المنتدى الثالث لموقع المصدر : إشكاليات التنمية في الشمال الغربي التونسي

استضاف منتدى المصدر في جلسته الثالثة التي عقدت يوم الأربعاء 15 جوان 2011 الدكتور مسعود بوضيافي الباحث الجامعي وعميد كلية العلوم الاقتصادية والتصرف بالجامعة التونسية المنار وذلك للحديث معه حول إشكاليات التنمية في الشمال الغربي التونسي , علما بأن الدكتور بوضيافي من أخصائيي التنمية الجهوية ومن مؤسسي مركز التفكير الإستراتيجي للتنمية بالشمال الغربي …



المنتدى الثالث لموقع المصدر : إشكاليات التنمية في الشمال الغربي التونسي

 

استضاف منتدى المصدر في جلسته الثالثة التي عقدت يوم الأربعاء 15 جوان 2011 الدكتور مسعود بوضيافي الباحث الجامعي وعميد كلية العلوم الاقتصادية والتصرف بالجامعة التونسية المنار وذلك للحديث معه حول إشكاليات التنمية في الشمال الغربي التونسي , علما بأن الدكتور بوضيافي من أخصائيي التنمية الجهوية ومن مؤسسي مركز التفكير الإستراتيجي للتنمية بالشمال الغربي .

 

وقد حاور الدكتور مسعود بوضيافي في هذه الجلسة الزميل علي العيدي بن منصور , رئيس تحرير موقع المصدر الذي كان مرفوقا بالزميلة رحمة الشارني المحررة في الموقع,
وذكر الزميل علي العيدي بن منصور في مستهل اللقاء أن الثورة التونسية قد قامت من أجل مزيد العدالة في توزيع الثروة والنمو بين جهات البلاد مما يجعل هدف التنمية الجهوية محورا أساسيا من أي برنامج سياسي لما بعد الثورة …

 

وقد طرحت على الدكتور بوضيافي عدة أسئلة متعلقة بالموضوع كانت كالتالي :

– بماذا يمكن أن نخرج إذا قمنا بتقويم عام لما أنجز خلال عهدي بن علي وبورقيبة في جهة الشمال الغربي بالخصوص؟

 

– لقد وقع التخلي عن الشمال الغربي منذ السنوات الأولى للاستقلال … ما من شك أن مدارس قد بنيت وأن الماء والكهرباء قد وصلا لبعض الأماكن ولكن هذا كان ولا يزال غير كاف بالمرة أمام تنامي الحاجيات وأمام اضمحلال اتجاهات التبادل التقليدي التي كانت قوام اقتصاد الجهة لعقود طويلة والتي كانت بالأساس مع الحدود والجهات الجزائرية القريبة.


لم تقع أية استثمارات كبيرة في المنطقة مثل قطاعات السياحة والنسيج في الساحل وهذا ما دفع إلى النزوح والبطالة.

النمو السكاني أصبح سلبيا في بعض المناطق في الشمال الغربي نتيجة هذه السياسات التهميشية والهجرة المتواصلة, كما أن الصناعات التحويلية المهمة انتصبت في المناطق الساحلية وبعيدا عن مناطق الإنتاج مما زاد في الإضرار بالنسيج الصناعي الهش بطبعه في عهد الاستعمار والذي كان يعتمد في مجمله على المناجم القليلة في الجهة.

والمياه رغم توفرها في مناطق الشمال الغربي لم تستغل أفضل استغلال رغم بعض الجهود التي بذلت ولكنها دون المؤمل …نحن لازلنا نستورد اللحوم والحبوب والغلال رغم أننا نستطيع تصديرها لو وقع الاستغلال الجيد للفرص المتاحة في الشمال الغربي وفي غيره من الجهات . لقد غابت أية سياسة متكاملة للتنمية في المنطقة ولم يعر أي اهتمام للبحث العلمي ولدراسة وتحسين أساليب الفلاحة التقليدية ولم تتوفر فرص استثمار حقيقي في كل المناطق الداخلية…

 

– تهميش الشباب والجهات الداخلية وبطالة أصحاب الشهائد العليا كلها ظواهر ساهمت في قيام الثورة التونسية التي وصفت بأنها ثورة الكرامة لانتصارها منذ أول يوم إلى كرامة الإنسان وحقه في العمل وفي العيش الكريم …كيف يمكن أن نترجم اليوم هذا الزخم الثوري لمعالجة الوضعيات التي يعيشها الشمال الغربي والوسط والجنوب؟
– إن لدينا اليوم المقومات الأساسية لبداية جديدة للتمنية الجهوية في بلادنا, لدينا الاختصاصيين ولدينا دواوين للتنمية في الشمال الغربي وفي الجنوب وفي غيرها كما ان التوجه توجها ديمقراطيا يضمن المشاركة للجميع في الجهود الوطنية من اجل التنمية مما يجعل أي مشاركة مشاركة فعالة لكل المواطنين على كل المستويات…

ولكن لابد من تصور استراتيجي ننطلق منه بداية وينطلق من تصور أقطاب للتمنية تكون هي القاطرة لكل الجهة المحيطة بها ولابد من خلقها في الشمال الغربي بسرعة . المدن ,من مركز الولاية إلى المدن والتجمعات الكبرى, تصبح مراكز استقطاب ويقع البحث في إقامة نسيج عمراني واقتصادي متكامل بما يستتبعه من مقومات أخرى للتمنية مثل النقل والتكوين والاتصالات والصحة والثقافة والترفيه وغير ذلك…

لنأخذ مثلا تجربة سيليكون فاليه الأمريكية ( Silicon Valley) فهي قد نجحت لأنها جمعت في الواقع في مكان واحد ما يلزم الاستثمار من آلياتالتزويد إلى التكوين إلى النقل والاتصال والالتقاء بين صاحب الفكرة وصاحب الأموال…


المستثمر عندما يأتي إل مكان ما يأتي لتواجد كل ما يلزم لإنجاح مشروعه في مكان واحد . والدولة مطالبة بالاستثمار في وسائل الإنتاج لتخفيض كلفة الانتصاب في الأماكن الداخلية التي تنقص فيها المقومات الدنيا للتنمية.وهذا يتطلب من الدولة تخطيطا متكاملا للتهيئة العمرانية والبنية الأساسية والمناطق الصناعية والتكوين المهني والسياحة والتعليم.

من جهة أخرى يجب إعادة صياغة المقاربات ومفردات التنمية الجهوية وذلك لأنها تتحمل مفاهيم يمكن أن تساعد على تحسين الأداء فمفهوم الجهة بحد ذاته يجب مراجعته ذلك أن التعويل على التقسيم الحالي بالولايات غير مجد, إن الولاية تقسيم إداري وليس تقسيما اقتصاديا وهو بالتالي يخضع لمعطيات إدارية وأمنية وغير ذلك. وفي الواقع فمفهوم الإقليم الاقتصادي أشمل وأصح وأكثر دقة فالشمال الغربي هنا يمثل وحدة متكاملة عبر جبال خمير وسهولها وغبر مياه مجردة وعبر نوعية الفلاحة والعادات والتقاليد والثقافة المحلية لدى السكان وكل هذه المعطيات تمكن من تصور أمثلة نمو ستكون أجدى من غيرها لإلمامها بكل ما في الجهة من عوامل تجمع وعوامل نجاح…

-ما هي المسائل التي يجب أخذها في عين الاعتبار في كل مقاربة تنموية جديدة بالجهة الشمال الغربي وحتى في غيرها من الجهات؟

-هناك عناصر متعددة تؤخذ بعين الاعتبار مثل عنصر البنية التحتية ولكنه ليس الوحيد ولا المؤثر وحده وليس كافيا على كل الأحوال… مع البنية الأساسية يجب التفكير في التهيئة الترابية والتهيئة يجب أن تكون متكاملة.

-ما هو دور الثقافة المحلية والتقاليد الشعبية في صقل الخصوصيات ودفع التنمية أو إعاقتها أحيانا؟

-بصفة عامة ليس هناك اختلاف بين الشعوب والمجتمعات في الأصل ولكن الهيكلة الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية تساهم في خلق عقلية محددة وتدفع التنافس أو تعيقه


وهنا ثبت بوضح أن النمط التنافسي القائم على المبادرة الحرة والمراقبة بالقانون فقط من شأنه خلق الثروات وله دور كبير في دفع عجلة التنمية البشرية … ذلك أن الهيكلية العامة التي تخلقها حركية السوق المتحررة والمتنافسة تؤثر على العقليات البشرية التي تنطلق هنا من المقارنات وتفك عقال التواكل القديم وتقع العدوى ولكن عدوى النجاح والعمل , العدوى الإيجابية … فعقلية التواكل التي نعرفها في بعض مناطقنا واستسلام الناس إلى سهولة الاقتصاد الريعي القائم على الحبوب في الشمال الغربي مثلا, يجب محاربتها بمزيد تفعيل المنافسة بين المنتجين لتبيان مدى الفرق في الربح بين الريع وبين الإنتاج… ولنسق هنا مثل المستثمرين أصيلي الشمال الغربي الذين يستثمرون في الساحل بحثا عن نتيجة أفضل لاستثماراتهم وهذا بشري وعادي جدا لأنهم في مناطقهم لا يجدون الربح المجزي …

من جهة أخرى فإن منوال التنمية يجب أن يقوم على الحرية كأساس وتدخل الدولة لا يجب أن يقع في ما هو ناجح لوحده وينبغي الحد من البيروقراطية وتشجيع المبادرة الحرة اقتصاديا وسياسيا في كل المجالات ودون أن تكون العشوائية محلها بالطبع وقد استعملنا كلمة التحرير بكثرة في السنوات الأخيرة ولكن لابد من التحري في المقاربات

كما أننا يجب أن نعول على أفكارنا وسواعدنا وأبنائنا ولكن لا بد لها من مناخ من الحرية ولنذكر هنا المثل الكوري الجنوبي فهطا البلد كان في نفس مستوى التنمية الذي عرفته تونس في الستينات وهو اليوم بلد متقدم اقتصاديا لأانه انتهج الحرية منذ بداية السبعينات ومكن أبناءه من المشاركة الديمقراطية في الحكم وفي التنمية على كل المستويات..كما أن تفكيرنا التنموي لا يجب أن يهمل أن لهذا البلد أبعادا إستراتيجية أخرى ذات أهمية في تنميته يجب أن تراعى مثل بعدنا الإقليمي المغاربي والشمال إفريقي والمتوسطي والعربي والأوروبي وكلها تفتح آفاقا تنموية رحبة لتونس الغد…

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.