أقرته حكومة بن علي وستنفذه الحكومة الحالية: مشروع “الموت” يهدّد حياة أهالي “وذرف”

يعيش أهالي مدينة “وذرف” (تابعة لولاية قابس) منذ سنوات طويلة وتحديدا منذ عام 2003 على وقع كابوس مخيف أقض مضجعهم وجعل الجميع يخشى حدوث المأساة والسيناريو المخيف الذي يهدد بالموت…



أقرته حكومة بن علي وستنفذه الحكومة الحالية: مشروع “الموت” يهدّد حياة أهالي “وذرف”

 

يعيش أهالي مدينة "وذرف" (تابعة لولاية قابس) منذ سنوات طويلة وتحديدا منذ عام 2003 على وقع كابوس مخيف أقض مضجعهم وجعل الجميع يخشى حدوث المأساة والسيناريو المخيف الذي يهدد بالموت…

 

سنوات مرت منذ اللحظة الأولى لإطلاق صيحة فزع ورعب وبعد زمن كان خلاله مجرد التعبير عن الخوف محرما وخروجا عن المألوف وتعديا على السلطة.

 

وحقّ لأهالي هذه المنطقة الحالمة والهادئة والصبورة بعد "ثورة" 14 جانفي أن يتنفسوا الصعداء ويحلمون بغد أفضل ينهي كابوس "الحلم" الأسود ويسدل الستار على سنوات من الترقب المرّ والخوف من المستقبل الأسود. لكن هيهات فما ولى وفات  قد يكون واقعا ملموسا في المستقبل الأتي.

 

فما كان يخشاه أهالي مدينة "وذرف" زمن بن علي قد يصبح حقيقة لا مفر منها في الزمن الحاضر حيث تم الاتفاق في كواليس السلطة والأطراف الحاكمة على المرور بالسرعة القصوى لتحويل مصب "الفوسفوجيبس" من البحر إلى البر وتحديدا في منطقة مجاورة لمدينة "وذرف" تسمى "المخشرمة" التي لا تبعد سوى ثلاث كيلومترات على "وذرف".

 

ولمن لا يعي خطورة هذا المصب وجب القول بأن النفايات التي يتم التخلص منها سواء عبر الإلقاء في البحر أو الردم في الأرض تهدد البلاد والعباد وكل أشكال الحياة بما أنها تحتوي على مواد مشعة لها انعكاسات صحية خطيرة للغاية وتهدد بالموت.

 

بن علي جعلها مشروعا رئاسيا لكنه لم ينفذ

 

أصل الحكاية يعود إلى تسع سنوات خلت حيث تقرر آنذاك تحويل وجهة المصب من البحر إلى البر واختيرت منطقة "المخشرمة" مكانا لإلقاء نفايات الفوسفوجيبس، حيث تمت المصادقة على المشروع ضمن مداولات مجلس النواب بتاريخ 13 ماي 2003 دون أخذ رأي أهالي الجهة والمناطق المجاورة ووقع الخيار على "المخشرمة" لتكون مقبرة هذه النفايات.

 

وبعد خمس سنوات أصبح هذا المشروع الذي لم ير النور بعد مشروع رئاسي وجب تنفيذه بتعليمات من الرئيس السابق زين العابدين بن علي وتمت مناقشته من جديد في مجلس النوب بتاريخ 27 نوفمبر 2008، في تلك الفترة حاول متساكنو الجهة معارضة المشروع بشدة وثارت ثائرتهم وتم تحرير العريضة تلو الأخرى وترويجها في كل الأماكن.

 

لكن قلة ذات اليد والعجز الذي كان يسيطر على الجميع جعل أصوات أهالي المنطقة مكتومة ومبحوحة لا يكاد أي مسؤول يسمعها، وحتى إن سمعها غضّ الطرف عنها مغبة الوقوع في المحظور ويصبح من المغضوبين عليهم..

 

مرت السنون وبقي المشروع ـ والحمد لله ـ مجرد فكرة ومشروع فحسب، لكن ظل الخوف ساكنا وفيا في قلوب أهالي المنطقة فكلما تحركت بعض الشاحنات والمجرورات الثقيلة من المنطقة إلا ودبّ الذعر والرعب في النفوس إلى أن تغير الوضع وسقط النظام السابق وتنفس الجميع نسمات الحرية، لتتزايد المطالب والتحركات في كل الاتجاهات من أجل توقيف هذا المشروع والغائه.

 

لكن حدث العكس حيث يبدو أن الحكومة الحالية مصرة على المضي قدما في تنفيذه، فرغم تنظيم تظاهرة تحسيسية في منطقة وذرف أيام 15 و16 و17 جوان الماضي للتأكيد على خطورة مشروع "الموت"، إلا أن اطرافا حكومية من بينها وزير الصناعة ووزيرة البيئة جلست يوم 3 أوت الماضي على طاولة المفاوضات مع الشريك الصيني الذي تبنى المشروع وذلك لإيجاد حلول عملية لتنفيذه وحماية محيط خليج قابس ضمن سياسة بيئية قال عنها وزير الصناعة محمد الأمين الشخاري بأنها "حل جذري لمشكلة التلوث الناتجة عن بقايا معامل المجمع الكيميائي بقابس وبهدف تحسين ظروف عيش متساكني المنطقة".

 

لكن أين متساكني وذرف من كل هذه التطمينات؟ وكيف السبيل لحمايتهم من أضرار وأثار نقل مصب النفايات إلى منطقة قريبة جدا من المدينة؟..

 

كان من الأولى أن تعمل السلطات على إيجاد حل بديل وتبحث عن منطقة أخرى بعيدة بما يكفي عن مناطق العمران لكن الحكومة وكل الأطراف المسؤولة تسير قدما نحو تحويل المشروع إلى حقيقة واقعة بدليل أن مقر المجمع الكيميائي احتضن خلال الأيام القليلة الماضية وبطلب من وزير الصناعة كي يبدأ تنفيذ المشروع وعرضه كراس الشروط لطلب العروض الدولية لإتمامه.

 

ورغم تحركات أهالي وناشطي المجتمع المدني في وذرف طيلة الفترة الماضية من خلال تنظيم أيام تحسيسية بخطورة لمشروع أو تنفيذ وقفات احتجاجية أوعقد اجتماعات مع أطراف حكومية ومسؤولية إلا أن ذلك لم يثمر أي اتفاق لوقف المشروع الذي بات على وشك التنفيذ.

 

إضراب عام الأسبوع القادم

 

وبعد فشل كل التدخلات والمفاوضات لم يتبق أمام أهالي وذرف من حل سوى الاتفاق على تنفيذ إضراب عام حدد ليوم 16 أكتوبر الجاري، وبعد اجتماع صلب المجلس البلدي حضر خلاله أعضاء النيابة الخصوصية وثلة من المجتمع المدني وعدد من ممثلي الجمعيات تم الإعلان على ضرورة تنفيذ إضراب عام قبل أن يرى مشروع الموت النور ويصبح أمرا لا مفر منه سيقضى آجلا أن عاجلا على مختلف أنواع الحياة في المنطقة.

 

محمد بن مراد

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.