باسبور لحاتم القروى : رحلة موسيقية تتخطى الحدود الجغرافية والفنية

 

قدم مغنى السلام والفنان الكوميدى حاتم القروى مساء الخميس بقاعة التياترو بالعاصمة عرض باسبور الذى يشاركه فيه على امتداد 90 دقيقة كل من محمد بالى على الة الباترى ورمسيس الزناتى على الة الباص غيتار وعياد غانم على الغيتار وامال السديرى على الكمنجة.

ويحيل العنوان باسبور وفق حاتم القروى الى التضييق والصرامة اللذين تمارسهما دول شمال البحر الابيض المتوسط على حرية تنقل الاشخاص المنتمين الى دول العالم الثالث  ويضيف قائلا ان عنوان العمل لا يقتصر على الاشارة الى الحدود بين منطقتين جغرافيتين بل يتعدى ذلك ليشمل الرقابة التى تمارسها السلطة السياسية وسلطة الدين والمجتمع فى الدول العربية على حرية الافراد وحرية الفن والتعبير.

ويعد هذا العمل مزيجا فنيا أو نسيجا يجمع المسرح و السلام والاوبيرا وموسيقى الروك والرقص فى عرض ظل وفيا طيلة ساعة ونصف للبناء الدرامى التقليدى وعكس حبكة محكمة وقدرة الممثل الكوميدى حاتم القروى على الانتقال من مشهد الى اخر.

ومنح فريق باسبور تأشيرة عبور للجمهور الغفير الحاضر بقاعة التياترو بالعاصمة ليأخذه فى رحلة تخطت جميع الممنوعات الاجتماعية والاخلاقية والسياسية ويغوص فى عمق القضايا الفكرية والجوهرية المتصلة بالانسان وهى رحلة لم تعترف أيضا بالحدود الجغرافية ولا الفنية.

وقد تجلى ذلك بقوة من خلال اللغات التى غنى بها حاتم القروى صحبة أفراد مجموعته وهى العربية والفرنسية والانقليزية والايطالية الى جانب حضور اللهجتين التونسية والمصرية فى الجانب المسرحى من العرض.

ويبرز تخطى الحدود الفنية من خلال عدم الاقتصار على عنصر فنى واحد بل ان حاتم القروى جمع أشكالا فنية عديدة فى عمل متكامل شكلا ومضمونا أداء وتعبيرا وصوتا وصورة.

تجاوز الحدود الفنية فى عرض باسبور تجلى أيضا من خلال الملابس التى ظهر بها الفريق الموثث للعمل على الركح حيث بدت هذه الملابس غرائبية عجائبية وقد تجاوزت حدود المنطق.

فالمالوف لدى عامة الناس فى الحفلات الموسيقية التقليدية هو اعتناء العازفين والمغنين بالهندام والحرص على الظهور فى أبهى حلة الا أن هذه القاعدة المتعارف عليها فى الحفل الموسيقى تم كسرها فى عرض باسبور اذ أطل العازفون على الجمهور بملابس شبيهة الى حد كبير بملابس المهرج مما جعلها تنسجم مع تقنية الهزل والاضحاك التى انبنى عليها العرض كما ظهر حاتم القروى بفستان قصير وجوارب فى مستوى الركبتين وهى أيضا مفارقة عجيبة بين المومل والحاصل.

ولم تتوقف روية حاتم القروى للملابس عند حدود الاضحاك وانما جعلها تنساق مع مقاصد عنوان العمل باسبور لتتجاوز الحدود الجغرافية فرمزية الملابس شملت بلدان فرنسا وايطاليا واسكتلندا والولايات المتحدة الامريكية.

واستحضر حاتم القروى من خلال باسبور بأسلوب هزلى ساخر أهم الاحداث التى شهدتها تونس بعد الثورة فعاد بالجمهور عبر تقنية الفلاش باك الى ما يعرف باعتصامى القصبة 1 والقصبة 2 فانتخابات المجلس الوطنى التأسيسى مرورا بأحداث العنف والارهاب والاغتيالات السياسية وصولا الى الحوار الوطنى ثم الانتخابات التشريعية والرئاسية الاخيرة.

ولئن بدا أسلوب استعراض جميع هذه الاحداث ساخرا ومضحكا فى ظاهره فان فى باطنه دلالات ومقاصد عديدة تدعو الى التمعن مليا فى واقع يصفه حاتم القروى بأنه اليم لا يعكس ارادة التونسيين وامالهم وتطلعاتهم فى عيش أفضل 0 وتطرق القروى الى عديد القضايا السياسية والاجتماعية وكذلك الثقافية فوضع النخبة السياسية بمختلف الوانها محل سخرية واستهزاء وتندر وكأنه يدعو الجمهور ضمنيا الى الضحك من نخبة سياسية خذلته بعد تنكرها لوعودها خلال الحملات الانتخابية.

الشخصيات السياسية للدول الفاعلة فى المشهد السياسى العالمى لم تسلم بدورها من تهكم حاتم القروى ومجموعته اذ حملها مسوولية تدهور الوضع الانسانى فى عديد المناطق من دول جنوب البحر الابيض المتوسط.

ويرى حاتم القروى فى تطرقه الى مشكلة الحدود الجغرافية أن التنقل هو حق انسانى مكتسب معربا عن ايمانه بأن ممارسة شعوب دول الجنوب حقها فى التنقل بحرية سيحد من عديد المشاكل المتراكمة .

عرض باسبور الذى أنتج فى شهر ماى من العام المنقضى وقدم أمس فى عرضه السادس أتاح للجمهور اكتشاف مواهب واعدة فى العزف والغناء على غرار امال السديرى وهى شابة فى الثالثة والعشرين من عمرها وطالبة مرحلة ثالثة بالمعهد العالى للموسيقى بتونس أتقنت العزف على الكمنجة وأتحفت مسامع الحاضرين بأدائها الاوبرالى.

وسيتم تقديم هذا العرض مساء اليوم الجمعة بدار الثقافة المروج من ولاية بن عروس على أن يتجدد الموعد مع فريق هذا العمل بقاعة التياترو بالعاصمة يوم غد السبت كما سيحظى أهالى نابل بفرصة متابعته بالمركب الثقافى نيابوليس يوم 19 فيفرى الحالى.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.