي بتمطط عضلي ليخرج هذا الثنائي المؤثر من دائرة حسابات المدرب نبيل معلول في حملة المونديال.

في الاثناء، واصل المنتخب التونسي تسلقه جدول الترتيب العالمي مستفيدا من نتائجه الايجابية ليرتقي لاول مرة في تاريخه الى المرتبة 14 في التصنيف الشهري للاتحاد الدولي لكرة القدم الخاص بشهر افريل 2018.

وبعد نزول الستار على الموسم الرياضي، استانف المنتخب التونسي في منتصف شهر ماي تحضيراته للمونديال بتجمع اعدادي بالعاصمة قبل السفر الى مدينة براغا لاجراء تربص خاطف تخللته مقابلة ودية يوم 28 ماي امام المنتخب البرتغالي – بطل أوروبا – في امتحان حقيقي باعتبار حجم المنافس المصنف الرابع عالميا وقيمة عناصره المحترفة في اقوى الاندية الاوروبية. واظهر الفريق خلال هذه المواجهة شخصية قوية مكنته من تحقيق “رومانتادا” بهدفين لكل من انيس البدري وفخر الدين بن يوسف وبدا واضحا اقتراب الجهاز الفني من ضبط سلم أولويات بين اللاعبين على مستوى التشكيلة الأساسية وتحديد القائمة النهائية التي يعتزم الاعتماد عليها في المونديال.

وجاءت المقابلة الودية امام المنتخب التركي يوم غرة جوان خلال تربص سويسرا لتفك نهائيا الغموض بعدما اعلن الناخب الوطني عن اسماء ال23 لاعبا الذين سيخوضون المونديال في قرار صعب استوجب الاستغناء عن 6 من زملائهم (معز بن شريفية وخليل شمام وبلال المحسني ومحمد وائل بالعربي وكريم العريبي واحمد العكايشي). وقدم المنتخب التونسي في هذه المباراة اداء طيبا وكان على مشارف تحقيق الانتصار لولا قبوله هدف التعادل في الدقيقة الاخيرة (2-2) من كرة ثابتة وخطإ فادح على مستوى التمركز نتيجة ضعف التركيز.

وبعيدا عن النتائج، مثلت المحطتان التحضيريتان في البرتغال وسويسرا اطارا ملائما لتشخيص مواطن الضعف وتقييم مستوى اللاعبين. وقد تمكن في هذا السياق متوسط الميدان الهجومي انيس البدري من تحقيق نقاط ثمينة في سباق تثبيت مكانه ضمن التشكيلة الأساسية بتسجيله هدفين رائعين مع تقديم أداء لافت ما قد يجعله الورقة الرابحة لنبيل المعلول في المونديال.

في تقييمه لسير هذه الاستعدادات، أعرب نبيل معلول في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء عن ارتياحه لظروف العمل واجواء التحضيرات التي سادت خلال تربصي البرتغال وسويسرا بما ساهم في تحقيق الأهداف المرسومة سواء على مستوى تقريب درجة جاهزية اللاعبين من الناحية البدنية في ظل التفاوت الحاصل بينهم في عدد لعب المباريات او على مستوى دعم عنصر الانسجام صلب الفريق واحكام تطبيق بعض التصورات الفنية والخطط التكتيكية المزمع انتهاجها في المونديال”.

وأضاف “اصبح المنتخب التونسي يعتمد أسلوب لعب واضح ومهيكل وفي المونديال لن نحيد عن الثوابت التي قمنا بارسائها طوال الفترة الماضية على مستوى الانتشار التكتيكي والاستحواذ على الكرة والتدرج بها بشكل سليم في بناء الهجمة وقد قمنا بتحديد قائمة ال23 لاعبا على ضوء هذه القناعات واستنادا للتكامل الوظيفي بين مختلف العناصر في جميع المراكز والخطوط… أتمنى ان تكون خياراتنا صائبة وتضمن النجاعة المطلوبة لاداء الفريق”.

وحرص الاطار الفني على استثمار الأيام الأخيرة من التحضيرات من اجل مزيد دعم عنصر الانسجام وتصحيح الأخطاء ومثلت المباراة الودية امام منتخب اسبانيا يوم 9 جوان بمدينة كراسنودار الروسية اخر اختبار قبل اقتحام المونديال ومنافسة كبار القوم. مواجهة قدم خلالها المنتخب وجها محترما يبعث على التفاؤل بعدما نجح في الصمود دفاعيا امام الماتادور الاسباني المدجج بكامل نجومه الهجومية التي سحقت ايطاليا 3-0 على طريق المونديال واذلت الارجنتين 6-1 وديا في حين يتعين تعزيز العمق الهجومي لخلق مزيد من الحلول وانجاح رهان التهديف. وينتظر ان تمنح عودة وهبي الخزري اضافة نوعية على مستوى الاستحواذ على الكرة وتنويع اليات التنشيط الهجومي بالنظر لقيمة اللاعب وقدرته على المراوحة في ادائه بين اللعب على الاطراف والتمركز كرأس حربة.

ومع نزول الستار على مختلف محطات المسار التحضيري، يكون العد التنازلي للمقابلة الافتتاحية امام العملاق الانقليزي قد انطلق فعليا على امل تحقيق نتيجة ايجابية تبقي على حظوظ المنتخب كاملة في سباق الترشح الى الدور الثاني.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.