وزير التربية: مشروع المجلس الأعلى للتربية جاهز وسيعرض قريبا على مجلس الوزراء قبل احالته الى البرلمان


اعلن وزير التربية، محمد علي البوغديري، ان مشروع احداث المجلس الاعلى للتربية جاهز بكل نصوصه وتركيبته وسيعرض قريبا على مجلس الوزاراء قبل احالته الى مجلس نواب الشعب.

وشدّد الوزير، في حوار خص به وكالة تونس افريقيا للانباء، على أن اصلاح التعليم يمثل أولوية في أجندة عمل رئيس الجمهورية قيس سعيد وكذلك الحكومة، مؤكدا حرصه، منذ توليه مقاليد الوزارة، على اعادة احياء الحوار الاجتماعي بين وزارة التربية ونقابات التعليم.

واعتبر البوغديري، الذي كان قد تقلّد في مسيرته المهنية، صفة الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل، أن “تجربته النقابية التي تمتد على 25 سنة، ستساعده في تقديم المنفعة من أجل خدمة شؤون الوزارة”، مشيرا الى ان اختلاف وجهات النظر داخل اتحاد الشغل يبقى أمرا طبيعيا.

وفي ما يلي كامل الحوار:

سؤال 1: رئيس الجمهورية كان قد تعهّد باحداث مجلس أعلى للتربية وضمنه في دستور 25 جويلية 2022، أين وصل هذا المشروع ؟

ج: انتهينا تقريبا من وضع كل القوانين والنصوص المنظمة للمجلس الاعلى للتربية، الذي سيعتمد على الخبراء في التربية والتعليم، كما تم تحديد تركيبته وهو تقريبا جاهز الا من بعض التعديلات البسيطة، وسيناقش داخل مجلس وزاري باشراف رئيس الجمهورية للمصادقة عليه وعرضه إثر ذلك على مجلس نواب الشعب الجديد حتى يكون هذا المشروع متبنيا من البرلمان لأن الشأن التعليمي يتطلب مشاركة أوسع لمختلف فئات الشعب.

المجلس الاعلى للتربية هو مشروع سيادي واصلاحي يفرض مشاركة الجميع وخاصة نواب الشعب الذين نعوّل على أن يكونوا طرفا فاعلا في الاصلاح التربوي.

سؤال 2: تحدث رئيس الدولة، لدى استقبالكم مؤخرا بقصر قرطاج، عن الاصلاح التربوي، فما هي ملامح هذا الاصلاح؟

ج: إن لجان الاصلاح التربوي تشتغل على مستوى الابتدائي والاعدادي والثانوي، وتتواصل في ما بينها حتى تكون برامج الاصلاح متناسقة بين مختلف المراحل التعليمية على مستوى البرامج وطرق التقييم وكذلك الزمن المدرسي الذي بات مكتظا بالبرامج والحصص بما يثقل كاهل التلميذ ويرهقه ويجعله لا يجد وقتا للقيام بأنشطة ثقافية ورياضية. علينا الاخذ بعين الاعتبار هذا المعطى في عملية الاصلاح التربوي.

وبالنسبة للتقييم، لا بد من الاشارة الى ان امتحان الباكالوريا هو التقييم الوحيد الذي يجتازه التلميذ وهو تقييم متأخر بعض الشيء. نرغب في أن تكون عملية التقييم مبكّرة تمكن التلميذ من اختيار التوجيه حسب قدراته، وتجيز له اما المواصلة في المسار الدراسي العادي أو أن يختار بنفسه التوجه الى مدارس المهن او التكوين المهني المرتبط بدوره بالتعليم بما يمكن من توفير يد عاملة ذات كفاءة عالية تلبي الاحتياجات المحلية وكذلك تصدير الكفاءات من العمال التونسيين الى الخارج مع ضمان ارتباطهم بتونس.

فرئيس الجمهورية قيس سعيد يتابع بصفة دائمة، قطاع التربية والتعليم العالي ويعي جيدا، أن النهوض بالمجتمع لا يمكن أن يكون الا عبر بوابة التعليم، كما أن تحقيق التقدم الاقتصادي يرتكز على الاستثمار في رأس المال البشري من خلال اصلاح أوضاع التربية والتعليم.

سؤال 3: تجارب تونس في مجال الاصلاح التربوي متعددة ويرجع تاريخها الى فجر الاستقلال، ما الذي أعاق عملية الاصلاح التربوي بعد الثورة؟

ج: هناك تجارب منذ عدة سنوات للاصلاح لكنها لم تنجح بسبب غياب المتابعة لعملية الاصلاح التربوي.

فمنذ الاستقلال وضعت تونس أول برنامج للتربية مع تولي الوزير الأسبق الأديب والفيلسوف الراحل محمود المسعدي (1958 – 1968)، الذي أعدّ “الاصلاح التربوي لسنة 1958” وكان المسعدي أول من تقلّد صفة الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل ثم عيّن وزيرا للتربية لعشر سنوات كاملة ورفع شعار حينها “فوق كل ربوة مدرسة وأمام كل مدرسة مصنع” ، ويقصد بالشعار، أن كل متعلّم سيحظى بموقعه في العمل فور تخرّجه.

وكانت ثمة خطّة في الستينات لدعم التربية والتعليم وأكبر مثال على ذلك ان الطالب في الجامعة كان يحظى خلال الستينات بمنحة جامعية مقدراها يتجاوز أجر المعلّم، وتصل قيمتها 30 دينارا. وكان المدرّس يحظى بدور اجتماعي مرموق ذلك أن القدرة الشرائية للمدرسين تعتبر حينها عالية، خلافا لواقعنا الحالي الذي يشهد اهتراء الوضعية المادية للأساتذة والمعلّمين.

سؤال 4: اعلنت النقابات التابعة لاتحاد الشغل عن تمسكها بقرارها حجب الاعداد، فما هي خطة الوزارة لحل هذا الإشكال؟

ج: لا بد من التأكيد على أهمية الحوار الاجتماعي بين نقابات التعليم ووزارة التربية، وقد قمت منذ ان توليت مهامي على راس الوزارة باعادة احياء الحوار الاجتماعي بين الطرفين.
إن الحوار الاجتماعي ضرورة ملحة وهو الحافز الذي سيمكن من بلوغ الحلول الكفيلة بمعالجة كل اشكاليات التعليم، نعوّل على الحوار والثقة المتبادلة في ضمان استمرارية العملية التربوية.

نحن واثقون في التوصّل الى اتفاقات مع جامعتي التعليم الأساسي والثانوي، ولدينا ثقة متبادلة تمثل مفتاح الوصول الى حلول ترتقي وتستجيب الى الحدّ المقبول من مطالب المدرسين، وسيقع بلوغ اتفاق في أقرب الآجال لتجنيب التلاميذ كل ارتباك في التعليم والامتحانات.

ولا بد من التاكيد ان الطرفين الحكومي والنقابي سيتجاوزان كل ما يخص الجانب المادي بغاية التركيز على العمل التشاركي في كل ما يهم بالشأن التربوي.

إن تجربتي النقابية، التي تمتد على 25 سنة، ستساعدني في تقديم المنفعة من أجل خدمة شؤون الوزارة.

وانا لم اتدخل ولا اريد التدخل في الشؤون الداخلية لاتحاد الشغل منذ خروجي منه في مؤتمر صفاقس (من 16 الى 18 فيفري 2022)، لكني وجهّت منذ تسلمي لمهامي على رأس الوزارة دعوات لنقابات التعليم من أجل الحوار على أساس من الثقة المتبادلة.

أنا ابن اتحاد الشغل وأنا مدين لمنظمتي واختلاف وجهات النظر داخل الاتحاد أمر طبيعي.

سؤال 5: امام شحّ الامكانيات المالية كيف تقوم وزارة التربية بتعبئة الموارد المالية لتمويل مشاريع تحسين البنية التحتية للمنظومة التربوية؟

ج: بالفعل تمويل هذه المشاريع يتطلب اعتمادات كبيرة، وهامش التحرك ضعيف جدا في ميزانية الوزارة، التي تقدر ب7500 مليون دينار ويخصص 90 بالمائة منها للأجور. لكن الدولة لها خطوط تمويل اخرى عبر صناديق التمويل الدولي التي تمنح قروضا بنسب فائدة ميسرة تناهز 3 بالمائة مع جزء بسيط يتأتى من الهبات ومن أهم أطراف التمويل التي تتعاون معها في تنفيذ المشاريع، بالاضافة الى 4 بنوك وهي كل من البنك العربي للتعمير والبنك الكويتي والبنك الدولي للانشاء والتعمير والبنك الافريقي للتنمية.

ولا بد من التطرق في هذا الخصوص الى رقمنة المنظومة التربوية، فقد اطلقنا مؤخرا بالشراكة مع وزارة تكنولوجيات الاتصال مشروعا جديدا لتعميم ربط المؤسسات التربوية بالتدفق العالي للانترنات بكلفة مالية تناهز 132 مليون دينار. وسيمكن المشروع من ربط اكثر من 3 الاف مؤسسة تربوية بالتدفق العالي للأنترنات.

الجيل الجديد من المتعلّمين يملك قدرة كبيرة على استخدام التقنيات الرقمية والمدراس يجب أن تواكب نسق التطور الرقمي، ولا يقتصر الأمر على المدن بل ان المنظومة التربوية معنية في الوسط الريفي بادماج المتعلّمين في آليات التعليم العصري. كما أن استمرارية التعلم في زمن الجوائح يفرض تعميم استخدام منظومة أكثر نجاعة ذلك أن المتغيرات تتطلب أن تكون العملية التربوية متواصلة في ظل المتغيّرات خصوصا بعد جائحة كورونا التي استمرت لنحو عامين، فضلا عن أن التعلّم عبر الأنترنات يمثل ضمانة لمبدأ تكافؤ الفرض بين التلاميذ سواء أكانوا في المدن أو الأرياف.

نفس البرامج التربوية والتجارب العلمية ستكون موجودة على وسائط علمية بالأنترنات والمؤسسات التربوية ستسترجع جاذبيتها بما يعفي التلاميذ من وزر حمل أثقال من الكتب المدرسية.

سؤال 6: ماهي أهم المشاريع الجديدة في مجال البنية التحتية للمؤسسات التربوية ؟

ج: في اطار الاعداد للعودة المدرسية ولاعتبار اهميتها بقدر الإمتحانات الوطنية، انطلق تنفيذ مشاريع جديدة ويتواصل انجاز مشاريع أخرى في مجال الصيانة والبناءات. لدينا اكثر من 5 الاف مشروع يتم انجازها في جميع المدارس والاعداديات والمعاهد.

وتعد تونس نحو 6 الاف مؤسسة تربوية بين الاساسي والاعدادي والثانوي، وبكل مؤسسة توجد أشغال صيانة، سواء بالنسبة لاعادة تهيئة القاعات او تبليط الساحات.

كما نقوم حاليا ببناء 450 قاعة جديدة بالعديد من المدارس وخاصة بالارياف بهدف استقبال التلاميذ بين 5 و6 سنوات في اطار تعميم السنة التحضيرية في المدارس استنادا الى ان الدراسات العلمية تؤكد ان التلاميذ في ذلك العمر لهم قابلية عالية جدا للتعلم والمعرفة فضلا عن أن نسبة كبيرة ممن يتلقون التعليم التحضيري يتمون دراستهم ولهم امكانيات أعلى للتفوق دراسيا.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.