تونس : بعد ثماني سنوات من الثورة،الحكومات المتعاقبة في تونس تعجز عن توفير آفاق للتشغيل

يثير استقرار معدل البطالة في تونس، في مستويات عالية، بعد مرور ثماني سنوات من الثورة القلق في أوساط الشباب العاطلين عن العمل في ظل وضع اجتماعي يشوبه “عجز سياسات الحكومات المتعاقبة عن توفير آفاق للتشغيل”، وفق ما أشار اليه الأستاذ الجامعي في الاقتصاد منجي السماعلي.

وتشير الأرقام الرسمية، الى أن البطالة في تونس ارتفعت الى 5ر15 بالمائة بعد أن كان معدلها في حدود 13 بالمائة خلال سنة 2010 قبل أن يتفاقم الى المستويات الحالية، وهي حصيلة اعتبر السماعلي أنها “ازدادت سوءا”، مشيرا الى أن ارتفاع البطالة في أوساط الشباب يترافق مع تفاوت توزيعها حسب الجهات حيث تسجل المناطق الداخلية أعلى معدلاتها بالمقارنة مع باقي الجهات.

واعتبر في تحليله الاثنين ل-(وات)، أن غياب الآفاق في المناطق الداخلية أدى الى زيادة البطالة طيلة السنوات الأخيرة، ملاحظا أن امتصاص البطالة لا يمكن أن يتم الا بالتعويل على الاستثمار الخاص رغم تخلفه عن أداء دوره في وقت توفر فيه الحكومة تحفيزات سخية لجذبه الى هذه المناطق.

وأضاف” لم يساهم الاستثمار الخاص في توفير مواطن الشغل وخلق الثروة بالجهات الداخلية مقابل تعاظم أنشطة الاقتصاد الموازي والهجرة غير النظامية اللذان استقطبا نسبة هامة من الشباب”، منبها مما أسماه ب”الخطر الكامن المتمثل في غياب الآفاق والأمل”.

وقال” تناهز البطالة في أوساط حاملي الشهائد العليا حوالي 29 بالمائة ما يؤدي الى خلق وضعية من الاحباط في صفوف الشباب المتخرجين “، مشددا على أن غياب الرؤية وانعدام الحلول الرامية الى دفع التشغيل تركا الانطباع لدى الشباب باهتزاز الثقة في المستقبل.

واشار السماعلي الى أن الحكومات المتعاقبة لم تركز على حل العقبات الأساسية للتشغيل، لافتا الى أنه لم يتم الاشتغال على خلق مناخ متكافئ للاستثمار الخاص، وأن الفرص غير متكافئة بين المستثمرين ذلك أن بعض اللوبيات تجني مكاسب من الاستثمار على حساب غيرهم من المستثمرين.

وأكد الخبير، ضرورة رفع القيود الادارية وتسريع الاجراءات أمام الشباب من الراغبين في بعث المشاريع، مشيرا الى أن اصحاب أفكار المشاريع من هؤلاء الشباب يرتطمون بحواجز في التمويل وأغلبهم لا ينطلقون في الانجاز جراء عدم تمكينهم من التمويل.

ورأى أن تغليب الصراعات السياسية عن الأولويات الاقتصادية والاجتماعية كان له انعكاس سلبي على عدم استقطاب الاستثمار الأجنبي خصوصا وأن عدم الاستقرار من الناحية السياسية لم يساهم في بلورة رؤية واضحة لامتصاص البطالة في تونس.

من جهته، وصف وزير التشغيل السابق فوزي عبد الرحمان، نسبة البطالة في تونس ب”العالية”، مؤكدا، أن امتصاصها يتطلب الترفيع في نسبة الاستثمار من الناتج الداخلي الخام للبلاد من 19 بالمائة حاليا الى 30 بالمائة بعد أن كانت هذه الأخيرة في حدود 20 بالمائة خلال سنة 2010”

وتعول الحكومة حسب عبد الرحمان، على السياسات النشيطة للتشغيل لمواجهة الطلبات الاضافية للتشغيل المقدرة حاليا ب55 ألفا وهي آلية ظرفية لتوفير مواطن شغل في وقت لا تتجاوز فيه عدد الفرص التي يوفرها الاقتصاد في تونس 42 ألف موطن شغل ما يؤدي الى تسجيل نقص ب 13 ألف طلب.

واعتبر، ان الاستثمار الخاص يبقى المحرك الأساسي للتشغيل لكنه لم يسترجع حتى الآن مردوده العادي، مشيرا الى أن استقرار نسبة البطالة خلال سنوات ما بعد الثورة يرجع بالأساس الى توظيف حوالي 110 ألف عون في الوظيفة العمومية.

وأوضح أن تسجيل الاستقرار المذكور تزامن مع خسارة عشرات الآلاف من مواطن الشغل في قطاعات من بينها السياحة والفلاحة، مشددا على أن الوظيفة العمومية مثلت على مدى سنوات بعد الثورة وعاء لضمان الاستقرار في نسبة البطالة.

وأشار، الى أن السياسات النشيطة لا تشكل حلا جذريا للبطالة وأن الاستثمار الخاص بامكانه توفير الحلول لها، معتبرا أن البطالة تعكس اختلال السياسات العمومية في ميادين التربية والتنمية الجهوية.

وأكد الوزير السابق، ضرورة تفعيل اصلاح عميق في المنظومة التربوية لضمان تلاؤم التكوين الجامعي مع متطلبات سوق الشغل حتى يكون خريجو الجامعات قادرين على النفاذ الى فرص الشغل.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.