بعد أن تبيّن أنهم أصحاب أعمال.. لماذا يرفض وزراء حكومة الجبالي التصريح على ممتلكاتهم؟

” ما خفي كان أعظم”… هو مثل عربي ينطبق على أعضاء الحكومة المؤقتة وخاصة الوزراء المنتمين إلى حزب النهضة بعد أن بدأت الممارسات الغامضة والتعتيم المتعمّد يظهر للرأي العام الوطني بخصوص التصريح بممتلكاتهم، لا سيما وأن بعض وسائل الإعلام كشفت قائمة ممتلكات لعدد من وزراء النهضة من ذلك شركات في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية أخرى…



بعد أن تبيّن أنهم أصحاب أعمال.. لماذا يرفض وزراء حكومة الجبالي التصريح على ممتلكاتهم؟ 

 

" ما خفي كان أعظم"… هو مثل عربي ينطبق على أعضاء الحكومة المؤقتة وخاصة الوزراء المنتمين إلى حزب النهضة بعد أن بدأت الممارسات الغامضة والتعتيم المتعمّد يظهر للرأي العام الوطني بخصوص التصريح بممتلكاتهم، لا سيما وأن بعض وسائل الإعلام كشفت قائمة ممتلكات لعدد من وزراء النهضة من ذلك شركات في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية أخرى…

 

صحيح أنه لا ضرر ولا عيب في أن يكون وزير أو رئيس جمهورية أو رئيس حكومة رجل أعمال أو مستثمر كبير، لكن العيب في إخفاء هذه الممتلكات على الرأي العام، والأمرّ من ذلك أن بعض أعضاء الحكومة الحالية ينادون بل يُصرّون إلحاحا على تجسيم الشفافية ومقاومة الفساد في تونس بعد الثورة.

 

كان من الأجدر التصريح بهذه المكاسب حتى يكون الرأي العام على بيّنة لا أن تتعالى الأصوات والتباكي في مختلف وسائل الإعلام بأن هؤلاء الوزراء تم تهجيرهم في العهد البائد حتى خُيّل للمواطن البسيط أنهم فعلا المُعذّبون فوق الأرض وعانوا الحرمان والخصاصة، والحقيقة أنهم في رغد من العيش والرفاه في بلد المنفى إلى حدّ تحولهم إلى رجال أعمال "يلعبون" بالأموال.

 

لقد تناقلت بعض وسائل الإعلام مؤخرا أخبار عن امتلاك 3 وزراء في حكومة حمادي الجبالي لعدد من الشركات بعد أن تمّ الحصول على المعطيات من السجل التجاري الفرنسي والبريطاني الذي أثبت امتلاك هؤلاء الوزراء لشركات في المجال العقاري وتسييرها عن بعد.

 

وبناء على ما تقدّم، اتضح جليا رفض أعضاء أغلب أعضاء الحكومة التصريح على الشرف بالمكاسب إلى حدّ الآن بالرغم من أنه يعدّ مطلبا شعبيا ومبدأ من مبادئ الثورة، كما أن رئيس الحكومة الحالي تعهّد بأن يقوم أعضاء الحكومة بالتصريح بممتلكاتهم. لكن يبدو أن السلطة والحكم لهما تأثير كبير على الساسة ويحوّلهم إلى أشخاص آخرين وكأن "الكرسي" يصيب صاحبه بالانفصام في الشخصية!!!

 

وسعيا منا لتقصي الحقائق حول تقديم رئيس الحكومة الحالية حمادي الجبالي وأعضاء الحكومة بالتصريح على الشرف بالمكاسب، جوبهنا بصدّ كبير  ولاحظنا تكتما شديدا وشحّ للمعلومة من بعض مسؤولي دائرة المحاسبات الجهة المخولة قانونا لتلقي هذه التصاريح!!!

 

وصرّح مسؤول بدائرة المحاسبات للمصدر أن التصريح على الشرف بالمكاسب من طرف الحكومة المؤقتة والحالية متواصل على حدّ قوله إلى الآن وبسؤالنا عن العدد بالتحديد أجاب بأن ليس هناك رقم واضح ومحدد، مجددا قوله بأن عدد لا بأس به من أعضاء الحكومة الحالية قدموا هذه التصاريح!!!

وتمّ إقرار مبدأ التصريح على الشرف بالمكاسب في تونس  منذ سنة 1987 وذلك منذ إصدار القانون عدد 17 الصادر في 10 أفريل سنة 1987. ويشمل هذا التصريح أعضاء الحكومة والقضاة والسفراء ورؤساء المؤسسات وأعضاء الدواوين الوزارية والمديرون العامّون والمديرون العامّون المساعدون والقناصل وأسلاك الديوانة والأمن والكتاب العامّون للوزارات وقُبّاض المالية وكل عون للدولة أو الجماعات المحلية.

 

 

وعمّا إذا كان رئيس الحكومة الحالية حمادي الجبالي قد قدّم هذا التصريح رفض هذا المسؤول الكشف عن ذلك، مُؤكّدا أن هذه الأمور سرية ولا يمكن الإفصاح عنها بمقتضى القانون. وأضاف أن دائرة المحاسبات تلقت منذ سنة 1987 (تاريخ إصدار قانون التصريح على الشرف بالمكاسب) أكثر من 21 ألف تصريح وتلقت الدائرة خلال سنة 2010 أكثر من 8626 تصريحا.

 

وللتذكير فإن الرئيس الأول لدائرة المحاسبات هو من يتلقى التصاريح على الشرف بالمكاسب ويمضيها شخصيا!!!

 

ويسمح القانون الصادر في سنة 1987 لأعضاء الحكومة بمهلة لمدة شهر منذ توليهم المسؤولية الحكومية للتصريح بالشرف على المكاسب وبالمقابل وبالرجوع إلى القانون المُقارن في الدول الأخرى فإنه يمنح لأعضاء الحكومات مدة على الأقلّ بشهرين لتقديم بالتصريح على الشرف بالمكاسب.

 

وفي هذه الحالة فإن أعضاء الحكومة لهم أكثر من 8 أشهر منذ توليهم المسؤولية الحكومية وهذا خلل آخر يُحسب عليهم لا لفائدتهم في مسار تكريس الشفافية والحوكمة الرشيدة التي ينادون بها في مختلف لقاءاتهم مع الضيوف الأجانب أو الندوات والحوارات الوطنية.

 

ويعتبر مبدأ التصريح على الشرف بالمكاسب إحدى الوسائل المعتمدة لتكريس مبدأ المسائلة ويتنزل ضمن الآليات المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد والرشوة التي صادقت عليها تونس منذ سنة 2008 مشيرة إلى أن هذه الاتفاقية تم إحداثها في سنة 2003.

 

وردّا على سؤالنا بخصوص تتبع أعضاء الحكومة بعد انتهاء مهمتهم أو إقالتهم والتثبت من مكاسبهم بعد الخروج من الحكومة لاحظ ذات المصدر أن القانون السالف الذكر ينص على أن عضو الحكومة الذي لا يُقدّم التصريح على الشرف بالمكاسب سواء تتم إقالته من وظائفه غير الراجعة بالنظر إلى رئيس الجمهورية، فإنّ دائرة المحاسبات تقوم بمراقبة التصرف ولا تقوم بالتتبع وهي مؤتمنة على هذه التصاريح ولا يمكن النفاذ إليها.

 

من الضروري على كل مكونات المجتمع المدني وكل الجمعيات الناشطة في مجال الشفافية مطالبة أعضاء الحكومة الإفصاح عن ممتلكاتهم ومكتسباتهم خاصة قبل الدخول إلى الحكومة.

 

وما الكشف عن أن بعض وزراء حمادي الجبالي هم بالأساس رجال أعمال ومستثمرين ينشطون في الخارج إلاّ نقطة سلبية تُحسب ضدّهم وتؤثّر على مصداقيتهم خصوصا أن هذا الموضوع سيكون له تداعيات سلبية في الانتخابات القادمة.

 

مهدي الزغلامي

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.