قضاة يطالبون “برفع المظلمة عن زملائهم المعفيين وتحرير القضاء من هيمنة السلطة التنفيذية”

طالب عدد من القضاة خلال وقفة احتجاجية اليوم الخميس أمام المحكمة الابتدائية بتونس بباب بنات برفع ما وصفوه بال”المظلمة” التي تعرض لها قضاة تم إعفاؤهم بموجب مرسوم رئاسي صادر في غرة جوان 2022 ، داعين إلى “تحرير القضاء من هيمنة السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية ووزيرة العدل”، حسب تقديرهم.

ورفع المشاركون في هذه الوقفة التي دعت إليها جمعية القضاة التونسيين وهيئة الدفاع عن القضاة المعفيين، بمناسبة مرور سنة على ما وصفوه ب”مجزرة الإعفاءات التي طالت 57 قاضيا”، شعارات ضد التدخل في السلطة القضائية من السلطة التنفيذية ، من بينها “قضاء الحريات لا قضاء التعليمات”، و”سلطة قضائية لا إعفاء لا عبودية”، مطالبين بإسقاط ما وصفوه ب “مراسيم ضرب الفصل بين السلط”.

واعتبر رئيس جمعية القضاة أنس حمايدي أن اليوم ” يمثل يوما أسود في تاريخ القضاء التونسي لأنه يقترن بالإعفاءات الظالمة التي صدرت يوم 1 جوان 2022″ والتي قال “إنها لم تكن مبنية على ملفات حقيقية”، مذكرا بـأن المحكمة الإدارية قد “أنصفت 49 قاضيا من بين 57 قاضيا معفيا وأصدرت في 9 أوت 2022 أحكاما لإيقاف تنفيذ قرارات الإعفاء، إلا أن وزارة العدل ترفض تنفيذ هذه الأحكام والتي قال “إنها غير قابل لأي وجه من أوجه الطعن”

وأشار إلى مرور سنة كاملة تعرض فيها هؤلاء القضاة إلى التجويع، سنة دون أجر ودون تغطية اجتماعية إلى جانب وضعياتهم النفسية والاجتماعية والعائلية والمهنية “الكارثية”، وفق توصيفه، والتي “شهدت عليها المقررة الخاصة للأمم المتحدة ورئيس الاتحاد العالمي للقضاة وكل المؤسسات العالمية المعنية بالدفاع على استقلالية القضاة”.

وجدد الدعوة لرئيس الجمهورية ليأذن بتنفيذ أحكام المحكمة الإدارية لإيقاف تنفيذ قرارات الإعفاء، مشددا على أن القضاة الذين ارتكبوا جرائم أو الذين ينسب لهم أي نوع من أنواع الانتهاكات أو الذين لم يحترموا مبادئ القضاء المستقل، يخضعون للقانون مثل كل المواطنين ومن الواجب اعتماد الطرق والإجراءات المشروعة لتتبعهم والتي تضمن لهم حق الدفاع ومبادئ المحاكمة العادلة وتكون محاسبتهم وفق الآليات القانونية.

وقال إن “هذه الأزمة القضائية امتدت لسنة كاملة ولا يمكن أن نقبل باستمرار هذا الوضع، لأنه يؤثر بدرجة أولى على المتقاضين”، معتبرا أن القضاة المباشرين “يعملون اليوم تحت الضغط والقصف وسيف الإعفاءات والتعيينات المباشرة لوزيرة العدل” وأن “هناك العديد من الانتهاكات ضد إعلاميين وسياسيين دون محاسبة تشهد على هذا الوضع” حسب قوله .

وشدد على أن القضاة ليسوا طرفا سياسيا وليس لهم أي دور في اللعبة السياسية، مذكرا بأنه قد تم إيفاد مراسلات وعدول تنفيذ إلى وزيرة العدل وطرق كل الأبواب الممكنة برعاية هيئة الدفاع التي تقدمت بشكايات جزائية ضد الوزيرة، دون الحصول على أي رد.

من جهته قال عضو هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين العياشي الهمامي إن ملفات رفع الحصانة على القضاة هي ملفات مبنية على إجراءات باطلة لأن القانون ينص على أن النيابة العمومية لا يمكن أن تفتح تتبعا ضد قاض إلا بعد مراسلة مجلس القضاء لرفع الحصانة والحال في هذه القضايا، هو أن النيابة العمومية فتحت أكثر من 100 تتبع ضد القضاة المعفيين أمام قطب مكافحة الإرهاب والقطب القضائي المالي قبل أن تراسل المجلس، وهو ما اعتبره “خرقا سافرا للإجراءات، حسب الدستور والقانون المنظم لعمل القضاة .

واعتبر أن رئيس الدولة ووزيرة العدل يضغطان على المجلس الأعلى المؤقت للقضاء وعلى النيابة والقضاء المباشر لتنفيذ التعليمات، مشيرا إلى أن هيئة الدفاع تنتظر الجلسة القادمة للمجلس في 20 جوان لتبين أنه لم يقع احترام القانون وأن الوقائع المنسوبة للقضاة “هي وقائع كيدية تمت فبركتها بعد صدور الأحكام لفائدة القضاة وليس قبلها وأنها غير جدية ولا تكفي لرفع الحصانة”، حسب تعبيره.

وأضاف أن الهيئة تقدمت ب37 شكاية جزائية ضد وزيرة العدل التي ترتكب جريمة عدم تنفيذ أحكام قضائية منذ 9 أوت الماضي، وتطالب النيابة العمومية بالنظر فيها بجدية.
وقال القاضي الإداري السابق والمحامي المباشر حاليا أحمد صواب “إنّ حقوق القضاة انتهكت في مستويين أولهما إصدار مرسوم مخالف للدستور ويتمثل المستوى الثاني في “القيام بعملية تحيل إجرائية” حسب توصيفه عن طريق الامتناع عن تنفيذ قرارات إيقاف الإعفاءات الصادرة عن المحكمة الإدارية.

وأكد صواب في تصريح إعلامي، أنّ الفصل 41 من قانون المحكمة الإدارية ينص على أنه يجب تنفذ الإدارة حالا أحكام توقيف التنفيذ، مشيرا إلى أنه دافع، بصفته كمحام، عن البعض من القضاة المعزولين وأكد أنّ ملفاتهم لم تتضمّن أيّ عنصر جزائي إلى غاية صدور أحكام توقيف التنفيذ من المحكمة الإدارية يوم 9 أوت 2022 .

. وقال “إنّ المحكمة الإدارية طلبت من وزارة العدل ومن المجلس الأعلى للقضاء المؤقت، في العديد من المناسبات، مدّها بالإدانات أو التتبعات الجزائية في حقّ القضاة المعزولين ولم تتحصل على أي شيء، ثم أثيرت الدعاوى الجزائية وفصّلت بعد صدور القرارات من المحكمة الإدارية.

وقد تم منع الصحفيين من الدخول إلى قصر العدالة لمواكبة هذه الوقفة الاحتجاجية التي حضرها نشطاء من المجتمع المدني إلى جانب ممثلين عن الهياكل القضائية، مما دفع بالقضاة إلى الخروج أمام المحكمة في فضاء محدود للتواصل مع الإعلاميين، وسط تعزيزات أمنية مكثفة.

يذكر أن رئيس الجمهورية قد أصدر في 1 جوان 2022 أمرا رئاسيا عدد 516 لسنة 2022 بقضي بعزل 57 قاضيا، ودعا في العديد من المناسبات وأكد في عديد المناسبات القضاة الي ما وصفه بتطهير البلاد ممن عبث بمقدراتها وبأمنها القومي

وقضت المحكمة الإدارية بتاريخ 10 أوت 2022 بإيقاف تنفيذ عدد من قرارات إعفاء القضاة (49 من بين 57) إلا أن هذه الأحكام لم تنفذ إلى حد الساعة.

وتجدر الإشارة أيضا إلى أن قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قدم في شهر ديسمبر 2022 طلبا للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء لرفع الحصانة عن 13 قاضيا من بين 57 الذين أعفاهم رئيس الجمهورية في غرة جوان من السنة الماضية وقد تأجلت جلسات النظر في هذا المطلب في مناسبتين سابقتين وتأجل أمس للمرة الثالثة إلى تاريخ 20 جوان الجاري.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.