سرعة انتشار وباء كورونا في شهر سبتمبر المنقضي أظهر ضعف التنظيم واالاستعداد لمجابهة الموجة الثانية

أوضح الطبيب المختص في الصحة العمومية، عبد الوهاب العباسي، اليوم السبت، أن سرعة انتشار وباء كورونا، خاصة، خلال شهر سبتمبر المنقضي، كشفت محدودية في التنظيم والاستعداد لمواجهة هذه الازمة الصحية، مستدركا أن “الموجة الثانية كانت منتظرة لكنها فاجأتنا”.
وأضاف، خلال انعقاد المؤتمر السنوي الـ24 للجنة الاخلاقيات الطبية المنتظم افتراضيا، أن مواصلة الحذر واليقظة خلال فترة الاستقرار التي سجلت بين جوان وأوت 2020، كانت صعبة ما ساهم في ظهور موجة ثانية لانتشار الفيروس صعبة مقارنة بمستوى استعداد المنظومة الصحية لذلك مشيرا إلى أن “مسالك كوفيد بالمؤسسات الصحية العمومية وقع تركيزها متأخرا”.
واعتبر أن منظومة الصحة العمومية لم تستعد جيدا للموجة الثانية ولم يتم في إطارها إعداد مخططات بيضاء لاسيتعاب تدفقات مرضى كوفيد في المستشفيات العمومية لافتا إلى تهميش مؤسسات الخط الأول رغم قدراتها على تغطية مختلف الجهات جغرافيا.
وذكّر في ذات السياق أن التصرف في انتشار وباء كورونا أظهر تداعيات سلبية هامة على عديد المستويات ومنها استمرار الخدمات العلاجية، والانعكاسات على الصحة النفسية ( الأرق والعنف .. ) والانقطاع الدراسي المطول الضار، وتفقير الأسر غير المتمتعة بمنح أو دخل قار، والمحافظة على حياة الفئات الهشة وارتفاع نسبة البطالة فضلا عن تفاقم الفوارق وتدهور الناتج القومي الخام.
من جهتها، اعتبرت الاخصائية النفسية بمستشفى الرازي للأمراض النفسية والعصبية، ريم غشام، أن الحجر الصحي الشامل فرض إعادة تنظيم المجتمع، على غرار فرض عزل الأشخاص والتباعد الجسدي وانقلاب الأدوار داخل الأسر واضطرابات التصرف في الزمان والمكان مبينة أن هذا الوضع نتج عنه، خلال الشهر الموالي للحجر الصحي الشامل، ارتفاعا بنسبة 58 بالمائة في عدد المرضى الذين تستوجب حالاتهم الإيواء بالمستشفيات المختصة في الأمراض النفسية وتضاعفت هذه النسبة عند الرجال تحديدا.
وقد تم، حسب غشام، إيواء 55 حالة بمستشفى الرازي خلال شهر ماي 2020، منها 28 عملية إيواء جديدة ( 37 إعادة إدماج مرضى سابقين)، موضحة أن 50 بالمائة من الجالات التي تم الاحتفاظ بها في المستشفى كانت بسبب العدوانية المتنوعة لدى المعني بالأمر و17 بالمائة بسبب الاندفاعية غير المدروسة.
واستخلصت أن الاضطرابات النفسية، خلال فترة الجائحة، يمكن أن تكون حادة ومعيقة، وهي تتراوح بين حالات التوتر ما بعد الصدمة في العائلات التي سجلت حالات إصابة بكوفيد 19، والقلق بمختلف أشكاله والاكتئاب عند المرضى القدامى والتخفيف من الضغط النفسي على المرضى بسبب صعوبة الحصول على الأدوية.
من ناحيتها، أفادت عضو اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا، جليلة بن خليل، أن اللجنة وجدت نفسها أمام مأزق أخلاقي في ما يتعلق بالقرارات والإجراءات المتخذة لمجابهة الجائحة وحرصت منذ البداية، على تحقيق التوازن بين الإجراءات الوقائية والحجر الصحي الشامل ومبادىء الاخلاقيات الأساسية على غرار الأعمال الخيرية واحترام الكرامة والعدالة والحق في الحياة وفي الولوج للخدمات الصحية وحق الاستقلالية الشخصية لكل مواطن وكذلك الحق في الحصول على المعلومة.
وأوضحت أن الاجراءات المتخذة كانت حتمية على اعتبار ما تطلبه توزيع المساعدات الخيرية المنتظرة والحذر المستوجب الذي تم اعتماده من قبل السلطات الصحية لحماية المواطنين، وكانت لها انعكاسات اجتماعية واقتصادية هامة على بعض الفئات الهشة لافتة إلى الانقطاع عن بعض الهياكل المعتادة للدعم والإحاطة وخطر التخفيض من تحميل المسؤولية للشخص في قرارته الصحية وفي حياته الاجتماعية استوجب منذ بداية الجائحة العمل على حل الصراعات الأخلاقية بين احترام التعويل على الذات واستقلاقية الآخر.
وبحسب بن خليل، فإن الاشكال يكمن في صعوبة تطبيق هذه الاجراءات في توازن مع الحريات والحقوق الأساسية، وهو مرتبط في هذه المرحلة وفق تقديرها، بالعدالة في التنظيم والتخطيط خاصة على مستوى الخدمات على تحقيق المساواة في التنظيم وفي اسناد الخدمات الصحية خاصة على مستوى أسرة العلاج المكثف وأجهزة التنفس الاصطناعي والحصول على التلقيح المحتمل.
وبينت عضو اللجنة العلمية كذلك، خلال مداخلتها في اللقاء الافتراضي، أن التصرف في الرصيد البشري الذي تمت تعبئته للتعامل مع هذه الجائحة كان من بين الرهانات التي فرضت على قطاع الصحة موضحة أنه كان يفترض العمل على عدم انهاك الفاعلين الأساسيين، وضمان التكفل بهم نفسيا وضمان تمكينهم من وسائل الوقاية وتدريبهم على استعمال التجهيزات الضرورية.أم

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.