ما بعد كورونا: أي دروس نستخلصها؟..توصيات الخبراء والفاعلين..

بقدر ما حمله فيروس كورونا من تهديد مباشر لحياة البشرية جمعاء بقدر ما قدم معه دروسا وعبرا عديدة على اعتبار أن هذا الوباء مثل نقطة مفصلية وفارقة جعل الجميع يتحدث عن ما قبل وما بعد “الكورونا”.

فيروس “كورونا “زعزع الصورة النمطية للعالم ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا , فيروس عصف بالاديولوجيات وفتت التناقضات وكشف العيوب. وبعيدا عن أرقام ضحايا و مصابي هذا الوباء فإن النتائج التى سيتركها وخيمة على الإنسانية برمتها,غير أن هذا الوباء كشف واقعا مريرا لا بد من أن تداركه الطبقة السياسية وصناع القرار والمنظمات الوطنية والجمعيات رسائله على اعتبار أن هذه الفترة بمثابة فترة نقاهة أو استراحة محارب لإدراك الأخطاء و البناء من جديد على المكتسبات .

“الكورونا” والمد التضامني

هي دروس نستخلصها من فيروس عرى أخلاق البعض الذين ظنوا أن الحلول الفردية هي الأسلم لمجابهة كورونا عبر اللهفة على المواد الغذائية واحتكار البعض و الزيادة في الأسعار لكن أيضا أبرز قيمة التضامن الاجتماعي للانتصار على المصاعب أولى الدروس كانت من قبل حكومة الفخفاخ الذي اختار العنصر البشري وحياة التونسيين على حساب الوضع الاقتصادي الهش هذا التفاعل لقي صدى واسعا في صفوف الجمعيات و المواطنين الذين سارعوا لدعم المنظومة الصحية ولم يقتصر هذا المد التضامني في التبرعات المادية بل تجاوز ذلك عبر مساهمات من قبل طلبة مهندسين لتفادي النقص الحاصل في المستشفيات العمومية تمثل في صناعة واق يوضع على الوجه خاص للممرضين والإطارات الطبية إلى صناعة أسرة إنعاش مجهزة بقوارير أكسيجان محلية الصنع وهي عبارة على غرف إنعاش للمصاب بفيروس كورونا . فيروس كورونا فتح مجالا أخر للإبداع التونسي مؤسسات صغيرة في الخياطة في عدد من الولايات أخذت على عاتقها مسؤولية تزويد المستشفيات الداخلية بكمامات من صنع حرائر تونسيات دروس تأتي من واقع معيشي مرير ترجمه تضامن واسع النطاق لمحاربة هذا الوباء .

تغيرات ستحصل و الإنسانية غير جاهزة للتصدي لمثل هذه المصاعب

فيروس كورنا طرح هشاشة التضامن الإنساني بين شعوب العالم حيث بين محمد علي البوغديري الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل أن هذا الفيروس أثبت ضعف المنظومة الصحية في أكثر الدول تقدما ,وفشل نظام الليبرالي موضحا أن الاتحاد الأوربي أغلق حدوده مع ايطاليا ولم يسعى لمساعدتها في حين أن الأخيرة تلقت مساعدة من كوبا وروسيا و الصين ليضيف محدثنا أن الوقت حان لمراجعات شاملة بما أن الإنسانية أصبحت مهددة وهي غير جاهزة للتصدي لمثل هذه الأوبئة. وطالب البوغديري بصياغة مدونة علاقات وسلوك جديدة على مستوى الإنسانية جمعاء وأن تعد العدة لمعارك مستقبلية أخطر من هذا النوع .أما على مستوى وطني اعتبر البوغديري إن فيروس كورونا كشف الحاجة الماسة والضرورية للمحافظة على المؤسسات العمومية وعلى رأسها قطاع الصحة التى أكدت جدواها رغم المشاكل التى عانتها هذه المنظومة منذ سنوات.

كما دعا البوغديري الحكومة الى أخذ إجراءات استثنائية لفائدة التجار الصغار و المهنيين بسب عدم استخلاص الديون و الشيكات دون رصيد بما أن الحلقة الإنتجاية تعطلت وأصبح الكثيرون منهم مهددين بالسجن.

التأخر التكنولوجي يكلف خسارة بنقطتين في النمو

من جانبه أفاد هشام اللومي نائب رئيس منظمة الأعراف أن انعكاسات هذا الوباء وتداعياته على المؤسسات الاقتصادية ستكون كارثية على مستوى الدولي و المحلي , مشيرا إلى أن تونس كانت في وضعية مالية واقتصادية حرجة قبل فيروس كورونا ليزيد الوضع تأزما بعد الركود الإجباري الذي تسبب فيه. ولئن كان شعار هذه المرحلة صحة المواطن باعتباره رأس المال قبل كل شيء إلا أن التفكير في الحفاظ على مواطن الشغل أضحى تحد جديد أمام مختلف المعنيين حيث طالب اللومي الحكومة بالإسراع في تنفيذ الإجراءات المتخذة وتفعيل صناديق الاستثمار لامتصاص البطالة الفنية والمحافظة على مواطن الشغل ومساعدة الحرفيين والمهنيين لمواجهة الإشكاليات و أولها خلاص العملة و الموظفين.

وأضاف اللومي أن غلق الحدود البرية و البحرية ساهم في صعوبة التوريد والتوزيع وكلها انعكاسات وجب تداركها في المستقبل. كما أشار اللومي إلى أن منظمة الأعراف لديها خطة لتسهيل العمل عن بعد ورقمنة الإدارة وهي تناقش التسريع في هذه الإجراءات مع وزارة الاقتصاد الرقمي.

وضعية جعلت الشركات والمؤسسات والإدارات مطالبة بوضع خطة عمل قصيرة ومتوسطة المدى في مجال الانتقال الرقمي ترتكز على القدرة على التكيف ودمج التكنولوجيات الجديدة قصد ضمان النجاح على المدى الطويل، وذلك بالاستعانة بخبراء في المجال.

وبسبب التأخر المسجل في هذا المجال أكد رئيس هيئة الخبراء المحاسبين بتونس، صلاح الدين الزحاف، خلال ندوة صحفية عقدتها الهيئة خلال شهر فيفري الفارط لتقديم الدورة 33 للمؤتمر الدولي للهيئة إن تأخر تونس (القطاعين العام والخاص) في مجال التقدم التكنولوجي يكلفها خسارة بنقطتين في النمو مشيرا إلى أن التأخير التكنولوجي المسجل في قطاع المالية والأعمال يقدر بنحو 20 سنة..

في نفس السياق أكد عز الدين سعيداني الخبير الاقتصادي أن فيروس كورونا قدم ثلاثة عبر رئيسية أولها هو التأخر الحاصل في ميدان التكنولوجيات و الرقمنة و العمل عن بعد ما نتج عنه غياب بيانات مضبوطة لعدد العائلات المتضررة و التي تستحق المساعدات أو الأكثر فقرا.كما طالب سعيداني بضرورة إدخال الاقتصاد الموازي في المنظومة الاقتصادية مشيرا إلى أن الاقتصاد الموازي يستفحل أكثر إبان الأزمات وأصبح يهدد وجود وديمومة الاقتصاد الوطني.

وعرج سعيداني على الدور الأساسي التي تلعبه المؤسسات العمومية في وقت الأزمات والتي باتت مهددة بالإفلاس بسب التقصير و الإهمال وغياب الخطط و الاستراتيجيات للإنقاذ.

والمؤكد أن تونس بعد الوباء لن تكون تونس قبله فالتحديات أصبحت أكثر وأكبر و المجموعة الوطنية أضحت مطالبة للعمل مع بعضها للتغلب على المصاعب و البحث عن آليات التمويل و شركاء جدد وتنويع الشراكات مع ضرورة تشجيع على الاستثمار الداخلي و التعويل على الذات والرأس المال البشري ونكران الذات والاستفادة من محنة فيروس كورونا واستيعاب الدرس.

 

الصحفي اسكندر العلواني

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.