والآن، هل انقلب السحر على الساحر؟

أطلقت حركة النهضة في حملتها الانتخابية نيرانا صديقة تجاه حكومة الباجي قايد السبسي ووجهت لها انتقادات كلما سنحت الفرصة بالإضافة إلى دعمها الاحتجاجات والإعتصامات التى كانت تنشب بين الفينة والأخرى بمطالبتها حكومة السبسي بإيلاء العناية الكافية لملفي التنمية الجهوية والتشغيل وضخ تمويلات إضافية لفائدة …



والآن، هل انقلب السحر على الساحر؟ (رأي)

 

أطلقت حركة النهضة في حملتها الانتخابية نيرانا صديقة تجاه حكومة الباجي قايد السبسي ووجهت لها انتقادات كلما سنحت الفرصة بالإضافة إلى دعمها الاحتجاجات والإعتصامات التى كانت تنشب بين الفينة والأخرى بمطالبتها حكومة السبسي بإيلاء العناية الكافية لملفي التنمية الجهوية والتشغيل وضخ تمويلات إضافية لفائدة الجهات مقللة من تصريحات المسؤولين الحكوميين آنذاك بشأن تدهور الاقتصاد الوطني.

 

كما انتقدت الحركة على لسان رئيسها راشد الغنوشي التعيينات والترقيات التي منحها الباجى قايد السبسي لموظفي الدولة مشككا في نزاهة هذه الترقيات .

 

واستفادت حركة النهضة بطريقة غير مباشرة من الاختلافات والانقسامات الايديولجية التي انطلقت بحادثة قاعة افريكا التي قامت بعرض فيلم "لا ربي لا سيدى" لنادية الفاني واختتمت بحادثة قناة نسمة تي في التي قامت بعرض الفيلم الايراني المثير للجدل برسيبوليس والتي قلبت موازين القوى السياسية في تونس وغيرت من مجرى انتخابات المجلس التاسيسي خاصة وان آخر عمليات سبر الآراء أبرزت أن نسبة فوز الحركة في الانتخابات لن تتجاوز 30 بالمائة.

أما صفحات الشبكة الإجتماعية الأكثر انتشارا في تونس الفايسبوك والموالية لحركة النهضة فقد شنت هجوما واسعا على منافسيها في الانتخابات وخاصة الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يعد من أشد خصوم النهضة السياسيين وطال الهجوم الأعراض وكيلت الاتهامات بعدم نظافة اليد وبالإلحاد واستخدمت خطابا دينيا للتأثير على المقترعين.

 

واليوم وبعد أقل من شهر من تسلم حكومة حمادى الجبالى مهامها واجهت أحداثا مماثلة لعام 2011 ولكن بسيناريوهات مختلفة. فهل يعني ذلك انقلاب السحر على الساحر؟

 

كانت حادثة اعتصام طلبة محسوبين على التيار السلفي بكلية الآداب بمنوبة بمثابة الاختبار الأول للحركة التي لم تتخذ موقفا واضحا من هذه المسألة مما أثار تساؤلات حول مدى دعم الحركة للسلفيين في تونس فضلا عن ان وزارة التعليم العالي نأت عن نفسها مسؤولية فك الاعتصام من قبل قوات الأمن سلميا واكتفت بالمشاهدة.

أما حادثة سجنان الشهيرة فلم تحرك الحركة والحكومة التي تقودها ساكنا تجاه هذه القضية التي شغلت الرأي العام لأسابيع ولم تمط اللثام عنها رغم أن الرابطة التونسية لحقوق الإنسان التي تحولت على عين المكان أثبتت ان السلفيين حلوا محل قوات الأمن ويقومون بسجن معارضيهم وتعذيبهم وطالبت من الحكومة المؤقتة فتح تحقيق حول أنشطة السلفيين.

 

وبخصوص التعيينات الأخيرة في قطاع الإعلام العمومي فلم تكن بنظر الكثير من الملاحظين في القطاع مدروسة أو متفهمة لطبيعة العمل الصحفي وكانت برأيهم شبيهة بالأسلوب المعتمد في النظام السابق ما أثارت استياء كبيرا من قبل الصحفيين وفتحت الباب للتأويلات بشأن نوايا حركة النهضة خلال الفترة القادمة من تاريخ البلاد.

ووجدت حكومة الجبالى كسابقتيها، أي حكومتي محمد الغنوشي والباجي قايد السبسي، نفسها في مواجهة موجة من الاحتجاجات والإعتصامات التي فاجأتها ولم تنجح في التعامل معها. فبعد الوعود الكبرى التي قدمتها حركة النهضة في برنامجها الانتخابي في مجالي التشغيل والتنمية الجهوية تجد نفسها اليوم أمام واقع يفرض عليها مصارحة الشعب لتونسي بالحقيقية واطلاعهم على القدرة الحالية في خصوص هذين المسألتين.

وأطلق حمادى الجبالى في كلمة متلفزة وأخرى أمام المجلس التأسيسي صيحة فزع حول تدهور الاقتصاد الوطني داعيا مختلف الفاعلين في المشهد السياسي ومكونات المجتمع المدني إلى مشاركة حكومته في برنامجها التفصيلي قبل موفي فيفرى المقبل في الوقت الذي راجت فيه أخبار عن إدخال تحويرات على تركيبة الحكومة وعن مفاوضات بين حركة النهضة وأحزاب سياسية معارضة من أجل الانضمام إلى تركيبة الحكومة الحالية.

 

ومثلت حادثة الفيديو المسرب لوزير الداخلية علي العريض ضربة موجعة لأنصار الحركة خاصة على الفايسبوك والذين لم يتركوا فرصة إلا وتهجموا على كل منتقد للحركة سواء من إعلاميين أو سياسيين أو حقوقيين.

خاصة وان الأحزاب السياسية المعارضة أدانت الفيديو وعبرت عن مساندتها  الكاملة لعلي العريض لتثبت أن الاختلاف يكون في الفكر والأخلاق والسياسة فقط.

 

أما قضية قناة نسمة تي في التي جلبت اهتماما إعلاميا واسعا وطنيا ودوليا حيث نشر أكثر من خمسة ملايين مقال حول هذه القضية طرحت خلالها مسألة إمكانية انتكاسة حرية التعبير في تونس بعد الثورة وصدرت صورة سلبية عن بلد رفعت فيه شعارات الحرية والديمقراطية منذ عام خاصة بعد الاعتداءات المتكررة على الصحفيين والأساتذة والحقوقيين مما أثار مخاوف من تحويل مسار الثورة إلى دكتاتورية جديدة.

 

خينها فقط سارعت حركة النهضة إلى إصدار بيان مغاير تماما لبيانها إبان عرض الفيلم أكدت فيه على تمسكها بحرية التعبير والإعلام فيما تعهد حمادي الجبالي بمعاقبة المعتدي على الصحفي زياد كريشان والأستاذ الجامعي حمادي الرديسي.

 

مريم التايب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.